مجزرتان في حي جوبر ودير الزور.. وأنباء متضاربة عن مقتل ضابط إيراني في حلب

قيادي في الجيش الحر لـ «الشرق الأوسط» : قوات النظام منهكة وإمداداتها محاصرة في حلب.. والشبيحة يغزون دمشق

سوري يتأمل عمالا يقومون بأعمال في مبان بعد أن دمرها قصف الطائرات الحربية النظامية بمنطقة الباب شمال حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

تضاربت المعلومات، أمس، حول العثور على جثة ضابط إيراني قتل أثناء اقتحام الجيش الحر أحد مراكز «الشبيحة» في حلب، في وقت كانت مواقع الثورة السورية على الإنترنت تبث شريط فيديو يظهر فيه العقيد الطيار الركن يوسف الأسد وهو يعلن انشقاقه عن النظام، وذلك خلال يوم دامٍ جديد، سجل فيه وقوع أكثر من 72 قتيلا، بحسب لجان التنسيق المحلية، معظمهم سقطوا في ريف دمشق وحلب ودير الزور، بالتزامن مع توثيق الخناق على الأحياء المعارضة في دمشق واشتداد المعارك بين الجيشين النظامي والحر في مدينة حلب.

وأعلنت مجموعة من مقاتلي المعارضة السورية اقتحامها مركزا لـ«الشبيحة» الموالين للنظام السوري في حي صلاح الدين في حلب، عثرت فيه على جثة ضابط إيراني قتل أثناء المواجهات بين عناصر المركز وعناصر الجيش الحر التي هاجمته. وظهرت المجموعة في فيديو نشر على موقع «يوتيوب» عرضت فيه هوية وجثة الضابط الذي قال المتحدث فيه إنه قتل في المواجهات خلال اقتحامهم المركز، من غير أن يتضح اسم الضابط في الشريط.

لكن مصادر قيادية بارزة في الجيش الحر، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا معلومات دقيقة حول العثور على الضابط الإيراني»، مشددة على أنه «لم تصل إلينا معلومات عن العثور على هذه الجثة أو على هويته».

وقالت المصادر: «إننا لا نستغرب استخدام النظام أيا من الأساليب أو المقاتلين لقمع الشعب السوري». وأضافت: «نحن كسوريين اعتدنا أساليب النظام من خلال معرفتنا بطبيعته العدوانية، إذ لن يوفر أي وسيلة قمعية، كما لن يوفر الاستعانة بأفراد مقاتلين أو خبراء أجانب لقتل المعارضين، لكننا، كقيادة، لم نبلغ رسميا بالعثور على جثة الضابط الإيراني».

في هذا الوقت، أعلن العقيد الطيار الركن يوسف الأسد، والذي أثار انشقاقه جدلا وتضاربت الأنباء حول قرابته من عائلة الرئيس السوري بشار الأسد، انشقاقه عن جيش النظام. وظهر العقيد الأسد في فيديو نُشر على موقع «يوتيوب» وهو يعلن انشقاقه، ويبرز هويته.

لكن « الشرق الأوسط» وبعد اتصالها بمصادر من الجناح السياسي المعارض وضباط من الجيش الحر للمعارضة تمكنت من التأكد من أن يوسف الأسد لا قرابة له من عائلة النظام وبأنه من منطقة تسمى مورك بحماه, وأن الالمسألة تشابه أسماء فقط كما اكدوا انه غير موجود بتركيا.

وتزامن ذلك مع اشتداد الحملة العسكرية على دمشق وريفها. وأعلن ناشطون أن الجيش النظامي اقتحم حي القدم في دمشق وشن حملة دهم واعتقالات وتخريب للمنازل. كما شهد حي تشرين في العاصمة اشتباكات بين قوات الأمن والجيش الحر. من جهتها، أعلنت لجان التنسيق المحلية عن مجزرة في حي جوبر في دمشق ذهب ضحيتها 6 أشخاص.

ولم تكن محافظة ريف دمشق بمنأى عن القصف، إذ ذكرت شبكة «شام» الإخبارية أن حي القدم «شهد إحراق عدد كبير من المنازل والمحال التجارية في منطقة السوق التجاري بالحي، كما أحرقت القوات النظامية نحو 100 منزل في منطقة السيدة زينب على مشارف دمشق».

من ناحيتها، أفادت لجان التنسيق المحلية بتعرض منطقة حرستا في الريف لقصف مروحي, وذكرت اللجان أن الجيش الحر استهدف المروحيات التي تقصف الصواريخ على منطقة البساتين في المدينة، مما أدى إلى انسحابها.

أما مدينة دوما، فقالت شبكة «شام» إن قوات النظام شنت قصفا بالهاون والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ عليها، مشيرة إلى سقوط أكثر من 70 قذيفة في أحياء دوما خلال ساعات قبل الظهر.

في هذا الإطار، أشار نائب رئيس أركان الجيش السوري الحر العقيد عارف الحمود إلى أن «مقاتلي الجيش الحر يعانون في محافظتي دمشق وريفها بما يتخطى باقي المحافظات السورية، بسبب كثافة المقاتلين والشبيحة الذين يستقدمهم النظام للقتال فيها».

وقال الحمود لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السوري «لا يكف عن حشد المدرعات في العاصمة ورفد ساحات القتال بالشبيحة الذين يستقدمهم من مناطق أخرى من أنحاء سوريا»، مشيرا إلى «إجلاء عائلات من بيوت موالية له إلى مناطق أخرى، لاستخدام بيوتهم كمقرات لعناصر الشبيحة الشابة التي تتوافد إلى المدينة».

وإذ أكد أن العاصمة هي «المحافظة الوحيدة التي يجري فيها اعتقالات بحق المعارضين»، شدد على أن القوات النظامية «بحكم المحاصرة في سائر المدن السورية، مما يدفعه إلى قصفها بشراسة». ولفت إلى أن القصف الذي تعرضت له منطقة وادي النصاري في ريف أمس «يؤكد أن القوات النظامية عاجزة عن دخول المدن المعارضة، وأنه بات في مراحله الأخيرة»، لافتا إلى أن القصف المروحي الذي تعرضت له منطقة الحصن في حمص «يهدف إلى توجيه رسالة إلى المسيحيين بأن القصف يأتي بسبب الثورة السورية».

وتحدث ناشطون أمس عن قصف مروحي تعرضت له منطقة وادي النصارى في ريف حمص، كما تعرض حي جوبر في المدينة لقصف مدفعي عنيف. وذكرت شبكة «شام» أن قوات النظام قصفت بمدفعية الهاون وراجمات الصواريخ حي جوبر بحمص، وبلدتي الغنطو وتيرمعلة بريف المدينة.

وفي حلب، تواصلت الاشتباكات بين الجيشين النظامي والحر. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان وسكان محليون لوكالة الصحافة الفرنسية إن الطيران الحربي قصف مركزين للشرطة كان الجيش الحر قد استولى عليهما الخميس في الميدان وسط حلب، وهو الحي الاستراتيجي الذي يفتح الطريق أمام الوصول إلى الساحة الرئيسية في ثاني أكبر مدن سوريا.

من ناحية ثانية، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن 12 مدنيا على الأقل قتلوا وجرح 60 آخرون بعد غارات جوية شنتها القوات السورية النظامية ليلا على مدينة الباب التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، والواقعة على مسافة 35 كيلومترا شمال شرقي حلب. وكانت طائرة حربية حلقت قبل الظهر في سماء مدينة الباب من دون أن تغير عليها، لا سيما فوق وسطها، مما تسبب في حالات من الذعر أفرغت الشوارع من السكان.

من جهتها، قالت لجان التنسيق المحلية إن مدينة بيانون في حلب تعرضت قصف بالطيران الحربي بشكل عشوائي. وكانت القوات النظامية قصفت حيي الشعار ومساكن هنانو في حلب. وتزامن ذلك مع إعلان الهيئة العامة للثورة السورية أنه عُثر على 17 جثة لأشخاص وجدوا مكبلين وبدت عليهم آثار التعذيب قبل أن يعدموا بالرصاص الحي في حي الأعظمية بحلب، التي وصل عدد قتلى الجمعة فيها إلى أكثر من 41 قتيلا بينهم 14 امرأة و11 طفلا.

في هذا السياق، شرح نائب قائد أركان الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» مشهد المعركة في حلب، مؤكدا أن «عمليات الجيش النظامي فيها باتت محدودة، في ظل التعب الذي تعرضت له هذه القوات». وأضاف: «القوات النظامية منهكة بسبب مكوثها في المعركة منذ أسابيع، بينما الجيش الحر يعتبر مرتاحا فيها، كون العناصر تبدل مواقعها القتالية كل 4 أيام، وتنسحب العناصر المقاتلة إلى مناطق آمنة ترتاح فيها».

وأشار العقيد عارف الحمود إلى أن القوات النظامية «تقصف الأحياء والشوارع الرئيسية في المدينة من الثكنات العسكرية في منطقة الحمدانية، وليس بوسعها أن تتقدم سوى مئات الأمتار قبل أن تُجبر على التراجع». وأضاف: «هي بهذا المعنى محاصرة في ظل النقص في الإمداد الذي يقتصر على الإمداد الجوي، وعلى طريق حمص - الرقة، كون طريق إدلب وحماه يسيطر عليه الجيش الحر، مما يمنع القوات النظامية من إرسال الإمداد والذخيرة عبره». في المقابل، أفادت وكالة «سانا» الرسمية السورية بأنه «تم تدمير سيارة كانت تستخدم لنقل الإرهابيين بمن فيها في منطقة الميدان. وقتل اثنين من أخطر الإرهابيين المطلوبين في دوار الصاخور فيما تم تدمير سيارة (بيك اب) مزودة برشاش دوشكا يستقلها 3 إرهابيين في منطقة الميدان».

وأضافت الوكالة: «دمرت وحدة من قواتنا المسلحة 5 سيارات بيك آب مزودة برشاشات دوشكا ومدافع كانت متجهة من ماير إلى معرستي خان في محافظة حلب»، كما «قضت وحدات من قواتنا الباسلة على تجمعات للإرهابيين المرتزقة كانوا يتمركزون في المركز الثقافي والمدرسة الشرعية ومخفر الشرطة والعيادات الشاملة في دارة عزة بحلب».

أما مدينة دير الزور، فتواصل القصف المدفعي عليها، أمس. وأفاد ناشطون بأن أحياء عدة من المدينة، تشمل محيط المطار العسكري فيها، تعرضت للقصف المدفعي العنيف. وأفاد اتحاد التنسيقيات بأن القوات النظامية «ارتكبت مجزرة معظم ضحاياها من النساء في بقرص بدير الزور».

أما لجان التنسيق المحلية، فأفادت بسقوط طائرة عسكرية بالقرب من دوار البلدية «بعد أن أصابها مقاتلو الجيش الحر بنيرانهم».

وفي درعا، قال ناشطون إن 12 شخصا على الأقل، بينهم 4 نساء و5 أطفال قتلوا وجرح العشرات في مجزرة ارتكبت في بلدة بصرى الشام بدرعا.

ووفق الناشطين، فإن طائرات عمودية تابعة للنظام استهدفت البلدة بالبراميل المتفجرة، مما أدى إلى دمار بالمباني السكنية وخسائر بالأرواح والممتلكات.

من ناحية أخرى، وقع انفجار هائل بمقر استخبارات السلاح الجوي في محافظة حماه. وأعلن قائد المجلس العسكري في محافظة حماه العميد أحمد بري قيام إحدى كتائب المجلس العسكري الثوري في المحافظة بتفجير مقر المخابرات الجوية بالمدينة، مما أدى لمقتل عشرات ما بين ضباط وصف ضباط.

في المقابل، ذكرت وكالة «سانا» أنه «تمكنت وحدات من قواتنا المسلحة في عملية نوعية اليوم (أمس) من القضاء على مجموعة من أخطر الإرهابيين في منطقة السبينة بريف دمشق، عرف منهم خالد العوجان وسمير الخولاني ويونس محمد يونس ومحمد العبد الله».

وذكر مصدر عسكري مسؤول لوكالة أنه «أثناء ملاحقة أفراد المجموعات الإرهابية المسلحة في المدينة تم العثور على 17 جثة محروقة تعود للإرهابيين في حارة الشراكسة».

وأضاف المصدر، بحسب «سانا» أن «المجموعات الإرهابية المسلحة عمدت إلى رمي جثث بعض قتلاها في الصرف الصحي الممتد من طريق الإذاعة حتى المقسم، وأقدمت على حرق عدد من الجثث التي تعود لإرهابيين مرتزقة بهدف إخفاء معالمهم».

وأفادت الوكالة الرسمية السورية بأن «وحدات من قواتنا الباسلة داهمت أوكار الإرهابيين في حي الخالصة بالحجر الأسود في ريف دمشق وقضت على العشرات منهم ودمرت وحدة من قواتنا المسلحة 3 عربات مزودة برشاشات دوشكا. وعثرت وحدة من قواتنا المسلحة على مشفى ميداني مليء بالأدوية المسروقة بحي زليخة في يلدا بريف دمشق». وفي حماه، قالت وكالة الأنباء السورية إن «وحدة من قواتنا المسلحة نفذت عملية نوعية قضت خلالها على متزعم إحدى أخطر المجموعات الإرهابية المسلحة في مدينة حماه».

وذكر مصدر في المحافظة لـ«سانا» أن «العملية أسفرت عن مقتل الإرهابي شادي عباس والقبض على باقي أفراد مجموعته الإرهابية ومصادرة الأسلحة التي كانت بحوزتهم».