أئمة بوزارة الأوقاف المصرية يهددون بالامتناع عن خطبة الجمعة غدا

ردا على ما اعتبروه «تغولا» للتيارات السلفية على منابر المساجد

TT

بينما هدد مئات الأئمة بوزارة الأوقاف المصرية بالامتناع عن خطبة الجمعة غدا بالمساجد، للمطالبة بعدم تسييس الدعوة الإسلامية ورفض تغول وسيطرة التيار السلفي على منابر المساجد وداخل أركان الوزارة، وأيضا المطالبة بتحسين أوضاعهم المادية والأدبية، قال مصدر مسؤول بوزارة الأوقاف لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزارة تدرس مطالب الأئمة»؛ لكن لم يعلق المصدر على دعوات إضراب الجمعة.

وجاء تصعيد الأئمة بعد قيام الدكتور طلعت عفيفي وزير الأوقاف (النائب الأول لرئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح السلفية) باستبعاد جميع قيادات الوزارة القديمة وإحلال بدلا منهم قيادات تنتمي للتيار السلفي، ويرى مراقبون أن عفيفي استطاع إبعاد قيادات الأوقاف الذين ينتمون إلى نظام الرئيس السابق حسني مبارك، كأول وزير أوقاف يستطيع فعل ذلك رغم تولي وزيرين حقيبة الوزارة منذ قيام ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، لأنه حصل على الضوء الأخضر من الرئيس محمد مرسي لتطهير الوزارة.

وبدأ أئمة وزارة الأوقاف الذين تحرروا من ضغوط الأنظمة الأمنية داخل الوزارة في التحرر بعد الثورة من القيود لتأدية رسالتهم الدعوية؛ لكنهم فوجئوا بالسلفيين يسطون على منابر المساجد.

وكأولى خطوات التصعيد في عهد الوزير الجديد الذي تم اختياره بعيدا عن ترشيحات الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، نظم أئمة الأوقاف وقفة احتجاجية أمام الوزارة قبل يومين وأمس (الأربعاء) وهددوا بالاعتصام أمام القصر الرئاسي بمصر الجديدة (شرق القاهرة) للمطالبة بحقهم في شغل المناصب بالأوقاف لكونهم من أبناء الأزهر الشريف ودعاة رسميين بالوزارة وتحسين أوضاعهم المادية بإقرار كادر خاص للدعاة، واعتراف الوزير بنقابة الدعاة المستقلة التي تم إشهارها من دعاة الوزارة في يونيو (حزيران) من العام الماضي، وأعلن وقتها الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة (الذي استبعده عفيفي من منصبه مؤخرا) موافقة الوزارة على إنشاء نقابة مستقلة للدعاة بعد موافقة مجلس الوزراء المصري لحماية المنابر ممن يعتلونها من المتشددين لتشويه وسطية الإسلام.

لكن دعاة السلفية وجماعة الإخوان المسلمين رفضوا الاعتراف بالنقابة المستقلة، وقدم نوابهم في مجلس الشعب المنحل مشروع قانون لإنشاء نقابة للأئمة لا يشترط فيها أن يكون الإمام أزهريا ويتبع وزارة الأوقاف.

وطالب الأئمة المحتجون أمام الوزارة بعدم تسييس الدعوة الإسلامية، منتقدين ما سموه بـ«أسلفة الوزارة»، ورددوا هتافات من بينها: «الأزهر هو المرجعية لا سلفية ولا إخوانية»، و«مدنية.. مدنية والأزهر هو المرجعية».

من جانبه، أكد الشيخ محمد البسطويسي، نقيب نقابة الدعاة المستقلة بالأوقاف، أن «هناك محاولات لأسلفة الوزارة وعدم اتباع المنهج الأزهري الوسطي المعتدل»، محذرا من عدم تسييس الدعوة تحت أي اسم أو جماعة. وأضاف البسطويسي لـ«الشرق الأوسط»: «مطالبنا تنحصر في تحسين الوضع المعنوي والمادي للأئمة، وتمكينهم من أداء دورهم الدعوي وأخذ فرصهم في تقلد المناصب في وزارة الأوقاف».

وأشار عبد الغني هندي، ممثل الحركة الشعبية لاستقلال الأزهر، (وهي أول حركة أزهرية تكونت بعد الثورة من المشايخ للمطالبة باستقلال المؤسسة الأزهرية)، إلى وجود محاولة لتشويه مسار التدين عند الشعب المصري القائم على مرجعية الأزهر الشريف والوسطية، بعد قرار تعيين عدد من مستشاري الوزير في الوزارة ينتمون إلى التيار السلفي، كنوع من الاستبدال بـ«الوسطية» «التشدد».

وأدان هندي، إقصاء القيادات المعروفة بولائها للفكر الوسطي المرتبط بمرجعية الأزهر الشريف. لكن وزير الأوقاف قال: إن «المنهج الأزهري خط أحمر بالنسبة للدعوة».

وأكد الدكتور عفيفي أن «الارتقاء بالأئمة هو أهم أولوياته التي تساعده على تطوير الدعوة الإسلامية»، موضحا أن «مطالب الأئمة كلها مطالب شرعية يجب تنفيذها».

وقال مصدر المسؤول إن «الوزير لم يحدد موعدا لتنفيذ هذه المطالب»، مضيفا أن «الدكتور عفيفي يدرس جميع مطالب الأئمة بما فيها وضع النقابة المستقلة بعد استكمال تطهير الوزارة والمديريات التابعة لها في محافظات مصر».

في السياق ذاته، قلل مصدر مقرب من وزير الأوقاف مما أعلنه الأئمة بالامتناع عن إلقاء خطبة الجمعة، قائلا: إن «جميع أئمة المساجد ملتزمون بأداء الخطبة وإن فئة قليلة هي من دعت لذلك»، مؤكدا أن هذا الإضراب لن يلقى استحسانا من أئمة الأوقاف.

لكن الشيخ محمود الأبيدي، إمام وخطيب بمحافظة الدقهلية (شمال شرقي القاهرة)، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «تلك الوقفات هي بداية لسلسلة من المظاهرات الاحتجاجية حتى يتم تنفيذ مطالب الدعاة»، مؤكدا أن «الأئمة سينظمون وقفات احتجاجية أمام وزارة الأوقاف وقصر الاتحادية بحي مصر الجديدة إذا لم تستجب السلطات لهم قبل يوم الجمعة، وسوف يمتنعون عن خطبة الجمعة غدا». فيما اقترح الشيخ سالم جمال الهنداوي، الإمام بوزارة الأوقاف، أن يبدأ الاعتصام المفتوح من بعد خطبة الجمعة مباشرة على أن يجتمع الأئمة على مستوى محافظات مصر في الجامع الأزهر بحي الحسين الشهير، لكن هذه الدعوة لم تلق صدى إيجابيا بين الدعاة.