أبو شاقور لـ «الشرق الأوسط»: الأمن أهم أولوياتي.. والثوار لديهم دور مهم في مستقبل البلاد

رئيس الحكومة الليبية الجديدة: لست إخوانيا ولا أنتمي لأي كيان سياسي آيديولوجي

مصطفى أبو شاقور (رويترز)
TT

خص الدكتور مصطفى أبو شاقور، رئيس الحكومة الجديدة في ليبيا، «الشرق الأوسط» بأول حديث من نوعه يدلي به لوسيلة إعلام محلية أو دولية، بعد ساعات قليلة فقط من إعلان المؤتمر الوطني العام (البرلمان) تكليفه بتشكيل الحكومة، بعد حصوله على 96 صوتا من إجمالي 191 صوتا في البرلمان شاركوا في الاقتراع العلني الذي تم مساء أول من أمس.

وقال أبو شاقور، في حواره مع «الشرق الأوسط»، الذي أجري عبر الهاتف من طرابلس، إنه يأمل في أن يتمكن من إعلان تشكيلة حكومته خلال أسبوع أو أسبوعين على أقصى تقدير لتقديمها للبرلمان لنيل ثقته واعتمادها، لافتا إلى اعتزامه تشكيل حكومة توافقية تضم كل أطياف المشهد السياسي الراهن في ليبيا.

ونفى أبو شاقور أن يكون محسوبا على جماعة الإخوان المسلمين، معتبرا أن المستقلين هم من صوتوا لصالحه في جولة الاقتراع الأولى، قبل أن ينضم إليهم أعضاء «الإخوان» في المرحلة الثانية. ووصف أبو شاقور انتخابه بأنه مشهد غير مسبوق في تاريخ ليبيا، حيث تعد المرة الأولى التي يختار فيها الليبيون رئيس وزرائهم، وسط منافسة مفتوحة بين ثمانية مرشحين، مشيدا بمنافسيه الدكتور محمود جبريل، رئيس تحالف القوى الوطنية، كاشفا عن إمكانية الاستعانة به في الحكومة المقبلة.

وسيخلف أبو شاقور رئيس الحكومة الحالية الدكتور عبد الرحيم الكيب، الذي تولى منصبه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، علما بأنه شغل منصب نائب الكيب على مدى الشهور الستة الماضية.

واعتبر رئيس الوزراء الجديد الذي سيتولى منصبه على مدى الأشهر الخمسة عشرة المقبلة، أن ملف الأمن سيحظى بأولوية لديه، مشددا على ضرورة إعادة تشكيل الجيش والشرطة وفقا لأسلوب علمي حديث لتأمين أمور البلاد. وفي ما يلي نص الحوار:

* هل كنت تتوقع احتدام المنافسة الديمقراطية لتصل إلى فارق صوتين في مشهد غير مسبوق في تاريخ ليبيا؟

- نعم ولا شك، فعلا المشهد غير مسبوق في تاريخ ليبيا، فهذه أول مرة ينتخب فيها الليبيون رئيس الوزراء، والسيد محمود جبريل رجل نكن له كل الاحترام والتقدير، والتاريخ يشهد له بذلك في أيام الثورة.

* هل من الممكن أن تستعين به أو بأي من فريق عمله في حكومتك المقبلة؟

- بلا شك، فأنا أرى أن له دورا في الوزارة، فأنا أريد تشكيل حكومة توافقية وطنية.

* تعني أنك سوف تشكل حكومة تمثل كل أطياف الشعب الليبي؟

- نعم بالتأكيد.

* لفت انتباهي تعليق يقول: «حزب الجبهة الوطنية أخذ الرئاستين وجمع بين رئاسة الحكومة والبرلمان»؟

- أنا لست عضوا في الجبهة، ولست عضوا في أي كيان سياسي، وبالتالي الجبهة لم تأخذ رئاسة الوزراء.

* ينظر إليك البعض دائما على أنك محسوب على «الإخوان المسلمين».. لماذا؟

- (يجيب ضاحكا): لا أعرف لماذا، فأنا شخص أعتز بإسلامي لكنني لست من «الإخوان المسلمين»، ربما في نظر البعض كل من هو مسلم يصبح من «الإخوان»، ومع كل الاحترام لها كحركة إسلامية رائدة فإنني لم أنضم إليها، ولا لأي كيان سياسي آيديولوجي آخر.

* يقال إن من صوت لك من أعضاء البرلمان هم في الغالب مأمورون من «الإخوان المسلمين»، وبالتالي سيكون رئيس الحكومة مجاملا لـ«الإخوان».. كيف ترد على ذلك؟

- حقيقة الذين دعموني في الانتخابات وكانوا واضحين تماما في المرحلة الأولى هم «المستقلون» وليسوا من حزب بذاته، لكني أظن أن بعض أعضاء حزب العدالة والبناء (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) صوتوا لي في المرحلة الثانية، وهذا أمر طبيعي.

* ما هي أولويات الحكومة أو ملفك الأول؟

- بلا شك الملف الأول هو «الأمن» وتشكيل الجيش والشرطة على أسلوب علمي حديث، وأيضا سرعة لتأمين أمور البلاد، ونقصد بذلك بسط سلطة الدولة وهيبتها على كل الأراضي الليبية.

* يمكن أن تتوقع أن تكون هذه المهمة سهلة بالنسبة لك؟

- لا.. ستكون المهمة صعبة جدا، لكنها نسبت لي، ويمكن التغلب عليها، فبإرادتي وعزيمة الشعب الليبي ومساعدة الشباب الثوار ومؤسسات المجتمع المدني سوف نستطيع تحقيق ذلك، فقضية الأمن هي قضية كل أفراد الشعب بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية، ونحن نطمع أن تكون ليبيا وطنا آمنا ومستقرا بإذن الله.

* هل ستستعين بالثوار في تشكيل الحكومة.. وما هو شكل الحكومة؟

- الحكومة سوف تكون وتشكل من كفاءات قادرة على تنفيذ المخططات والبرامج المطروحة، وأيضا سوف نستعين بأبنائنا من الثوار ذوي الكفاءة، وكذلك الوجود الجغرافي سيكون له دور. فكل المدن والقرى لديها وبها الكثير من الناس ذوي الكفاءات، وهكذا سيكون تشكيل الحكومة الجديدة.

* هل هناك بعض وزراء الحكومة الحالية مرشحون للاستمرار؟

- إذا حدث ذلك فسوف يكون قليلا.

* هل هذا يعني أنك ترغب في بداية جديدة ومختلفة مع الشعب الليبي؟

- نعم، فأنا أريد صفحة جديدة ودماء جديدة بحيث يرى الناس أن هذه الحكومة جديدة ولكن فيها إمكانيات الاستمرار.

* هل كنت تتوقع الوصول لهذا المشهد؟

- نعم.

* على أي أساس كان لديك هذا التوقع؟

- على أساس جانبين: الأول هو أن الكثير من أبناء الشعب هم الذين دفعوني للترشح للمنافسة على منصب رئيس الحكومة الجديدة في البلاد، وأنا واثق أيضا أن الناس لديهم ثقة في قدراتي التي لمسوها من خلال الملفات التي توليتها بالدرجة الأولى سابقا وعبر مشواري الماضي. والسبب الثاني كما أعتقد، هو الرغبة في وجود حكومة قادرة على بدء العمل من أول يوم، فإذا كان لدينا رئيس وزراء آخر لم يكن على دراية بأمور البلاد فسوف يقضي شهورا للتمكن من ذلك، والموقف والوقت ليسا في صالحنا.

* هل نتوقع أن تشكل الحكومة في وقت قريب.. ربما في أسبوع أو أسبوعين؟

- نعم.. بإذن الله تعالى.

* قيل إنك دشنت أول نشاط لك بعقد لقاء مع قادة الثوار؟

- نعم، فأول لقاء كان مع هؤلاء الشباب الذين صنعوا هذه الثورة، وهم أيضا كانوا حماة الثورة والبلاد في الـ10 شهور الماضية، وأرى أنهم سوف يكون لهم دور كبير في مستقبل البلاد.

* الشعب الليبي بطبيعته ينتظر منك الكثير؟

- نعم، من دون شك، فسقف التطلعات عال جدا، وسنحاول بإذن الله سبحانه وتعالى أن نحقق له ما يمكن تحقيقه، فلديه تطلعات عالية وسوف نعمل على تحقيقها، وسوف يلمس ذلك في حياته مباشرة على ما نأمل.

* أبو شاقور.. في سطور • حصل أبو شاقور المولود في مدينة غريان على بكالوريوس الهندسة الكهربائية من جامعة طرابلس، قبل أن يستكمل تلقي دراساته العليا بالولايات المتحدة، حيث حصل على الماجستير والدكتوراه من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech)، وهي الجامعة المصنفة الأولى في العالم في سنوات عديدة.

• هو أستاذ هندسة النظم الدقيقة وأستاذ الهندسة الكهربائية والإلكترونية في جامعة روتشستر للتكنولوجيا بالولايات المتحدة، وتشمل اهتماماته البحثية تكنولوجيا الأجهزة الضوئية المتناهية الصغر، والنظم والحواس الضوئية، والحوسبة ومعالجة الإشارات الضوئية، والاتصالات والألياف البصرية والاستشعار الضوئي.

• نشر له أكثر من 140 بحثا علميا، والعديد من فصول الكتب المتخصصة، ويحمل العديد من براءات الاختراع، حيث يعد من العلماء في مجالات استخدام الليزر في تكنولوجيا الاتصالات والحاسبات.

• حصل على جائزة وكالة «ناسا» للفضاء للاختراع، علما بأنه عمل كباحث في العديد من مشاريع البحوث التي دعمتها قوات الأمن الوطني والقوات المسلحة الأميركية، ووزارة الطاقة، كما عمل مستشارا لقيادة الجيش الأميركي الصاروخي، وشركة «بوينغ» وغيرها من الشركات.

• اتخذ موقفا معارضا لنظام القذافي منذ نهاية السبعينات، وكان له دور رئيسي في تأسيس وقيادة بعض تنظيمات المعارضة في الخارج، وقد أسهم في تأسيس الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا مما جعله على رأس قوائم المطلوبين من نظام القذافي منذ بداية الثمانينات مما تسبب في منعه من زيارة ليبيا من ذلك الحين.

• استمر في نشاطه المعارض لنظام القذافي حتى انطلاق ثورة السابع عشر من فبراير (شباط) العام الماضي، قبل أن يشارك في الزيارة التي قام بها ممثلو مناطق الغرب والوسط والجنوب إلى بنغازي في مايو (أيار) 2011 لدعم المجلس الوطني الانتقالي السابق ضد حكم القذافي.