وزير الإعلام المصري لـ «الشرق الأوسط»: نحن لسان الشعب ولسنا لسان الرئيس

صلاح عبد المقصود: قلت لزملائي حتى من كان منهم يعمل لحساب النظام السابق «عفا الله عما سلف» ولنفتح صفحة جديدة

TT

صلاح عبد المقصود وزير الإعلام المصري بعد الثورة، لايخفي «إخوانيته» بل يفتخر بها، ويتشرف بأنه «إخوانجي» حتى النخاع، إلا أنه يؤكد أنه يخلع عباءة الإخوان على بوابة ماسبيرو، التي كان ممنوعا من دخولها، حتى ليلة فوز الرئيس الدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية، رغم أنه كان وكيلا لنقابة الصحافيين من 2003 حتى 2011، وشغل منصب القائم بأعمال النقيب بعد استقالة مكرم محمد أحمد في بداية 2011، ومن الدور الأرضي إلى الدور التاسع، بعد عبور بوابة رقم خمسة أو كما تعرف «بوابة الوزير»، لا يوجد ملتحيا واحدا، حتى العاملون في سكرتارية مكتبه كانوا من «الأفندية» المهندمين حليقي الذقون، يلبسون البدل غالية الثمن ورابطات العنق الأنيقة، ويناوبون بالاستئذان فيما بينهم للذهاب فرادى للوضوء وصلاة العصر. والتقت «الشرق الاوسط» بالوزير في مكتبه بالدور التاسع الذي يطل على صفحة النيل الهادئة، وهو نفس المكتب الذي احتله من قبله صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق و أنس الفقي، وكلاهما محبوسان في سجن طرة بتهم الفساد. وفي مكتب وزير الإعلام، القادم من قلب «الإخوان»، استبدلت صورة الرئيس السابق حسني مبارك، التي كانت فوق رأس الوزير بآية جميلة بالخط النسخ «وما توفيقي إلا بالله»، وعلى يسار الوزير شاشة عملاقة مقسمة إلى 16 شاشة صغيرة، تعرض 13 شاشة صغيرة لقنوات التلفزيون المصري، وثلاث لفضائيات عربية ومصرية، يتابعها الوزير عبد المقصود بانتظام طوال وجوده في مكتبه. في بداية اللقاء، أكد الوزير عبد المقصود لـ«الشرق الأوسط» أنه خلع الرداء السياسي على باب نقابة الصحافيين أولا ثم وزارة الإعلام الآن، وأنه شخصيا سيجاهد لتحويل الإعلام من «إعلام حزب إلى إعلام شعب». وجاء الحوار على النحو التالي:

* ما حجم الديون التي تركها النظام السابق على وزارة الإعلام؟

- بلغة الأرقام هناك أكثر من 19 مليار جنيه ديونا لبنك الاستثمار، من رصيد أموال المعاشات، وهناك 850 مليون جنيه ديونا لوكالات أخبار وصور ووكالات أنباء ومنتجين، بالإضافة إلى تضخم في المرتبات، بسبب رفع الأجور 400 في المائة للأجور الأساسية العام الماضي، مما أدى إلى أن حجم الرواتب العام وصل الآن إلى ما يقرب من 225 مليون جنيه سنويا، وتفاجأ إذا علمت أن الذي يصرف على الإنتاج والتشغيل نحو 25 مليون جنيه فقط، أي أن 85 في المائة أجور و15 في المائة تشغيل وصيانة، وهذه معادلة مخلة لأن الأجور من المفترض أن لا تزيد على 30 في المائة، والسبب في هذه المشاكل المتراكمة أنه كان إعلاما موجها لخدمة النظام، وحمدا لله بعد الثورة هذه الأمور لا مكان لها، ويغنينا المولى عز وجل إن شاء الله بالحلال».

* ما أبرز المشاريع التي تعمل عليها حاليا من أجل تطوير أداء الإعلام المصري والعاملين في ماسبيرو؟

- نحن نعمل الآن على عدة سياقات، فقد كان هناك سابقا برامج «ملاكي» مباعة، إما للنظام أو لرجال في النظام، والبرامج كانت موجهة لرؤية واحدة لتصفية حسابات مع تيارات بعينها، ونحن نعمل الآن على وضع كتاب إرشادي «ستايل بوك» مثل ما هو مطبق في المؤسسات الإعلامية الغربية الكبرى، يقوم على وضعه إعلاميون من داخل اتحاد الإذاعة والتلفزيون بالمشاركة مع خبراء في الإعلام من خارج ماسبيرو، بحيث يلتزم به المعد والمحرر ومقدم النشرة، في مؤسستنا الإعلامية. وللأسف كان لدينا مقدمون للبرامج يخلطون بين المهنة والاتجاه السياسي، فتجده أحيانا يقع في خصومة مع الضيف، في حين أنه من المفترض أن يكون محايدا ومديرا للحوار فقط، وحاليا نقوم بمراجعة للبرامج التي تقدم في التلفزيون، ونتيجة هذه المراجعة، نلفت نظر الزملاء، وقبل المحاسبة لا بد أن نضع بين أيدي الزملاء «ستايل بوك»، نلتزم به وندربه عليه قبل المحاسبة، أي لا بد أن نضع بين يديه معايير يلتزم بها ويحتكم إليها، ويحاسب عليها، هذا هو الشق الأول، أما الشق الثاني فسيلحق بمعايير «ستايل بوك» ميثاق شرف إعلامي، لأن الإعلام هنا قد يغتال شخصيات وهي بريئة بموجب قاعدة قانونية تقول:«إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، أي الإعدام المعنوي على شخصيات قبل أن تحاكم وقبل أن يقول القضاء كلمته، وكذلك حقوق المتهمين أي كانت البرامج قبل الثورة تكشف عن صور وأسماء المتهمين قبل إدانتهم في المحاكم، لمجرد صدور مذكرة معلومات من أمن الدولة لشخص ما تقول إنه متهم في أمر ما، وعلى نفس السياق نعد لجنة متابعة الأداء الإعلامي، وسيشرف عليها عدد من الإعلاميين وخبراء الإعلام والمحكمين، وسنضع بين أيديهم مواد البرامج المختلفة، ليعطوا تقريرهم بعد الدراسة في مدى جودة هذه البرنامج، ويضاف أيضا للجنة الأداء الإعلامي لجنة أخرى تحمل اسم «معايير الجودة».

* رغم أنكم تكرهون مصطلحات «الأخونة».. ورغم أنني لم أشاهد ملتحين في ماسبيرو منذ دخولي من بوابة رقم خمسة حتى مكتبكم في الدور التاسع، أين الحقيقة من «أخونة الإعلام»؟

- (ابتسم) لماذا أنا أمامك.. أنا من قلب «الإخوان»، وبالأمس القريب كنت أعقد اجتماعا مع ممثلي الأحزاب السياسية، حضره ممثلو أكثر من 45 حزبا، وفكرة الاجتماع تقوم على تحويل الإعلام من إعلام الحزب إلى إعلام الشعب، أو من إعلام السلطة إلى إعلام الدولة، أي يكون إعلاما مهنيا، أي خلق جهاز إعلامي ملك للشعب ككل، دون أن يعبر عن تيار سياسي بعينه، لأن رئيس الدولة، حول منصب الرئيس إلى مؤسسة، لذلك أنا أريد أن أحول الإعلام من إعلام يديره وزير إلى إعلام يديره مجلس، يمثل أطياف المجتمع المصري، قد يكون رئيسه من الإخوان أو من اليسار أو من القوميين، بحيث لا ينفرد وزير أو مسؤول بقراره لأنه سيكون إعلام الدولة، الذي يموله الشعب من أمواله، لأن هذا الشعب هو الذي يدفع رواتبنا، والمعيار عندي هو المهنية والحيادية والموضوعية، والرأي والرأي الآخر، وقلت لزملائي حتى من كان منهم يعمل لحساب النظام السابق «عفا الله عما سلف» ولنفتح صفحة جديدة، ولنعمل معا لخدمة الشعب المصري، وقد يمكن القول إننا أيضا في مرحلة انتقالية، وهذا الجهاز سيطر عليه أصحاب رؤية واحدة، ومنذ افتتاح التلفزيون عام 1960، ومنذ ثورة يوليو كان الإعلام المصري، إعلام الرأي الواحد، والاتجاه الواحد، ومن أجل نقله إلى إعلام الشعب، يحتاج إلى مرحلة معينة من الصبر والجهد، وهذا ما نقوم عليه حاليا، لأنك تتحدث عن إذاعة تعتبر ثاني إذاعة على مستوى العالم، أي منذ نشأتها عام 1934، وليس لديها «ستايل بوك» تحتكم إليه حتى الآن، ولدينا قنوات إقليمية عمرها نحو 25 عاما، والعاملون فيها لم يخضعوا لدورة تدريبية حتى الآن، رغم مرور هذه السنوات الطويلة، ولدينا أسطول من سيارات البث المباشر، ولكن أحيانا تعجز عن نقل فعالية تبعد ساعة أو ساعتين عن القاهرة الكبرى بسبب القيود البيروقراطية الموضوعة على العمل الإعلامي في مبنى ماسبيرو، وفي الحقيقة نحن نعاني من أوضاع كثيرة تحتاج وقتا حتى نتحرر منها.

* ما الجديد بالنسبة للقنوات الإخبارية حتى تقف على قدم المساواة مع القنوات الإخبارية العربية في المنطقة؟

- خلال شهور قليلة انتهينا من الأعمال الخاصة بخصوص قناة «النيل»، وهو استوديو كبير مساحته نحو 800 متر مربع، يعمل بكاميرات اتش دي، على درجة عالية من الكفاءة، وفي القناة استوديو للأخبار على أعلى مستوى، وظني إن شاء الله خلال شهور قليلة ستنطلق قناة «النيل للأخبار» في ثوب جديد، قد تصلح لأن تكون منافسا لأخبار المحطات الفضائية العربية، التي رفدتها قناة «النيل» بالعديد من الكوادر الإعلامية، التي تشرف الإعلام المصري بأنها موجودة في تلك المحطات، بعد أن أتيحت لها الحرية ووجدت الفرصة بعد أن أزيلت من أمامها العوائق الإدارية والبيروقراطية فانطلقت.

* ما تقييمكم من خلال المتابعة لشاشة القنوات المصرية والفضائيات الأخرى؟

- تمنياتي أن يسترد الإعلام المصري عافيته بالتزام بالمهنية وإعطاء المساحة للرأي والرأي الآخر، نحن لدينا إن شاء الله قدرة على الالتحام بالجماهير، وهناك قناة واعدة مبشرة بالخير اسمها «صوت الشعب»، أنشئت لتتابع جلسات مجلس الشعب، وطلبت منهم أن تتابع جلسات مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، حتى يرى الشعب نفسه في هذه القناة، وطلبت من زملائي أن يعكسوا وجهات نظر مكونات طوائف الشعب، وليس النخبة وأصحاب الياقات البيضاء، أي يكون إعلام الشعب المصري.. الغني والفقير، أهل العاصمة والكفور والقرى والنجوع.

* ظهور أول مذيعة محجبة (فاطمة نبيل) على شاشة التلفزيون المصري منذ أيام قليلة.. من وجهة نظركم هل تأخر كثيرا؟

- نعم تأخر كثيرا، وليس المذيعات المحجبات هن الذين حرموا فقط من قبل النظام السابق، فأنا شخصيا كنت ناشطا في مجال الإعلام والمجتمع المدني وكنت نقيبا للصحافيين، وعضوا بالمجلس الأعلى للصحافة ووكيلا لنقابة الصحافيين، في أربع دورات على مدى 16 عاما، ومع ذلك لم يسمح لي بدخول مبنى ماسبيرو إلا ليلة فوز الرئيس الدكتور محمد مرسي بانتخابات الرئاسة المصرية، بصفتي كنت المستشار الإعلامي لحملته الانتخابية، والعام الماضي كنت عضوا بمجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون، ورغم ذلك لم أدخله أيضا، وكان اسمي موضوعا على قوائم المنع، رغم أن البعض رفعت أسماؤهم منذ الثورة، وربما لسبب أو لآخر كان اسمي لا يدعى لدخول ماسبيرو، وبالتالي زميلاتي المحجبات كن ممنوعات، وكان ظهور المذيعة فاطمة نبيل على شاشة القناة الأولى والفضائية بعد سنوات من المنع، وهي ابنة قطاع الأخبار تعمل فيه منذ 12 عاما، وكانت تعمل محررة مترجمة، ودخلت مسابقة في أواخر وزارة أنس الفقي الوزير المحبوس حاليا، وحصلت على المركز الأول في المسابقة، أما هي فمنعت بسبب حجابها، رغم أنها حصلت على المركز الأول في المسابقة الإعلامية، والمذيعة الأخرى التي سمحت لها بالظهور الزميلة نرمين خليل، وهي قارئة نشرة في قناة «النيل للأخبار»، وهي قارئة مشهود لها بالكفاءة ارتدت الحجاب عام 2007، وعندما ارتدت الحجاب تم إقصاؤها عن الشاشة، ومنعت من قراءة النشرات في «النيل للأخبار»، ولكنها عادت إلى الشاشة الأسبوع الماضي، المذيعة المحجبة الثالثة كانت سارة الشناوي، وهذه دخلت مسابقة قراءة النشرة الجوية، ورغم أن قراءة النشرة الجوية لا تستغرق سوى دقيقتين أو أقل، ولكن منع ظهور المحجبات طالها أيضا، وسمحت لها بالظهور، أما المحجبة الرابعة فستظهر خلال ساعات وهي نرمين البيطار، وهذه مذيعة قديمة كانت تقرأ النشرة لمدة 16 عاما، وارتدت الحجاب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، أي بعد الثورة بعشرة أشهر، ورغم ذلك تم إقصاؤها عن الشاشة بسبب حجابها، وقررت عودتها بظهورها في نشرة التاسعة مساء الاثنين، وشعرت أن ظهور المحجبات هو انتصار لمبادئ الدستور والقانون ومبادئ الثورة.

* ما تعليقكم على ظهور شخصيات موالية للنظام السابق على شاشة التلفزيون المصري بعد الثورة؟

- يمكنني القول إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وحتى لو كان متهما علينا أن نواجهه في الإعلام، أي نسمح له بالظهور، وقد سمحنا للفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي بالظهور على شاشة التلفزيون المصري، وهو يقيم الآن في أبوظبي، رغم أنه متهم في قضية كبيرة، حبس على ذمتها بعض المسؤولين وهي بيع أراضي الطيارين، بالبحيرات المرة، وسمحنا له بالظهور لقناعتنا أن من حقه، أن يظهر ويرد على ما يثار ضده من اتهامات، وكذلك سمحنا لشخصيات سورية بالظهور على شاشة التلفزيون المصري عقب خطاب الرئيس مرسي في قمة عدم الانحياز في طهران أو في الجامعة العربية في القاهرة، كي يظهر الرأي الآخر، وقديما في ظل النظام القديم لم يكن يسمح به، أي يظهر خصم ما للرئيس السابق أو مسؤول ما، ولكن في قناعتي الخاصة وطبقا لما تلقيته من تكليف، وطبقا لما أبلغني به الرئيس مرسي، أن يكون الإعلام المصري إعلاما معبرا عن واقع الشعب بمختلف أطيافه، ومختلف تياراته وأفكاره.

* عندما نشاهد على غلاف إحدى المطبوعات الأسبوعية صور الرئيس مرسي يركب حصانا.. وتصوره المطبوعة بأنه فارس لا يشق له غبار، هل يمكن أن يتحول الإعلام المصري لاحقا كما كان في السابق لخدمة النظام؟

- بالمناسبة أولا أنا لا ولاية، كوزير إعلام، لي على الصحافة المكتوبة أو الإلكترونية، أو القنوات الخاصة، وكذلك لا ولاية لي هنا إلا في حدود تطبيق القانون، وأنا لا أتدخل في خريطة البرامج أو أي محتوى، غير التوجيه ووضع المعايير فقط، والمطالبة بالالتزام بالمهنية والحيادية، وبخصوص الصحافة ففي مصر صحافة حرة الآن تنتقد الرئيس، ولدينا مقالات يومية تنتقد الرئيس، وأخرى تستحسن خطوات الرئيس وسياساته، وهذا يثري الحياة السياسية. وظني أن الرئيس مرسي يرحب بالنقد، ونحن نرحب أيضا بالنقد ولكننا نرفض التجريح والتخوين، والطعن في الذمم غير المبني على حقائق وأدلة، والأدلة عندي هي الأحكام القضائية.

* ما تقييمكم لخطاب الرئيس مرسي في قمة عدم الانحياز في العاصمة طهران.. وبما تزكون الرئيس مرسي الذي عرفتموه عن قرب؟

- معرفتي بالرئيس مرسي تعود إلى عام 1986، هو رجل يحب بلده جدا، فقد ترك الولايات المتحدة، وكان راتبه هناك، يقارب الـ3 آلاف دولار، وعاد إلى مصر، كي يتقاضى 158 جنيها من خلال التدريس بكلية الهندسة، غير البحوث العلمية التي كان يقوم بها لصالح وكالة ناسا لأبحاث الفضاء، وكانت يمكن أن تدر عليه دخلا كبيرا، لكنه عاد ليخدم وطنه وبلده مصر، والرجل بطبيعته إنسان مصري، فلاح ينتمي إلى هذا الشعب، حريص على زيارة قريته ومسقط رأسه والاحتكاك بمواطنيه من الفلاحين، بصورة منتظمة، وهو يفضل العمل في فريق، لا يميل على الإطلاق، للانفراد بالرأي، ويميل إلى المشورة، وجربته خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، وكنا نجلس في الحملة أعمارنا تتراوح من العشرينات وحتى الستينات من العمر، كنا نجلس في الحملة أجيالا متعددة، وكان يستمع إلى الجميع، قبل أن نتخذ القرار لمواجهة أي شيء، يتسم بالحلم والتأني، لكنه حاسم في قراراته، ويصبر، لكنه إذا أقدم على اتخاذ قرار، يكون في العادة حاسما وقراراته لا تأخذ أنصاف الحلول أو التجزئة، رغم أنه صبور وحليم للغاية، وقد جربنا في لقاءات مع الصحافيين والإعلاميين والفنانين والمثقفين وفي جميعها يرفض اللقاءات سابقة التجهيز، وعلى النقيض كان الرئيس المخلوع، عندما يريد لقاء المثقفين كان جهاز أمن الدولة ينتقي مجموعة منهم، ويبلغهم قبل اللقاء بيومين أو ثلاثة بماذا ستسألون الرئيس، حتى يهيئ المخلوع نفسه للسؤال أو يرفضه، وكنا نشاهد الرئيس المخلوع في المعرض الدولي للكتاب عند لقائه بالمثقفين في يده أوراق، وكان على معرفة بسؤال الكاتب أو المفكر مسبقا، لكن الرئيس مرسي يميل إلى سياسة الباب المفتوح، أي يلتقي بالجميع، ويسمع من الجميع وليس لديه ما يخفيه أو يخشى عليه، هو رجل بسيط في حياته ما زال يعيش في شقته بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، هو رجل بسيط للغاية، وعندما سافر إلى السعودية كانت زوجته تريد أداء العمرة، فحجز لها على طائرة «مصر للطيران» رغم أن المجال يسمح بسفرها على طائرة الرئاسة، لكنها سافرت إلى الأراضي المقدسة على طائرة «مصر للطيران»، ولم ينزلها في قصر الضيافة، بل تركها مع نجله يسافران على طائرة الشركة الوطنية «مصر للطيران»، وفي مؤتمر عدم الانحياز في قمة طهران أعاد الرئيس مرسي مصر إلى وضعها العربي والإقليمي، من حيث الوزن والقوة.

* كم ساعة تعمل في اليوم منذ توليكم مسؤولية وزارة الإعلام؟

- أعمل في ماسبيرو في حدود 16 ساعة يوميا، وفي الإجازة يوم الجمعة أعكف على قراءة الملفات العالقة التي لم أتمكن من قراءتها طوال الأسبوع، ويوم السبت خصصته كيوم مفتوح ألتقي فيه العاملين في ماسبيرو، العاملين في اتحاد الإذاعة والتلفزيون، حيث إنني أعتمد سياسة الباب المفتوح، ومنذ أن جئت إلى هذا المكان لا أسمع شهادة طرف ضد طرف آخر، أي لا أستمع لوجهة نظر واحدة، ووجهت كلمة متلفزة في اتحاد الإذاعة والتلفزيون، حيث يوجد لدينا تلفزيون داخلي في ماسبيرو، وأعلنت لهم أنه سيكون لدي موعد معهم كل يوم سبت، وسيكون لي لقاء مع كل شخص صاحب فكرة أو شكوى، بموعد مسبق، وعلى سبيل المثال قبل قدومكم كان لدي الأستاذ محمد فاضل المخرج الشهير، والأسبوع الماضي، جاء إلى الفنان محمد صبحي، كانت لديه مشكلة خاصة، تتعلق بمسلسل «ونيس والعباد وأصحاب البلاد» بسبب مشكلة مالية، وكذلك الأستاذ محمد فاضل لديه مسلسل فكرته تقوم على الحالة التي مهدت للثورة، وهو مسلسل معطل بسبب بطء الضخ المالي.

* هل تقبل بإذاعة الجزء الثاني من مسلسل «الجماعة» رغم ماقيل من أن الجزء الأول لم يكن موفقا، ولم يرض عنه كثير من المشاهدين؟

- إذا أنتج الأستاذ وحيد حامد الجزء الثاني على منوال الجزء الأول، فلن يعرض على شاشة التلفزيون المصري، ومع احترامي لإمكاناته وإبداعه وتاريخه الفني، لم يكن نزيها عند إنتاج الجزء الأول من العمل الفني، فقد صنع هذا المسلسل لتشويه صورة الإخوان، لأن الجزء الأول من العمل لم يكن إبداعا محايدا، لأنه صنع هذا العمل (الجماعة) لاغتيال شخصية الإخوان ومؤسسهم الإمام الشهيد حسن البنا، هذا المسلسل دفع فيه عشرات الملايين، لتشويه صورة الإخوان، وكان الغرض منه سياسيا، ووظفه النظام، تمهيدا لتزوير انتخابات 2010، وقد زورها بالفعل، وحصد منها 98 في المائة، لكنها كانت وبالا على النظام نفسه. ومسلسل «الجماعة» خدم مصر كثيرا وقد تسبب في تضليل النظام الحاكم، حيث ظن أن الجو قد تمت تهيئته له فأقدم على تزوير فاضح، لم يسمح فيه للإخوان إلا بعضو واحد خرج عن النص، وبالتالي كانت تلك هي القشة التي قصمت ظهر البعير بحمد الله.