حكومة كردستان تقر اعتقال شخص مشمول بالعفو العام

مصدر قانوني لـ «الشرق الأوسط»: لا قرارات تعلو على قوانين البرلمان

TT

نجا والد معلمة كردية لقيت حتفها بجريمة قتل يعتقد أنه ارتكبها، بصدور قانون للعفو العام من البرلمان الكردستاني، على الرغم من أن القانون المذكور استثنى حالات القتل ضد المرأة. وأثار قرار الإفراج عن والد المعلمة ساكار محمد أمين، الصادر من محكمة جنايات السليمانية يوم 11 سبتمبر (أيلول) الحالي غضب الشارع الكردي والمنظمات المدنية ومنظمات الدفاع عن حقوق المرأة، التي نظمت مظاهرة احتجاجية ضد قرار محكمة السليمانية، مما أدى بمجلس وزراء إقليم كردستان إلى الرضوخ للضغط الشعبي الهائل وإصدار قرار بإعادة اعتقال المدعى عليه وإجراء محاكمة ثانية له.

فرغم أن قرار الإفراج عن المدعى عليه قد صدر عن المحكمة الجنائية، فإن مجلس وزراء الإقليم أصدر قرارا في آخر اجتماع له الأسبوع الماضي يقضي باعتقاله مجددا وإعادة محاكمته.

واعتبر خبير قانوني كردي في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» قرار مجلس الوزراء خاطئا، لأنه جهة تنفيذية وصلاحياته تتحدد بإصدار التعليمات لتسهيل تنفيذ القوانين وليس إصدار قرارات تخالف أو تتعارض مع القوانين التي يصدرها البرلمان، وهو الجهة التشريعية العليا في الإقليم.

وأشار الخبير القانوني الذي طلب عدم ذكر اسمه إلى أنه في حالات صدور قوانين العفو هناك دائما استثناءات في شمول المدانين والمحكومين. وعادة تشير القوانين إلى تلك الاستثناءات، وفي حال إطلاق سراح المحكومين والمدانين يجب على السلطة القضائية والحكومة أن تدقق جيدا بالمشمولين بالاستثناء درءا لوقوع أخطاء قاتلة، كما حدث في حالة والد المعلمة ساكار، إذ لا يجوز لسلطة هي الأدنى، وهي (الحكومة)، أن تعترض أو تخالف القانون الصادر من جهة أعلى، وهي (البرلمان) الذي يعد أعلى سلطة تشريعية في الدولة، وهناك حالة أخرى، وهي أن رئيس الإقليم يحق له إضافة أو اقتراح لتوسيع إطار قوانين العفو لتضييق الاستثناءات، ولكن لا يحق للسلطة التنفيذية أن تعتقل شخصا مشمولا بالعفو، وبذلك فليس هناك أي مبرر قانوني لإعادة اعتقال المفرج عنه من قبل المحكمة.

وترى النائبة هازة سليمان نائبة رئيسة لجنة الدفاع عن حقوق المرأة في البرلمان الكردي أن «سبب الإفراج عن المتهم بقتل المعلمة ساكار قد يكون عدم توفر الأدلة القاطعة لدى محكمة السليمانية». وتقول: «هناك قاعدة قانونية تفيد بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ويبدو أن المحكمة لم تتولد لديها القناعة الكافية بضلوع والد الضحية بجريمة قتلها، ولهذا أخلت سبيله».

وحول ما إذا كان هناك أي نص واضح في قانون العفو البرلماني حول استثناء قتلة المرأة بدواعي الشرف، قالت سليمان: «نعم أؤكد وجود هذا النص وبشكل واضح، فقانون العقوبات العراقي ينص على ما يعرف بالعذر المخفف للجرائم التي ترتكب بدواعي الدفاع عن الشرف من قبل الأب أو الأخ أو الزوج، ولكن برلمان كردستان أجرى تعديلا على هذا القانون وشطب العذر المخفف في مثل هذه الجرائم، وعلى هذا الأساس عندما ناقشنا قانون العفو العام أصررنا على أن يستثنى من العفو المتهمون والمحكومون بجرائم القتل على اعتبارها تدخل في إطار ممارسة العنف ضد المرأة».

وفي حين أشارت النائبة إلى أن القرار صدر، كما يبدو، بناء على الضغوط من المنظمات المدنية والمدافعة عن المرأة، فإنها أكدت: «يفترض أن تحترم الحكومة استقلالية القضاء وقرارات المحكمة التي تستند لمبادئ القانون على الأدلة والإثباتات القطعية».

وتبقى هناك إشكالية أخرى في هذا الموضوع، وهي أن حكومة الإقليم بإصدارها قرار إعادة اعتقال المتهم المذكور، تكون قد ارتكبت خطأ آخر بإجراء محاكمة ثانية له بعد إخلاء سبيله، إذ إن هناك قاعدة قانونية تشير لعدم جواز محاكمة أي متهم على جريمة أو جنحة لمرتين وبنفس التهمة. ولذلك يبدو أن الحديث ستكون له صلة.