باكستان تشيع ضحايا حرائقها وانتقادات لقواعد السلامة الصناعية

261 التهمتهم النيران في مصانع بأكبر مدينتين والتحقيق يركز على الاكتظاظ وغياب مخارج الطوارئ

مساع لإنقاذ العمال بعد نشوب الحريق في مصنع للملابس بكراتشي أمس (أ.ف.ب)
TT

بدأ الباكستانيون أمس تشييع ضحايا الحرائق التي نشبت في مصانع بأكبر مدينتين في البلاد وأثارت تساؤلات حادة حول قواعد السلامة الصناعية في أماكن العمل، فقد قتل 250 شخصا في مصنع للملابس في كراتشي في أسوأ حريق تشهده هذه المدينة الواقعة على بحر العرب منذ عقود بعد ساعات من مقتل 21 شخصا في مصنع للأحذية في لاهور القريبة من الحدود مع باكستان. وأصيب العشرات في كراتشي بعد أن قفزوا من النوافذ في المصنع المؤلف من أربعة طوابق هربا من النيران التي اندلعت مساء أول من أمس. واشتبك أقارب الضحايا الذين كانوا يبكون ويصرخون، مع رجال الشرطة لدى محاولتهم الدخول إلى المصنع الليلة قبل الماضية، فيما سعى المنقذون إلى العمل طوال الليل.

وقال قائد الشرطة في كراتشي إقبال محمود: «عثر عمال الإنقاذ على 240 جثة، ونخشى أن يتم العثور على المزيد مع استمرار العمل». وقال رئيس مديرية الإطفاء في كراتشي احتشام سليم إنه تم العثور على عشرات الجثث في الطابق تحت الأرضي من المصنع. وأضاف: «عثرنا على عشرات الجثث في غرفة كبيرة في الطابق السفلي في المصنع الذي احترق تماما وكانت أجزاء منه لا تزال تحترق، ولكننا أخمدنا النيران قبل أن ننقل الجثث إلى المستشفيات». وقال الطبيب عبد السلام في مستشفى كراتشي المدني إن القتلى قضوا حرقا وإن 65 عاملا على الأقل أصيبوا بكسور بعد أن قفزوا من النوافذ هربا من النار. وقال سليم إن المصنع خطر لأن بناءه كان هشا وكان يفتقر إلى مخارج الطوارئ، كما أن جدرانه كانت متصدعة، ما عرض العمال إلى مزيد من الخطر. وتابع قائلا إن المصنع «كان مكتظا كعلبة صغيرة، ولم تكن التهوية فيه كافية. عثرنا على جثث أشخاص ماتوا اختناقا بسبب الدخان السام للغاية. وبعد أن ماتوا احترقت جثثهم بسبب النيران المستعرة».

وطبقا للعاملين فقد كان المصنع ينتج الملابس الداخلية والأدوات البلاستيكية. وقال سليم إن الكارثة كانت الأكبر في كراتشي منذ عقود «من حيث عدد القتلى». وقال محمد سليم (32 عاما)، الذي كسرت قدمه عندما قفز من الطابق الثاني، إنه كان هو وزملاؤه يعملون حتى وقت متأخر من أول من أمس. وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «كان الأمر فظيعا، فقد امتلأ الطابق بأكمله بالنار والدخان، وكانت الحرارة مرتفعة للغاية ما جعلنا نندفع نحو النوافذ ونكسر الحاجز الفولاذي والزجاجي ونقفز منها. كان الأمر مؤلما للغاية. شاهدت أشخاصا يقفزون من النوافذ ويصرخون من الألم طلبا للنجدة». وقال إن نحو 150 شخصا كانوا يعملون في المصنع الذي يعمل بثلاث مناوبات على مدار الساعة.

وقال مسؤولون إن سبب الحريق غير معروف، إلا أن رؤوف صديقي وزير الصناعة لولاية السند الجنوبية وعاصمتها كراتشي، قال إنه يجري التحقيق مع مالك المصنع بتهمة الإهمال. وأضاف صديقي: «لقد أمرنا بفتح تحقيق حول كيفية اندلاع النار ولماذا لم تكن تتوفر في المصنع مخارج طوارئ مناسبة تمكن العمال من الفرار».

وفي لاهور اندلعت النيران في مصنع للأحذية ما أدى إلى مقتل 21 عاملا وإصابة 14 آخرين، بحسب مسؤولين محليين وأطباء. وقال المسؤول الحكومي طارق زمان إن سبب الحادث هو عطل في المولد الكهربائي.

يذكر أنه في يناير (كانون الثاني) 2009 قتل 40 شخصا، أكثر من نصفهم من الأطفال، عندما اندلعت النيران في عدد من المنازل الخشبية في حي بالديا الفقير في كراتشي. وتعد صناعة الملابس مهمة في اقتصاد باكستان المتعثر. وطبقا لبيانات البنك المركزي فإن صناعة الملابس ساهمت بنسبة 7.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لباكستان في عام 2011، وشغلت 38 في المائة من اليد العاملة في قطاع التصنيع، وشكلت ما نسبته 55.6 في المائة من إجمالي الصادرات. وقال نعمان أحمد من جامعة إن آي دي للهندسة والتكنولوجيا في كراتشي إن عددا قليلا من المصانع والشركات تطبق قانون السلامة وتوفر مخارج الحريق بسبب عدم وجود رقابة فعالة. وأضاف: «معظم مراكز التسوق والأسواق كذلك غير مزودة بآليات السلامة، وهو ما يتعين على السلطات مراجعته جديا، وإلا فإنه يمكن أن يتسبب في مزيد من المآسي الأسوأ في المستقبل». ويقول منتقدون إن الفساد يستشري في الحكومة الباكستانية وإنها غير قادرة على التركيز على سلامة العمال ومجموعة أخرى من المشاكل من انقطاع التيار الكهربائي المتكرر إلى تفشي الفقر إلى تمرد لحركة طالبان إلى انتشار الجريمة.