خبراء ومسؤولون سابقون يحذرون الإدارة الأميركية من شن هجمة عسكرية ضد إيران

الضربة العسكرية تؤخر قدرات إيران لتصنيع سلاح نووي لأربع سنوات.. ولا توقفها

ايرانيات يحملن صورا للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في تظاهرة أمام السفارة السويسرية في طهران أمس (ا.ب)
TT

حذرت مجموعة تضم ثلاثين من السفراء والجنرالات المتقاعدين وخبراء السياسة الخارجية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، من هجوم أميركي أو إسرائيلي محتمل على المنشآت الإيرانية النووية. وقالت في تقرير أرسلته للإدارة الأميركية، أمس الخميس، إن ضربة عسكرية أميركية على إيران قد تؤدي إلى الإضرار بقدرة المنشآت النووية الإيرانية، لكن ذلك من شأنه فقط تأخير سعي الجمهورية الإسلامية لصنع قنبلة نووية. وقال التقرير إن القيام بعمل عسكري بهدف الإطاحة بالنظام الإيراني، وتقويض النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، سيتطلب عمليات برية على الأراضي، واحتلال جزء أو كل البلاد، وسيتكلف مبالغ تفوق تكلفة حربي العراق وأفغانستان مجتمعتين.

وقال التقرير «نظرا لحجم إيران الكبير وعدد السكان وقوة القومية الإيرانية، فإننا نقدر أن احتلال إيران سوف يتطلب التزاما من الموارد والموظفين أكبر مما أنفقته الولايات المتحدة خلال السنوات العشر الماضية في العراق وأفغانستان معا».

وأكد التقرير أن أي هجوم على إيران قد يؤدي إلى تأخير قدرات إيران في تصنيع سلاح نووي لمدة أربع سنوات، لكن ستكون له عواقب أخرى، مثل حشد الشعب الإيراني وراء النظام الحالي في طهران، وترسيخ استمرار الحكومة الإيرانية في السلطة. وقال المشاركون في التقرير «نعتقد أن ضربة عسكرية لن تؤدي إلى تغيير النظام أو انهياره أو استسلامه، بل إن مثل هذا الهجوم من شأنه أن يزيد الحافز لدى إيران لصنع قنبلة كوسية لمنع الهجمات الأميركية في المستقبل، ومداواة لمشاعر الذل التي سيخلفها هذا الهجوم عليها».

وتضم المجموعة التي صاغت التقرير شخصيات سياسية مهمة، مثل الجنرال المتقاعد أنتوني زيني، ومستشار الأمن القومي السابق برنت سكوكروفت، ونائب وزيرة الخارجية السابق ريتشارد أرميتاج. وأيد عدد كبير من الديمقراطيين الآراء الواردة في الورقة، مثل السيناتور الديمقراطي السابق سام نان، وعضو مجلس الكونغرس السابق لي هاميلتون، ومسؤولة الخارجية السابقة آن ماري سلوتر، ومستشار الأمن القومي الأسبق زبيغنيو بريجنسكي، ورئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق بول فولكر، والأدميرال ويليام فالون.

وقال توماس بيكرينغ، السفير السابق لدى الأمم المتحدة والعضو بالمجموعة - الذي أجرى اتصالات غير رسمية مع المسؤولين الإيرانيين خلال الأشهر الماضية «اتخاذ قرارات الأمن القومي الكبيرة أمر ليس سهلا، ويجب أن يفهم الناس أن الأمر ليس توجيه ضربة قاضية، فهذه قضايا صعبة للغاية». وأضاف بيكرينغ إذا اتضح أن الولايات المتحدة أو إسرائيل قامت بقصف المنشآت الإيرانية النووية قبل أن تقرر طهران بناء سلاح نووي بالفعل، فإن المعارضة الإيرانية لبناء سلاح نووي يمكن أن تتبخر، والرسالة التي توجهها المجموعة لا تستبعد الحاجة إلى تدخل عسكري، لكنها تشير إلى أن ضربة عسكرية قد تكون مطلوبة فقط إذا اتجهت إيران لبناء سلاح نووي».

وتعتقد المجموعة أن الهجمة يمكن أن تأتي من خلال دول أخرى، مع إظهار التزام الولايات المتحدة بحماية حلفائها في الشرق الأوسط. وأوضحت المجموعة أنها لا تعارض القيام بعمل عسكري خارج الحدود، لكنها تدعو إلى الحاجة لمناقشات أكثر استفاضة حول عواقب شن هجوم على إيران. ويرى الديمقراطيون أن قضايا السياسة الخارجية هي إحدى نقاط القوة لدى الرئيس أوباما في منافسة المرشح الجمهوري ميت رومني، لكنهم يخشون من ضعف موقفه حين يتعلق الأمر بتعامله مع الملف النووي الإيراني وإسرائيل، ويرون أن انتهاج مبادرة لاستخدام القوة العسكرية قد يكون مفيدا للرئيس أوباما.

وقال الجنرال غريغ نيوبولد، أحد الموقعين على التقرير «إنني أشعر بقلق بالغ على أن قضية أمننا الوطني قد تكون ضحية الحملات الانتخابية، حيث سيقوم كل طرف بتضخيم القضية لتحقيق مكاسب سياسية». وأضاف «على الرغم من النجاح العسكري المحدود للعمليات في ليبيا أو كوسوفو فإن هناك ما هو أكثر من القيام بضربة عسكرية، وأعتقد أنه ليس هناك تقدير كامل لعواقب توجيه مثل هذه الضربة».

ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة وعدد من الحلفاء من ثلاثين دولة، من بينها فرنسا واليابان وبريطانيا والأردن ونيوزيلندا وبعض دول الخليج، للقيام بأكبر مناورات وتدريبات عسكرية بحرية في الشرق الأوسط، تبدأ الأحد القادم وتستمر حتى 27 سبتمبر (أيلول) الحالي. وتركز على تعزيز القدرات للتصدي لخطر الألغام المضادة للسفن. وقال المسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية إن تدريبات مكافحة الألغام لا تتعلق ببلد معين، وليست لها علاقة بتهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز.