مقربون من نتنياهو ينتقدون تصرفاته مع إدارة أوباما

تقرير أميركي: ضرب إيران سيقود لحرب إقليمية شاملة وربما يؤجل برنامجها النووي 4 سنوات فقط

أوباما ونتنياهو في صورة تعود إلى اجتماع سابق بينهما لدى محادثاتهما حول الملف النووي الإيراني (أ.ف.ب)
TT

حتى المقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لم يعودوا يقبلون أسلوبه في التطاول على الولايات المتحدة. فهاجمه عدد منهم، أمس، من على صفحات الجرائد الإسرائيلية. وهاجمهم أحدهم، والذي وصفته صحيفة «يديعوت أحرونوت» في عددها الصادر أمس، الجمعة، بأنه «مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى»، بقسوة شديدة، إذ قال: «لدينا رئيس حكومة منفوخ، يحسب أنه يدير الولايات المتحدة».

وتطرق هذا المصدر إلى الطلب الذي يطرحه ويصر عليه نتنياهو بوضع خطوط حمراء أمام إيران، فقال: «هذا طلب وقح. وقد ملّ أوباما كليا من نتنياهو، وبيّن له من هو صاحب البيت في واقع الحال، فهو يتعامل مع نتنياهو كما لو كان مجرد سياسي رفيع المستوى في الحزب الجمهوري». وأشار المصدر السياسي المذكور إلى مسألة لقاء القمة بين نتنياهو وأوباما، الذي طلبه الأول ورفضه الثاني، فقال إن نتنياهو راهن على أن أوباما لن يجازف برفض لقاء كهذا قبيل الانتخابات خوفا من هروب الأصوات اليهودية، لكن أوباما أدرك أن نتنياهو يعد له فخا سياسيا ليظهر خلال اللقاء وأمام الشعب الأميركي وكأن نتنياهو يقدم له الموعظة، فأدرك أوباما أن أضرار رفض لقاء نتنياهو أقل بكثير من أضرار اللقاء.

واتهم المسؤول الإسرائيلي نتنياهو بالإضرار بالعلاقات الإسرائيلية الأميركية، ضررا سيستغرق وقتا طويلا قبل أن تتمكن إسرائيل من إصلاحه. وقال «أدت سياسة نتنياهو عمليا إلى عزل إسرائيل بشكل لم يسبق له مثيل، وبدلا من أن يتجند العالم ضد إيران فقد تجند العالم ضد توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية لأهداف إيرانية».

وكشف المصدر أن نتنياهو استقبل في الأسبوعين الماضيين مسؤولين من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وجميعهم عملوا على حثه على الالتزام بموقف التحالف الغربي والكف عن التهديد بضربة عسكرية لإيران. وقال: «لقد بنت الإدارة الأميركية تحالفا دوليا كبيرا ضد نتنياهو، فليس عجيبا على الإطلاق أن يكون نتنياهو محاطا في الأيام الأخيرة بدعوات من مختلف قادة العالم لعدم شن هجوم عسكري ضد إيران». وأضاف المصدر أن نتنياهو وصل لوضع هو الوحيد فيه تقريبا الذي يؤيد هجوما عسكريا ضد إيران بينما يعارضه المجتمع الدولي، كما يعارض هذا الخيار جميع رؤساء الأذرع الأمنية في إسرائيل، بل إن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود براك بدأ يتحدث بلهجة مغايرة كليا.

وجاءت هذه التصريحات في وقت نشرت فيه معلومات عن تقرير أميركي جديد صادر عن منظمة «مشروع إيران»، يقول إن الهجوم الأميركي على إيران من شأنه أن يؤخر البرنامج النووي الإيراني 4 سنوات، في حين أن الهجوم الإسرائيلي يؤخره سنتين. كما بين التقرير أن أي عملية عسكرية ضد إيران من الممكن أن تؤدي إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط، وتؤدي أيضا إلى توحيد إيران وزيادة الفجوة بين العالمين الغربي والإسلامي.

ويستعرض التقرير، الذي أعده مجموعة من القادة الأمنيين الأميركيين السابقين وخبراء في السياسة الخارجية، إيجابيات وسلبيات شن الهجوم على إيران. ويشير إلى أن القصف الجوي وعمليات للكوماندوز وهجمات إلكترونية ستدمر وتمس بشكل ملموس بالمنشآت النووية الإيرانية، ولكن من الجائز الافتراض أنها لن تدمر البرنامج النووي الإيراني، وأن إيران لديها القدرة العلمية والتجربة للبدء بالمشروع من جديد. ويحذر معدو التقرير من أن الهجوم الأميركي أو الإسرائيلي على إيران من دون تفويض دولي أو تحالف دولي من الممكن أن يضعف العقوبات الاقتصادية المفروضة حاليا على إيران بشكل ملموس.

وقالت مصادر إسرائيلية إن أهمية هذا التقرير تعود لكونه أعد من قبل أكثر من 30 دبلوماسيا وضابطا كبيرا سابقين، بعيدين عن المناكفات الحزبية الأميركية. وأوضح هؤلاء أن هدفهم هو إطلاع الجمهور على أبعاد استخدام القوة ضد إيران، من دون تقديم توصيات للإدارة الأميركية أو الحكومة الإسرائيلية. وقال التقرير أيضا إن الهجوم الأميركي سيؤخر البرنامج النووي الإيراني 4 سنوات، وإن ذلك قد يمس بقدرة النظام الإيراني على السيطرة على الدولة وعلى الاقتصاد، ولكن لا يعتقد أن ذلك سيؤدي إلى استبدال النظام أو انهياره أو استسلامه.

وتابع معدو التقرير أن تقديراتهم تشير إلى أن «الجيش الإسرائيلي لن يستطيع تحقيق النجاح الذي حققه في سوريا في عام 2007 (تدمير المفاعل النووي في دير الزور)، أو في العراق في عام 1981 (تدمير المفاعل النووي)، وذلك لأن المنشآت النووية الإيرانية كثيرة وموزعة، في حين أن إحداها (مفاعل بوردو) مقامة تحت الأرض». وحذر معدو التقرير من أن إيران سترد على الهجوم الإسرائيلي، وأن ذلك سيؤدي إلى وقوع إصابات وأضرار للمنشآت الإسرائيلية، وربما للمفاعل النووي في ديمونة. كما حذروا من «قيام طهران بتفعيل جهات أخرى مثل حزب الله وميليشيات عراقية وفيلق القدس التابع لحرس الثورة، التي وصفت بأنها قادرة على إيقاع أضرار بالأميركيين والإسرائيليين أكثر من الرد الإيراني المباشر».

وردت جهات سياسية في مكتب رئيس الحكومة، بتصريحات للإذاعة الإسرائيلية العبرية، ترى أن نتنياهو مصر على موقفه بضرورة تحديد خطوط حمراء أمام إيران، وإلا فإنها تعرض نفسها لشن هجوم عسكري عليها. وقالت هذه الجهات إن نتنياهو سيواصل الحديث عن الخطوط الحمراء لأنه من دونه لن يكون هناك ما يدفع إيران لوقف مشروعها الذري ومساعيها لتطوير أسلحة نووية.

ونقلت الإذاعة أن نتنياهو قال بهذا الصدد إن «القيادة تمتحن من خلال محافظتها على المصالح الحيوية لدولة إسرائيل، حتى في حال اندلاع خلافات في وجهات النظر مع أصدقائها بل وحتى أهم هؤلاء الأصدقاء». وأضاف بحسب الإذاعة: «هكذا تصرفت لغاية الآن وسأواصل هذا النهج». وكان نتنياهو قد التقى أول من أمس برئيس مقاطعة بافاريا الألمانية، هورست فيهوفر، إذ قال إن المصلحة الكبرى والأهم اليوم هي منع دولة تدعو لإبادتنا، من مواصلة خطواتها الواضحة نحو تطوير أسلحة نووية وحيازة هذه الأسلحة.

وجاءت تصريحات نتنياهو ردا على موجة من الانتقادات التي تعرض إليها داخل إسرائيل بعد أن بلغ التوتر مع إدارة أوباما أوجه في اليومين الماضيين عند إعلان نتنياهو أنه لا يثق بالإدارة الأميركية، لا سيما بعد تصريحات الرئيس شيمعون بيريس وباراك، اللذين حاولا أمس التخفيف من حدة التوتر، والتأكيد على مدى التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل.