انتحاري على علاقة بـ«القاعدة» يستهدف رئيس الصومال الجديد

تحول اليوم الفريد المليء بالأمل في الصومال إلى يوم آخر من أيام الفوضى التي شاعت في البلاد

TT

بعد دقيقتين فقط من بداية المؤتمر الصحافي الذي عقد يوم الأربعاء الماضي، هز الانفجار الأول فندق «الجزيرة بالاس»، ثم تبعه دوي إطلاق نار، مما أدى إلى انبطاح كافة المسؤولين الحكوميين والمراسلين الصحافيين على الأرض. وفي غضون ثوان معدودة، تحول ذلك اليوم الفريد المليء بالأمل في الصومال إلى يوم آخر من أيام الفوضى التي شاعت في البلاد.

تعرض الفندق للهجوم من قبل ثلاثة مسلحين تابعين لـ«حركة الشباب»، الذين كانوا يرتدون جميعا أحزمة ناسفة. تنكر أحد هؤلاء المسلحين في زي جندي وكانوا يستهدفون قتل الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود، الذي تم انتخابه منذ يومين فقط.

وبحلول نهاية فترة ما بعد الظهيرة، لقي ما لا يقل عن 7 أشخاص، بمن فيهم المسلحون الثلاثة، مصرعهم خارج الفندق، وكانت جثثهم الممزقة، سواء بسبب إطلاق النار أو التفجيرات، توجد في كل مكان. وداخل الفندق، تلاشي تماما أي وهم بأن الصومال في طريقه للتحول إلى مكان هادئ وسلمي بعد عقدين من الفوضى وانعدام القانون.

قال محمد ماعي، وهو مسؤول في وزارة الخارجية الصومالية جاء من كندا العام الماضي من أجل مساعدة بلده: «إنهم يريدون تدمير آمالنا»، مضيفا: «من الممكن حدوث أي شيء، فهؤلاء الأشخاص موجودون في كل مكان».

وداخل المجمع الفندقي، شاهد مراسل صحيفة «واشنطن بوست» جنديا وهو يقوم بإطلاق النار على أحد المهاجمين عدة مرات بينما كان يحاول الدخول إلى المبنى، وعلى الرغم من ذلك، لم تنفجر العبوة الناسفة التي كان يحملها.

وفي الجوار، كانت ترقد جثة لأحد حراس الأمن ملطخة بالدماء، فضلا عن ثلاث جثث أخرى، بما في ذلك جثة لجندي من قوات الاتحاد الأفريقي، وهي القوة التي تدعمها الولايات المتحدة والتي تهدف إلى حماية الحكومة الصومالية، كانت موجود خارج بوابة الفندق. كما أعلنت قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال أيضا عن إصابة 3 من جنودها في هذا الحادث.

وفي الشارع، كانت هناك ساق ملقاة لمن يبدو أنه أحد منفذي هذه الهجمات الانتحارية، والذي كان يرتدي سروالا من الجينز وحذاء رياضيا أبيض اللون. وعلى بعد أمتار قليلة، كان هناك رأس مقطوع، من المفترض أن يكون لأحد الانتحاريين. وتناثرت الدماء والأشلاء على المركبات العسكرية والجدران القريبة من الموقع.

تئن الصومال تحت وطأة الحروب وانعدام القانون منذ عام 1991، عندما انهارت الحكومة المركزية للرئيس الصومالي السابق محمد سياد بري. وبعد مضي عامين، قامت حشود من الناس بجر جثث الجنود الأميركيين المشاركين في مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو، وهي الواقعة التي أدت في ما بعد إلى إنتاج الفيلم الشهير «بلاك هوك داون».

ويوم الاثنين الماضي، قام أعضاء البرلمان الصومالي بانتخاب حسن شيخ محمود، وهو أكاديمي وناشط مدني يبلغ من العمر 56 عاما، كأول رئيس منذ عقود لهذا البلد الذي مزقته الحرب. أصبح شيخ محمود الآن وجها لوجه أمام أكبر تحد أمني يواجه بلاده - وهو تلك الميليشيات الإسلامية المتشددة التي لا تزال على استعداد لإرسال مقاتليها ليلقوا حتفهم - على الرغم من إجبارها على الخروج من العاصمة وبعض المناطق الأخرى من هذا البلد الذي يقع في منطقة القرن الأفريقي.

قامت البلدان المجاورة، بما في ذلك كينيا وإثيوبيا وجيبوتي، بإرسال بعض القوات العسكرية التابعة لها لقمع المتطرفين الإسلاميين، الذين يبدون أكثر تصميما على نشر تمردهم في المنطقة بأسرها. وفي عام 2010، قامت «حركة الشباب»، التي ترتبط بتنظيم القاعدة، بتنفيذ عدد من الهجمات الإرهابية في العاصمة الأوغندية كمبالا أدت إلى مقتل ما يزيد على 70 شخصا كانوا يشاهدون نهائيات كأس العالم لكرة القدم، فضلا عن تورط الحركة في شن هجمات بالقنابل اليدوية في كينيا.

الفوضى في فندق مقديشو: يقع فندق «الجزيرة بالاس» في واحدة من أكثر المناطق الآمنة في مقديشو، ويبعد أقل من ميل واحد من قاعدة قوات الاتحاد الأفريقي شديدة التحصين والمطار الدولي، فضلا عن وجوده بالقرب من مجمع الأمم المتحدة. وفي يوم الأربعاء الماضي، كانت هناك مجموعة من قوات الاتحاد الأفريقي والقوات الصومالية موجودة لحماية الفندق، فضلا عن وجود آليات عسكرية مدرعة تعلوها مدافع رشاشة ثقيلة خارج الفندق.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»