«جاردن سيتي» من حصار الحواجز الإسمنتية للعيش تحت قنابل الدخان

سكانه لـ«الشرق الأوسط»: اشتباكات السفارة الأميركية حبستنا في المنازل

TT

طوال معظم أيام حكم مبارك، وتحديدا عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، عانى سكان حي جاردن سيتي الأرستقراطي الهادئ بالقاهرة من إغلاق شوارع المنطقة بالحواجز الحديدية والإسمنتية، وتكثيف الوجود الأمني بسبب وجود السفارة الأميركية مما كان يجعلهم يعانون في الدخول والخروج من منازلهم، وعقب الثورة، فتحت الشوارع وأزيلت معظم الحواجز، لكنهم تحولوا إلى هدف للمتظاهرين، كأنهم يعانون في الحالتين «القهر والحرية»، وسط توقعات بأن يتحول الحي الهادئ إلى منطقة توترات واحتجاجات بسبب وجود سفارتي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا.

المعاناة من حصار الحواجز الحديدية والإسمنتية دفع سكان المنطقة وعددا من أصحاب المحال التجارية إلى إقامة دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للمطالبة بفتح شوارع المنطقة وإزالة الحواجز الإسمنتية، كما أقام السفير إبراهيم يسري دعوى مماثلة، حيث أصدرت محكمة القضاء الإداري في يوليو (تموز) من العام الماضي 2011 حكما بإلزام وزارة الداخلية بفتح كل الشوارع وإزالة الحواجز الحديدية والإسمنتية، وقامت بالفعل أجهزة الأمن بتنفيذ الحكم الذي يبدو أنه لم ينهِ معاناة سكان المنطقة، بل نقلهم من حصار الحواجز والإغلاق الأمني إلى حصار المتظاهرين والحياة وسط قنابل الغاز، خاصة مع التوقعات السياسية بتحول السفارة الأميركية إلى «مقصد دائم» للمتظاهرين، بسبب السياسات الأميركية في المنطقة، التي لا تلقى قبولا لدى معظم الشعوب العربية.

محمود عبد الله، صاحب أقدم المحال التجارية القريبة من مقر السفارة الأميركية، وصف الوضع الحالي بأنه «أسوأ» من أيام حصار الحواجز الحديدية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «عندما كانت المنطقة مغلقة بالحواجز الحديدية كنا نعاني في الدخول والخروج من المنطقة وكانت عملية البيع والشراء ضعيفة بسبب الحصار، لكن خلال محاصرة المتظاهرين للسفارة أيقنت أن معاناتنا لن تنتهي، حيث اضطررت إلى إغلاق المحل مع بدء الاشتباكات».

بينما أكدت إنجي فتحي، التي تسكن في شارع قريب من مبنى السفارة الأميركية، أن الاشتباكات حول السفارة الأميركية جعلتها تتأكد أن المنطقة لن تعرف الهدوء.

وأضافت: «أصبحنا نعيش وسط الغاز المسيل للدموع وهو وضع أقسى كثيرا من غلق الشوارع بالحواجز، والمشكلة أنه من الواضح أن المظاهرات أمام السفارة ستتجدد دائما لأي سبب من الأسباب، أي أننا تحولنا من حصار الإسمنت إلى حصار البشر»، وأوضحت أنها مع حرية التظاهر، لكنها ضد تطور الوضع إلى اشتباكات، وأضافت: «عندما كان الاعتصام أمام السفارة بشكل سلمي متحضر لم يكن لدينا أي مشكلة، فأنا شخصيا ضد الفيلم المسيء للنبي محمد، لكن الاشتباكات أرعبتنا جميعا وحبستنا في المنازل».

ومن جانبه، قال السفير إبراهيم يسري الذي حصل على حكم قضائي بإلزام وزارة الداخلية بإزالة كل الحواجز الحديدية والإسمنتية حول سفارتي أميركا وبريطانيا وفتح شوارع المنطقة إن أجهزة الأمن لها الحق في تأمين مقار السفارات والبعثات الدبلوماسية، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أقمت الدعوى المطالبة بإزالة الحواجز وفتح الشوارع لأن هذا أمر ضد الدستور والقانون، لكني أؤيد حق أجهزة الأمن في إغلاق الشوارع في أوقات التوتر مثل الاشتباكات حول السفارة الأميركية لأنها ملتزمة بحماية مقار هذه السفارات، وما يحدث الآن استهتار من المتظاهرين وتقصير من أجهزة الأمن، فماذا سنفعل إذا طبق مبدأ المعاملة بالمثل وتم اقتحام سفاراتنا؟!».

واقترح يسري أن تبادر سفارتا أميركا وبريطانيا بنقل مقريهما من جاردن سيتي إلى منطقة بعيدة عن وسط القاهرة، وأضاف: «سوف تتحول جاردن سيتي في الفترة المقبلة إلى منطقة ملتهبة، بسبب وجود السفارة الأميركية، فالاحتجاجات ضد أميركا لن تنتهي، وسيجد المتظاهرون دائما قضايا تدفعهم إلى الاحتجاج أمام السفارة».