جدل حول تعيين كرزاي مقربا منه رئيسا للاستخبارات

حقوقيون قلقون إزاء ماضي أسد الله واحتمال سعيه لحماية مصالح الرئيس بعد تنحيه

أسد الله خالد
TT

أثار تصميم الرئيس الأفغاني حميد كرزاي على تعيين مساعده المقرب أسد الله خالد في منصب مدير جهاز الاستخبارات حالة من الجدل والانقسام بين المسؤولين الغربيين هنا، حيث عبر البعض عن قلقهم مما يثار حول تورطه في قضايا تعذيب واتجار بالمخدرات، فضلا عن أن وجوده في هذا المنصب الرفيع سيكون بمثابة نكسة لأفغانستان.

ويرى مسؤولون غربيون أن خالد قد يكون بمثابة ذراع سياسية وأمنية قوية لكرازي، لا سيما أنه يتمتع بشخصية جذابة، ولديه سجل حافل في مواجهة حركة طالبان، علاوة على علاقته الوثيقة بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وعدد كبير من الفصائل الأفغانية المختلفة. وإذا ما تأكد تعيينه رئيسا لجهاز الاستخبارات الأفغاني المعروف باسم إدارة الأمن الوطني، خلال الأسبوع الحالي، فإنه سيكون في وضع يمكنه من مساعدة كرزاي بعد انتهاء فترة ولايته عام 2014.

ومنذ اغتيال الأخ الأصغر غير الشقيق للرئيس الأفغاني أحمد والي كرزاي العام الماضي، أصبح خالد أحد أفراد أسرة كرزاي تقريبا. وينتمي خالد لقبائل البشتون ولديه مهارات سياسية فذة، وأثبت أنه من أشد الموالين للرئيس، علاوة على أنه يعمل كنقطة وصل بين الرئيس وبعض القادة السابقين في تحالف الشمال، الذين لا يزالون يلعبون دورا مهما في دعم كرزاي، لكنهم يشعرون بالقلق من تعاطف مساعدي الرئيس مع باكستان.

وعلى النقيض من ذلك، يتم النظر إلى خالد على أنه خصم كبير لباكستان. وكان أمر الله صالح، وهو مسؤول سابق بتحالف الشمال والمدير السابق لجهاز الاستخبارات الأفغاني والمعارض الحالي لحكومة كرزاي، قد وصف خالد بأنه «رجل طيب» معروف بشجاعته وعلاقاته القوية بمختلف الفصائل. وأضاف «إنه يعرف قادة في الشمال وفي الجنوب، ولذا فهو يستطيع الربط بين الاثنين».

ومع ذلك، أثار ترشيحه لمنصب رئيس جهاز الاستخبارات الأفغاني قلق المنظمات الحقوقية وبعض المسؤولين الغربيين والأفغان الذين ركزوا على الادعاءات المتواصلة بأنه كان يشرف على أحد السجون التي كانت تمارس التعذيب عندما كان حاكما لمدينة قندهار منذ عدة سنوات. وقال هؤلاء المسؤولون، من بين أكثر من 20 مسؤولا تم إجراء مقابلات معهم وتحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن خالد سوف يقوض المجهود الذي يبذل منذ عشر سنوات في سبيل تحول البلاد إلى النموذج الذي يحترم حقوق الإنسان، إذا ما استخدم جهاز الاستخبارات كسلاح للقمع. وقال أحد الدبلوماسيين الغربيين «لو قامت الجهات الأمنية الأفغانية باستخدام الأساليب الأكثر بشاعة لمكافحة التمرد باسم تحقيق قدر أكبر من الأمن، فإنها بذلك تضحي بعناصر سيادة القانون والمساءلة التي تعد صلب نجاح عملية التحول الديمقراطي».

ولم يستجب خالد لطلب بإجراء حوار معه، لكنه نفى الادعاءات بتورطه في قضايا فساد وانتهاكات لحقوق الإنسان. وقال مؤيدوه إن هذه الاتهامات ذات دوافع سياسية في العديد من الحالات، وإنه لم يفعل أي شيء أسوأ مما يقوم به غيره من المسؤولين البارزين.

وبينما تنتهي المدة القانونية لبقاء كرزاي في السلطة – وبقاء قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان أيضا – بعد عامين من الآن، أصبح هناك العديد من التكهنات بشأن الخطوة التي سيقدم عليها كرزاي، فيقول البعض إنه قد يسير على خطى ما يحدث في روسيا بين بوتين وميدفيديف ويعقد اتفاقا مع شخص موثوق لديه لرئاسة البلاد في المرحلة المقبلة ثم يستعيد السلطة مرة أخرى، في حين يرى آخرون أنه قد يلجأ لتعديل القيود المفروضة على فترات الترشح للرئاسة، ويرى فريق ثالث أنه قد يدعم شقيقه قيوم كرزاي (صرح مسؤول بأن كرزاي قد أبلغ بعض الدبلوماسيين بأنه ينوي التنحي ولا يريد القيام بأي شيء يعكر صفو عملية التحول السياسي التي تشهدها البلاد).

والأمر المؤكد الآن هو أن خالد سيلعب دورا محوريا، إذا ما تأكد تعيينه في ذلك المنصب الرفيع، في أي من هذه السيناريوهات. وعندما كان يشغل منصب وزير الحدود وشؤون القبائل، ساعد خالد كرزاي بشكل كبير خلال الانتخابات التي شهدتها البلاد عام 2009، وكانت هناك بعض الادعاءات بأنه قد استخدم «معظم الميزانية المخصصة لوزارته للقيام بذلك»، حسب إحدى البرقيات الدبلوماسية الأميركية التي كشف عنها موقع «ويكيليكس».

ويرى مسؤولون أن كرزاي قد منح خالد قوة وثقة لا حدود لهما خلال العام الماضي. وعقب مقتل شقيقه أحمد والي كرزاي، عهد الرئيس الأفغاني بالملف الأمني لخالد في جنوب أفغانستان، كما عهد إليه بتأمين مشروعات العائلة في مدينة قندهار. وقال دبلوماسي غربي آخر «إنه على وشك أن يصبح أحد أفراد العائلة»، مشيرا إلى أنه حظي بثقة كبيرة جعلت الرئيس يرسله إلى قندهار «للتأكد من حماية مصالح كرزاي».

وفي تعليقه على العلاقة بين كرزاي وخالد، قال دبلوماسي غربي سابق «كان بمثابة الأب مع الابن الذي يتمنى له التوفيق». وعن رأيه في تعيين خالد كمدير لجهاز الاستخبارات الأفغاني، قال الدبلوماسي السابق «لو كان 80 في المائة من هذا المنصب يركز على النواحي الأمنية، فإنه مناسب تماما، لكن إذا كان 80 في المائة من المنصب يركز على إنشاء مؤسسات تحقق مبدأ المساءلة وتطبيق القانون، فربما لا يكون الخيار الأمثل».

كان خالد يعمل في السابق مع عبد رب الرسول سياف، أحد قادة الجهاد الأفغاني ضد السوفيات في الثمانينات. ولا يزال سياف من المؤيدين لكرزاي ويضغط عليه حتى يشغل مناصب مهمة. وكان سياف أحد الداعمين الأقوياء لخالد عندما كان حاكما لمدينة غزني في ربيع عام 2002.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن خالد، مهما كان ماضيه، بارع بالدرجة التي تمكنه من التعامل مع تحذيرات المسؤولين الذين يشعرون بالقلق من الآثار المترتبة على أفعاله، وأضاف «سوف نشجعه على السير في الاتجاه الصحيح. أسد الله خالد شخص يمكننا العمل معه».

* أسهم في إعداد التقرير غراهام بولي

* خدمة «نيويورك تايمز»