باكستان في حداد.. ومقاضاة ملاك المصنع المحترق بتهمة القتل

بطء في التعرف على هويات الضحايا والشرطة تبحث عن الملاحقين الفارين

باكستانيات يواسين قريبة لأحد ضحايا الحريق في كراتشي أمس (أ.ف.ب)
TT

رفعت السلطات الباكستانية أمس قضية بتهمة القتل ضد أصحاب مصنع ومسؤولين حكوميين إثر مقتل 289 شخصا في حريق أتى على هذا المصنع في مدينة كراتشي، بحسب الشرطة. وقتل العمال اختناقا أو حرقا وهم أحياء في مصنع «علي إنتربرايزس» في كراتشي الذي يصنع الملابس الجاهزة لتصديرها للغرب عندما اندلع حريق هائل في المبنى خلال المناوبة المسائية يوم الثلاثاء الماضي.

وكان نحو 600 شخص يعملون في المبنى الذي قال مسؤولون إن ظروف العمل فيه كانت سيئة وكان يفتقر إلى مخارج الطوارئ ما أجبر العشرات على القفز من الطوابق العليا للفرار من ألسنة اللهب. كما حوصر العشرات في المبنى تحت الأرض حيث لقوا حتفهم.

وقال محمد نواز غوندال قائد مركز الشرطة المحلي: «رفعنا قضية تتهم بالقتل أصحاب المصنع والكثير من المسؤولين الحكوميين بسبب إهمالهم التام لتوفير الأمن والسلامة للعمال». وأكد نعيم أكرم مسؤول الشرطة البارز في كراتشي تلك الخطوة.

ورفعت القضية ضد عبد العزيز ومحمد إرشاد وشهيد بهايلا وغيرهم من أعضاء إدارة شركة «علي إنتربرايزس»، بحسب غوندال. واختفى مالكو المصنع منذ الحادث وتقوم الشرطة بمطاردتهم. وأمرت الحكومة بفتح تحقيق فيما قال مسؤولون إن مالكي المصنع منعوا من مغادرة البلاد ومن بينهم اثنان شقيقان. وسيرأس التحقيق قاض متقاعد، ويتوقع ظهور النتائج الأولى خلال أسبوع. وسينظر التقرير في سبب الحريق وأنظمة الحماية المتوفرة داخل المبنى ومستوى إهمال مالكي المصنع، بحسب بيان للحكومة.

وقال ناصر منصور من اتحاد نقابة التجارة الوطنية إن المصنع لم يراع إجراءات السلامة. وأضاف: «لم يكن يوجد في شركة (علي إنتربرايزس) سوى مخرج طوارئ واحد لأكثر من 500 موظف، وكانت جميع النوافذ محمية بالقضبان الحديدية، وكانت المداخل والسلالم مكتظة بالبضائع الجاهزة».

وسادت حالة الحداد كراتشي، أكبر مدينة باكستانية حيث يبلغ عدد سكانها 18 مليون نسمة، أمس. وتوقفت حركة المواصلات العامة، كما أغلقت المدارس والكليات والمصانع والأسواق، بينما كان عدد الموظفين الذين توجهوا إلى مكاتبهم قليلا. وأمضى أقارب العمال يوما ثانيا في المستشفيات يحاولون الحصول على أنباء عن أقاربهم. وشوهد الكثير منهم يبكون وينتحبون عندما كان المسؤولون الطبيون يؤكدون هوية أحد القتلى.

وبسبب احتراق الجثث بشكل يصعب التعرف على أصحابها، لم يتم تحديد هوية سوى 150 من القتلى حتى بعد ظهر أمس، حيث جرى تحديد هوية معظمهم بواسطة فحص الحمض النووي الريبي (دي إن إيه)، بينما تم تسليم جثة 125 قتيلا إلى أقاربهم لدفنها، بحسب ما صرح قائد شرطة المدينة إقبال محمود.

وانفجر محمد بخاش، 60 عاما، في البكاء واحتضن حفيدته المراهقة أمام مشرحة مستشفى مدني عندما تم إبلاغه أنه تم التعرف على جثة ابنه محمد أشرف. وقال: «هذا يوم مشؤوم علينا، ليكن الله في عوننا». وحتى بعد 36 ساعة من وقوع الكارثة، بقي الكثير من العائلات متجمعين أمس أمام المصنع المدمر أملا في الحصول على أنباء عن ذويهم.

وكان عدد قليل من رجال الإطفاء ما زالوا يعملون في الموقع. وكان دخان كثيف يتصاعد من الطابق التحت أرضي، وكانت درجة الحرارة داخل المصنع لا تزال مرتفعة جدا بحيث يتعذر الدخول إليه. وتشكلت بركة من الماء الحار بعد أن أمضى رجال الإطفاء ساعات في إطفاء النيران بواسطة المياه. وقال احتشام سليم قائد فريق الإطفاء لوكالة الصحافة الفرنسية: «المكان ساخن جدا، وفيه الكثير من الدخان. ومن الخطر الدخول وتنظيف المبنى. نحن ننتظر الآن». ونصب محمد إرشاد وهو عامل، خيمة أمام منزله في حي فقير قريب من المصنع لجنازات شقيقه وزوجته، وقال باكيا: «شقيقي الأكبر وزوجته كانا يعملان في المصنع وهما مفقودان منذ الحادث. نحن غير متفائلين الآن وقمنا بالترتيب لشعائر الجنازة فور التعرف على جثتيهما». وأضاف أنه لم يتم إبلاغ أولاد شقيقه وهما فتاة، 13 عاما، وصبي، 9 أعوام، بأن والديهما ربما كانا مفقودين. وقال: «إنهما صغيران جدا ومرتبكان. سنبلغهما عند وصول الجثمانين».