الولايات المتحدة تدفع وكالة الطاقة لمطالبة إيران بوقف نشاطها النووي والسماح للمفتشين بزيارة المواقع

توتر أميركي إسرائيلي حول القدرات العسكرية لإيران.. والكونغرس يطالب بتعزيز الدرع الأميركية المضادة للصواريخ

TT

تقدمت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وألمانيا والصين وبريطانيا باقتراح لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة لزيادة الضغوط الدبلوماسية على إيران لوقف الأبعاد العسكرية لبرنامجها النووي والسماح لمفتشي الوكالة بدخول المواقع التي يجري فيها تخصيب اليورانيوم.

وطالبت الدول الست إيران بالتعاون مع طلبات الوكالة الدولية من أجل إعادة الثقة في الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي، وأبدت الدول الست «قلقا بالغا» إزاء القدرات النووية لإيران التي يشتبه في أنها تريد تطوير قدراتها لإنتاج أسلحة نووية لها أهداف عسكرية، مما يأتي تحديا لقرارات مجلس الأمن الدولي. وأبرزت مسودة الاقتراح قلقا، خاصة من موقع فوردو الإيراني تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم الذي قامت إيران بمضاعفة قدراته خلال الشهور الثلاثة الأخيرة. كما أشارت المسودة إلى بلاغ وكالة الطاقة الذرية عن مواد مفقودة من مواقع إيرانية تحت المراقبة، مما يشير إلى احتمالات أن طهران تستخدمها في مكان آخر بغرض صنع أسلحة نووية.

وتتصاعد الضغوط الدولية على إيران لتهدئة المخاوف من قدرتها على امتلاك قدرة على تصنيع قنابل نووية، وتتزايد المخاوف من احتمال وقوع هجوم عسكري إسرائيلي محتمل على إيران، خاصة بعد تصعيد رئيس الوزراء الإسرائيلي من تهديداته بمهاجمة إيران دون انتظار للولايات المتحدة لوضع «خط أحمر» للقدرات النووية لإيران. ويقوم مجلس وكالة الطاقة الذرية الذي يضم 35 دولة بالتصويت على القرار اليوم (الخميس)، فيما تحاول الولايات المتحدة إقناع روسيا والصين بدعم القرار والتأكيد على أن الدبلوماسية هي البديل الأفضل لاستخدام القوة العسكرية في الضغط على إيران. وأشار دبلوماسيون إلى أن روسيا والصين مقتنعتان إلى حد كبير بضرورة وحدة القوى الكبرى في إرسال رسالة إلى إسرائيل بأن الدبلوماسية تعمل بشكل حاسم.

وأشارت وكالة «أسوشييتد برس» إلى أن الوكالة الدولية للطاقة تلقت معلومات مخابراتية تشير إلى أن إيران تقدمت خلال السنوات الثلاث الماضية في عملها في حساب القوة التدميرية للرأي النووي الحربي من خلال سلسلة نماذج حاسوبية.

وقد تزايدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول القدرات النووية لإيران، وزاد منها إعلان البيت الأبيض مساء أول من أمس عن عدم لقاء الرئيس أوباما برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الحالي بنيويورك. وأوضح البيت الأبيض في بيان مساء الثلاثاء أن «الرئيس أوباما تحدث مع رئيس الوزراء نتنياهو لمدة ساعة هذا المساء (مساء الثلاثاء) في إطار مشاوراتهما الدائمة. وبحث الزعيمان التهديد الذي يمثله البرنامج النووي الإيراني، وتعاوننا الوثيق حول الملفين الإيراني والأمني». وأضاف أن «الرئيس أوباما ورئيس الوزراء نتنياهو شددا على أنهما موحدان في عزمهما على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وقررا البقاء على اتصال».

وبعد الإعلان عن أن أوباما ونتنياهو لن يلتقيا خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لاختلاف في المواعيد، أضاف البيت الأبيض مع ذلك أنه «خلافا لكل المعلومات التي ظهرت في الصحافة فإن رئيس الوزراء نتنياهو لم يطلب أبدا موعدا للقاء الرئيس أوباما في واشنطن، وأن مثل هذا الطلب لم يرفض أبدا».

ورغم أن مصادر غربية قد أبدت في حديث مع «الشرق الأوسط» غبطتها لما وصفته بـ«نجاح دبلوماسي»، فإن الصين وروسيا لن توافقا على طرح مشروع القرار رغم جهود مكثفة يقوم بها وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي خاصة ألمانيا وبريطانيا لزيادة العقوبات ضد إيران وتشديد حدة قرارات المقاطعة مما سيؤثر سلبا على مصالح روسية وصينية تتعامل مع إيران. فقد أعلن سيرغي لافروف، وزير خارجية روسيا، عن استنكار بلاده لأي محاولات تستهدف اتخاذ إجراءات جديدة أحادية الجانب ضد إيران من جانب مجلس المحافظين للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال في تصريحات أدلى بها في الأستانة عاصمة كازاخستان ونقلتها وكالة أنباء «ريا نوفوستي» إن مجلس محافظي الوكالة يبحث اتخاذ مثل هذه الإجراءات التي وصفها بأنها «صارمة جدا» ضد إيران. وأعرب عن أمل بلاده في أن يراعي المجلس المبادرة الموحدة التي تقدمت بها كل من روسيا والصين وتتضمن إتاحة الفرصة أمام توفير الظروف الملائمة لاستئناف مفاوضات إيران مع الأطراف المعنية.

وأشار الوزير الروسي إلى أن «روسيا والصين اقترحتا أن توافق (السداسية) على بيان يتضمن وجهة نظر البلدين التي تتضمن السبل المناسبة التي يمكن أن تفضي إلى تسوية المشكلة من خلال المفاوضات». وقال «لقد اعتمد البيان على المبادئ التي تضمنها القرار الذي اتخذه مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل سنة، ويتضمن دعوة إيران والوكالة إلى البحث عن سبل لتسوية المشاكل العالقة». وأضاف لافروف أن الشركاء الغربيين «أقروا تلك المفاهيم والصيغ التي تضمنها البيان الروسي - الصيني المشترك. لذلك شعرنا بإمكانية اعتبار البيان المذكور قرارا، يتضمن صيغا تدعو إلى المفاوضات وليس إلى استخدام القوة في حل المشاكل. وهو حاليا معروض على مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأشارت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» إلى أن الوزير الروسي أعرب عن يقينه بأن الموافقة على هذا البيان ستكون بالإجماع، ونقلت قوله حول أن «البلدان الغربية وجدت في نفسها القوة للاعتراف بأن الأفكار الإجبارية التي تقترحها غير مثمرة وغير مجدية».

وفي غضون ذلك، هاجم رئيس المعارضة الإسرائيلية، شاؤول موفاز، من على منبر الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أمس، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومساعديه، على تدخلهم الفظ في معركة الانتخابات الداخلية في الولايات المتحدة، وتحريضهم السافر ضد الرئيس باراك أوباما. وقال إن على الحكومة أن تحدد بالضبط من هو عدو إسرائيل الحقيقي، إيران أم الولايات المتحدة. وقال موفاز إن العلاقات الإسرائيلية الأميركية تدهورت إلى أدنى مستوى لها منذ إقامة إسرائيل قبل 64 سنة، بسبب سياسة رئيس الوزراء نتنياهو، وإن طبول الحرب لم تقرع في إسرائيل مثلما تقرع في زمن هذه الحكومة. ثم توجه موفاز بالسؤال المباشر إلى نتنياهو «قل يا سيدي رئيس الحكومة: من هو عدونا الحقيقي والأكبر، إيران أم الولايات المتحدة؟ وممن تخاف أكثر، من محمود أحمدي نجاد (رئيس الجمهورية الإيرانية) أم باراك أوباما؟ أي نظام حكم تريد تغييره، نظام الحكم في طهران أم في واشنطن؟ أوضح لي يا سيدي رئيس الحكومة، ما هي الخطوط الحمراء التي تضعها لنفسك في الصراع مع البيت الأبيض؟ وإلى أي حضيض تريد أن تصل بالعلاقات مع أكبر حليف لإسرائيل؟ وما هي الثقافة التي تريد تمريرها في المجتمع الإسرائيلي بالتسريبات الحساسة المخيفة من أبحاث الحكومة وقيادة الجيش حول إيران؟». وقال موفاز «إنه أصبح واضحا أن حربا ضد إيران لن تتم في سنة 2012، فلماذا هذا التوتر الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية في العالم وتدخل بسببه في نقاشات حادة وخلافات وحتى صدامات مع أصدقاء إسرائيل المقربين، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وغيرها؟».

وقد رد على موفاز باسم الحكومة نائب رئيس الحكومة وزير الشؤون النووية والاستخبارات، دان مريدور، المعروف هو أيضا بمعارضته توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران، فاعترف بأن لغة الخطاب المستخدمة في إسرائيل مست بالعلاقات مع واشنطن، ودعا إلى وقف الثرثرة من جميع الأطراف. وعلى عكس موقف رئيس حكومته، قال مريدور إن العقوبات التي فرضها الغرب على إيران حققت نتائج ملموسة على أداء الحكومة الإيرانية، وأدت إلى تأخير جديد في إنتاج السلاح النووي، لكن ذلك لا يكفي، وهناك حاجة لمزيد منها «لأن القيادة الإيرانية لم تتخل بعد عن نيتها لأن تصبح دولة نووية».

إلى ذلك، طالب الكونغرس الأميركي بتقرير لتوضيح وضع النظام الصاروخي الأميركي الحالي وإمكانياته باعتباره أفضل وسيلة لمواجهة التهديدات المستقبلية من إيران أو كوريا الشمالية. ويعد النظام الصاروخي الأميركي الموجود على الساحلين الشرقي والغربي للولايات المتحدة من أحدث الأنظمة الصاروخية وأجهزة الرادارات. ودعت لجنة في المجلس الوطني الأميركي للأبحاث إلى إقامة موقع لاعتراض الصواريخ الباليستية في شمال شرقي الولايات المتحدة للتصدي لتهديد يقول بعض الخبراء إن إيران قد تشكله خلال سنوات معدودة.

وقالت اللجنة في تقرير كلفها به الكونغرس الأميركي ونشر أول من أمس الثلاثاء إن خطة الدفاع الأميركية الراهنة التي تقوم على إقامة درع مضادة للصواريخ تعززها قدرات للتعقب المبكر في أوروبا «مكلفة جدا وذات فعالية محدودة». وأنفقت الإدارات الأميركية المتعاقبة نحو عشرة مليارات دولار في العام على إقامة درع لاعتراض عدد محدود من الصواريخ الباليستية التي قد تطلقها دول مثل إيران أو كوريا الشمالية أو احتواء عملية إطلاق غير مقصودة لصاروخ ما.

ويعد هذا التقرير من أكثر جهود الأبحاث والتنمية تكلفة في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، وكان الدافع وراءه مخاوف من الرؤوس الكيماوية والبيولوجية والنووية. وأوصت لجنة تقييم المفاهيم والأنظمة لمرحلة الدعم للدفاع الصاروخي مقارنة بالبدائل الأخرى بإقامة موقع لاعتراض الصواريخ على الساحل الشرقي على سبيل المثال في فورت درام بنيويورك أو في شمال ولاية مين.