أوباما يجري اتصالات مع مصر وليبيا لتعزيز الأمن حول المنشآت الأميركية

كلينتون تعلن رفض بلادها للفيلم المسيء للإسلام وتصفه بأنه مثير للاشمئزاز

TT

بعد تصاعد أعمال العنف في مصر أمام السفارة الأميركية بالقاهرة، وامتداد لهيب غضب المسلمين إلى العاصمة اليمنية صنعاء والهجوم على السفارة الأميركية، اضطرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى الخروج مرة أخرى والتصريح بأن الولايات المتحدة لا شأن لها بالفيلم المسيء للرسول، صلى الله عليه وسلم، ووصفته بأنه مثير للاشمئزاز ويستحق الشجب والإدانة.

وقالت كلينتون، في مؤتمر صحافي صباح أمس، مع وزير الخارجية المغربي، سعد الدين العثماني «اسمحوا لي أن أقول بكل صراحة إن حكومة الولايات المتحدة لا علاقة لها بهذا الفيلم، ونحن نرفض تماما مضمونه ورسالته، ونؤكد التزام أميركيا بالتسامح الديني الذي يعود إلى نشأة أمتنا».

وأضافت كلينتون «لكن رد الفعل العنيف لهذا الفيديو غير مقبول، فالعنف في اعتقادنا لا مكان له في الدين، وليس وسيلة لتكريم الدين، والإسلام مثل بقية الأديان يحترم الكرامة الإنسانية للإنسان، والهجوم على الأبرياء هو انتهاك لكرامة الإنسان الأساسية».

ودون أن تذكر اسم أي دولة على وجه التحديد، استنكرت كلينتون الهجمات على المنشآت الدبلوماسية الأميركية، ودعت قادة وزعماء الحكومات ورجال الدين وشخصيات المجتمع المدني إلى وقف حد للعنف.

وأكدت وزيرة الخارجية الأميركية التزام بلادها بحرية التعبير وحرية الاعتقاد كأحد المبادئ الأساسية التي تتمسك بها الولايات المتحدة. وقالت «أعلم أنه من الصعب لبعض الناس أن يفهموا السبب في أن الولايات المتحدة لا تستطيع منع هذه النوعية من الأفلام من أن ترى النور، فالتكنولوجيا الحالية تعني أنه لا توجد طريقة لتكميم حرية التعبير، وحتى إذا كان ذلك ممكنا، فإن بلادنا تملك تقليدا طويل الأمد من احترام حرية التعبير، وهو حق منصوص عليه في الدستور والقانون، ولا يمكننا أن نوقف حرية مواطنين عاديين في التعبير عن آرائهم، مهما كانت مقيتة».

وقال البيت الأبيض، إن الرئيس باراك أوباما قام باتصالات مع الرئيس المصري محمد مرسي ورئيس البرلمان الليبي محمد المقريف للتأكيد على تأمين المكاتب الدبلوماسية الأميركية بعد الهجمات في كلا البلدين.

وأشار البيت الأبيض إلى أن الرئيس أوباما أكد للرئيس المصري محمد مرسي أهمية التزام مصر وتعاونها في تأمين المنشآت الأميركية الدبلوماسية وموظفيها. وقال أوباما إنه يرفض تشويه صورة الإسلام، لكن ذلك ليس مبررا للعنف ضد الأبرياء والقيام بأعمال تهدد الأفراد والمنشآت الأميركية. وفي اتصاله برئيس البرلمان الليبي، قال أوباما، إن «الحكومة الليبية يجب أن تستمر في العمل لضمان أمن موظفينا، ومن الواضح أن علينا العمل معا للقيام بكل ما هو ضروري لتحديد مرتكبي هذا الهجوم وتقديمهم للعدالة».

ووجه بعض أعضاء الكونغرس انتقادات لاذعة للتصريحات التي أدلى بها الرئيس أوباما لشبكة إسبانية قال خلالها إن مصر ليست دولة حليفة للولايات المتحدة، كما أنها ليست دولة معادية. وانتقد عضو الكونغرس الأميركي بيتر كينغ تصريحات أوباما التي جاءت بعد قيام الآلاف من المتظاهرين المصريين بإنزال العلم الأميركي وحرقه، وقال «ما دامت مصر ليست دولة حليفة فلا ضرورة لاستمرار المعونات والمساعدات الأميركية لها التي تتجاوز مليارات الدولارات». وانتقد مسؤولون في الكونغرس تأخر رد فعل الرئيس المصري الجديد على حادث اقتحام السفارة الأميركية لأكثر من 24 ساعة، وأن تصريحاته جاءت لإدانة الفيلم دون إدانة الاحتجاجات والهجوم على السفارة.

وقال الرئيس أوباما «علينا الانتظار لنرى كيف سيتعاملون مع هذه الحادثة ونتوقع من المصريين أن يستجيبوا مع طلبنا بتوفير الحماية للسفارة وموظفيها، وإذا تبين أنهم لا يتحملون هذه المسؤولية كما تتحملها سائر الدول التي لنا فيها سفارات فتلك مشكلة كبيرة».

على صعيد متصل، اتهم الرئيس أوباما مساء أول من أمس منافسه على الرئاسة ميت رومني بـ«إطلاق النار أولا ثم التصويب» في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وذلك بعد أن انتقده خصمه الجمهوري على رد فعل الإدارة الأميركية على الهجمات المعادية للأميركيين في ليبيا ومصر. وفي تصريح لمحطة التلفزيون الأميركية «سي بي إس»، قال أوباما «العبرة التي ينبغي استخلاصها من هذه القضية. نقول إن الحاكم رومني عنده ميل لإطلاق النار أولا ثم التصويب». وأضاف «بوصفي رئيسا، فإن أحد الأشياء التي تعلمتها هي أنه لا يمكننا أن نفعل ذلك. من المهم التأكد من أن التصريحات التي تدلون بها مدعومة بالوقائع وأنكم فكرتم بكل النتائج قبل الإدلاء بالتصريحات».

وتلا المتحدث باسم الرئاسة الأميركية جاي كارني هذا التصريح على الصحافيين في الطائرة الرئاسية قبل أن تبثه «سي بي إس».

وقال المتحدث إن أوباما اتصل هاتفيا بأفراد عائلتي اثنين من الأميركيين الأربعة الذين قتلوا في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي بشرق ليبيا ومن بينهم السفير كريس ستيفنز.

من جانب آخر، عززت الإدارة الأميركية الاستعدادات الأمنية حول سفاراتها في ما لا يقل عن سبع دول في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ومنطقة القوقاز في أعقاب امتداد الهجمات إلى صنعاء وقيام المتظاهرين بتحطيم نوافذ السفارة الأميركية وإحراق العلم الأميركي. وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن تحذيرات قد أرسلت إلى السفارات الأميركية في كل من أرمينيا وبوروندي والكويت والسودان وتونس وزامبيا، إضافة إلى السفارة الأميركية لدى مصر، التي قد تشهد اندلاع احتجاجات اليوم (الجمعة).

ونشرت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرا على مواقع السفارات بالإبلاغ عن أي تهديد محدد للأميركيين، وحذرت رعاياها بأن المظاهرات يمكن أن تكون عنيفة.

وأصدرت السفارة اليمنية في واشنطن بيانا أدانت فيه الهجوم على السفارة الأميركية في صنعاء وأكدت أن الوضع تحت سيطرة الحكومة اليمنية، وقال البيان: «لحسن الحظ لم تسجل أي إصابات من هذا الحادث الفوضوي والحكومة اليمنية تحترم الالتزامات الدولية لضمان سلامة الدبلوماسيين وستكثف الوجود الأمني حول البعثات الأجنبية».