اليمن: اقتحام مبنى السفارة الأميركية و4 قتلى.. وهادي يعتذر لأوباما

مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط»: عناصر مرتبطة بإيران حرضت على الهجوم.. و«قصور أمني»

محتجون يمنيون يضعون علما يحمل كلمة التوحيد مكان العلم الأميركي فوق مبنى السفارة الأميركية في صنعاء (أ.ب)
TT

قتل أربعة أشخاص وأصيب أكثر من 31 جريحا، بعد مواجهات عنيفة بين قوات الأمن اليمنية ومتظاهرين محتجين اقتحموا السفارة الأميركية في صنعاء أمس، في سياق ردود الفعل على الفيلم الأميركي المسيء للرسول الكريم، فيما توعد الرئيس اليمني عبد ربه منصور من وصفهم بـ«الجماعات الغوغائية» بمعاقبة رادعة، وشكل لجنة تحقيق لمعرفة ملابسات الحادثة.

وأكد مصدر مسؤول في وزارة الصحة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» سقوط قتلى ومصابين، أثناء فض قوات الأمن للمظاهرة أمام السفارة الأميركية. وقال المصدر «إن الإحصائية الأولية لضحايا الأحداث في محيط السفارة الأميركية بلغت ثلاثة قتلى، و28 جريحا، موزعين على مستشفيات: الثورة، والشرطة، والحرمين، فيما أكد مصدر طبي في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا الأهلي، وجود قتيل وثلاثة جرحى في المستشفى، ليرتفع عدد القتلى إلى أربعة، والمصابين إلى 31 شخصا».

واتهم مصدر رسمي مسؤول في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، طلب حجب اسمه، من سماهم «العناصر المرتبطة بإيران بالقيام بعملية التحريض على نهب السفارة الأميركية في صنعاء»، وقال «قامت بعض العناصر المحسوبة على إيران من الحوثيين بتحريض بعض المراهقين والمغرر بهم لنهب ومهاجمة السفارة الأميركية في صنعاء في أسلوب ينم عن همجية غير مقبولة». وأضاف «اليمن يدين مثل هذه الأفعال التي لا تخدم علاقات اليمن بأصدقائه، والتي تسيء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) قبل أن تسيء للآخرين». ولمح المصدر إلى وجود تقصير في الأداء الأمني، الأمر الذي أدى إلى تدفق المئات إلى داخل حديقة السفارة بعد أن تمكنوا من اقتحامها.

وأوضح مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن «مئات المتظاهرين الغاضبين اقتحموا مجمع السفارة المحاط بعدة حواجز أمنية، ظهر أمس، وتمكنوا من الدخول إلى حديقة السفارة، وأحرقوا أكثر من ست سيارات، كما اقتحموا مكتب استعلامات السفارة، وعبثوا بمحتوياته، ونهبوا أجهزة ومعدات من مكاتب السفارة». وأضاف أن «قوات الأمن اعتقلت أكثر من سبعة أشخاص، على ذمة هذه الأحداث، ويجري التحقيق معهم، لتحويلهم إلى الجهات المختصة». وتحاط السفارة الأميركية التي تقع وسط منطقة شعبية، شرق العاصمة صنعاء، بإجراءات أمنية مشددة، وذكر أحد المهاجمين على السفارة أن قوات الأمن وحراسة السفارة الأميركية لم يستطيعوا منعهم من الدخول. وقال مجاهد لـ«الشرق الأوسط»: «اقتحمنا مقر السفارة ودخلنا ساحتها وأحرقنا سيارات، وأنزلنا العلم الأميركي، نصرة لرسولنا الكريم».

وطوقت قوات الأمن والشرطة العسكرية، وقوات مكافحة الشغب، محيط السفارة، وسيطرت على الوضع الأمني هناك، وأغلقت كل الشوارع المؤدية إلى السفارة، بعد نحو ثلاث ساعات من الاقتحام. وذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن «العشرات من اليمنيين، ينتمي معظمهم إلى جماعة الحوثيين، خرجوا في مسيرة إلى السفارة الأميركية، رافعين شعارات، ولافتات، تندد بالإساءة إلى الرسول الكريم، لينضم إليهم بشكل عفوي شباب وأطفال من الأحياء المحيطة بالسفارة». وأكد شهود العيان أنهم شاهدوا عددا من شباب المسيرة يقومون بكتابة شعارات «الموت لأميركا» على جدران السفارة من الداخل، فيما رفعوا قطعة قماشية بيضاء مكتوبا عليه «لا إله إلا الله»، على المبنى بعد إنزال العلم الأميركي وإحراقه.

وتوعد الرئيس اليمني عبد ربه منصور «بمعاقبة رادعة للمسيئين والمتسببين في اقتحام السفارة الأميركية، وشكل لجنة للتحقيق في ذلك». وقدم هادي في تصريح صحافي نقلته وكالة الأنباء الرسمية، اعتذاره «للرئيس الأميركي باراك أوباما ولشعب الولايات المتحدة الأميركية لما حدث، وأكد له أنه يتابع الوضع عن كثب». واتهم هادي من وصفهم بـ«الجماعات الغوغائية التي لا تعي ولا تدرك المخططات البعيدة المرامي من قبل القوى الصهيونية خصوصا التي قامت بتأليف ونشر فيلم مسيء للرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)»، مشيرا إلى أن «هذه المخططات تهدف إلى الإضرار بالعلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية». وأوضح أن «هذه الجماعات استغلت عدم الاستعدادات الأمنية اللازمة، والتي جاءت في ظروف الانقسامات في صفوف الأمن جراء الأزمة السياسية التي نشطت مطلع عام 2011».

بينما عبرت حكومة الوفاق الوطني عن أسفها ورفضها الشديد للاعتداء الذي حدث، وقالت في بيان صحافي «إنه لا ينبغي تحميل الحكومة الأميركية المسؤولية عن هذا الفيلم المسيء للرسول الكريم». وطالبت حكومة الوفاق «الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات ضد منتجي الفيلم، في إطار القوانين والمواثيق الوطنية والدولية التي تجرم الأفعال التي من شأنها إثارة الفتن على أساس العرق أو اللون أو الدين»، مؤكدة أنها «ستتحمل مسؤوليتها الكاملة في توفير الإجراءات الأمنية الضرورية لحماية كل السفارات والبعثات الدبلوماسية في البلاد والعاملين».

بينما اعتبرت لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار أن «أي اعتداء على مؤسسات الدولة والسفارات والقنصليات والقطاعين العام والخاص يندرج ضمن الأعمال الإرهابية التخريبية المدانة». وأكدت أن «جميع وحدات وضباط وأفراد الحماية المكلفين، لديهم تعليمات صريحة بالتعامل الصارم مع أي شكل من أشكال العنف والتدمير والتخريب».

وأدانت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية «الاعتداء على السفارة الأميركية، وحملت الجهات الداعية للمسيرة كامل المسؤولية»، مؤكدة أن الهدف منها «عرقلة قرارات الرئيس». ودعت اللجنة للمشاركة الكبيرة في جمعة «رسول الرحمة والسلام». ويتخوف مراقبون من حدوث أعمال عنف وفوضى، اليوم الجمعة، بعد إطلاق دعوات لإقامة مسيرات احتجاجية بعد صلاة الجمعة اليوم.