فياض يبث على صفحته بـ«فيس بوك» أغنية تدعوه للرحيل

نموذجه في التعاطي مع الأزمة الاقتصادية والاحتجاجات بين الإعجاب والتشكيك

سلام فياض («الشرق الأوسط»)
TT

سجل رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، نموذجا مختلفا في التعاطي مع الغضب الشعبي الذي طاله شخصيا إلى حد التجريح في المظاهرات التي اندلعت الأسبوع الماضي في الضفة الغربية احتجاجا على غلاء الأسعار، وفتح هذا الباب واسعا للنقاش والتحليل.. أعجب البعض وشكك البعض، وتغيرت قناعات أناس وتعززت قناعات آخرين.

ويحسب كثيرون لفياض أنه لم يرسل جيشه لضرب وقمع المتظاهرين، ولم يعتقل في منتصف الليل أيا منهم، ولم يرمهم بالتهم الجاهزة في العمل لصالح أجندة داخلية أو خارجية، غير أن آخرين لم يروا في ذلك إلا مجرد تحايل. وانسحب هذا على كل خطوة أخذها الرجل، بدءا من حوار المتظاهرين ثم التوجه إلى وسائل الإعلام، فاتخاذ إجراءات سريعة لتخفيف الأزمة.

أيد البعض إجراءاته، واعتبرها البعض ضحكا على الذقون. وفي الحالتين تحول فياض إلى عنوان «الأزمة» وعنوان «الحل». ويمكن القول إن طريقة إدارته للأزمة، حولته إلى مادة للنقاش بدل السب في الشوارع، وقد تناقش المتظاهرون طويلا حول حد المسؤولية التي يتحملها الرجل، وماذا إذا استقال؟

وقال علي قراقع من مجموعة «اصحى يا نايم»، التي بدأت المظاهرات الشعبية ضد فياض وحكومته: «لقد تعامل بذكاء مع الأزمة، وبمكر أيضا».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «طريقته في التعامل المباشر مع شباب الحراك، كان فيها كثير من الدهاء، وفتحت نقاشا في الآخر، حول ما إذا كان يجب أن يبقى أو يرحل». وأضاف قائلا «صحيح أنه لا يتحمل كل المسؤولية، لكني أقول إن عليه أن يقول لنا من يتحملها. أعتقد أنه أخذ وقته وأنا برأيي أنه يجب أن يتحمل مسؤوليته ويرحل، أو يشير بأصابع الاتهام إلى الذين يجب أن يرحلوا».

وفاجأ فياض أمس أصدقاءه وأنصاره قبل أعدائه عندما بث على صفحته الشخصية على الموقع الاجتماعي «فيس بوك» أغنية شعبية للفنان الفلسطيني قاسم النجار تطالبه بالرحيل.

والأغنية التي تحمل عنوان «دبر حالك يا فياض»، انتشرت بشكل واسع خلال أيام قليلة على صفحات التواصل الاجتماعي وأجهزة الجوال. وتقول الأغنية «اسمع اسمع يا فياض.. شعبك من الفقر باض.. ما بدو قروض وإقراض ودبر حالك يا فياض.. طفح الكيل شعب الضفة ما فيه حيل.. كل الشعب على (فيس بوك) عمل للحكومة بلوك، لأنها طلعت ستوك.. ودبر حالك يا فياض». وجاء في الأغنية أيضا «إن كان الحل هو الرحيل ارحل ياللاه أوعى تظل، وارحم شعبك يا فياض».

وتركز الأغنية على الغلاء الكبير في الضفة، وتقول «كرتونة البيض بعشرين وبالعالي سعر البنزين شعبك كلو مساكين.. وارحم شعبك يا فياض».

وتنتقد الأغنية تجزئة الراتب، حيث تقول «الراتب كلو يا بلاش نصو ما بكفيناش هذا الوضع بنفعناش».

كما تدعم الأغنية مطلب إلغاء اتفاقية باريس الاقتصادية قائلة «بنطالب إحنا الرئيس يلغي اتفاقية باريس.. لازم قبل ما نغيص نقيس، ودبر حالك يا فياض».

وعلق مئات من متصفحي صفحة فياض على الأغنية، وسأله ناشطون إذا فعلا «دبر حاله» كما تقول الأغنية، وشكره آخرون على سعة صدره، واعتبرها آخرون جزءا من لعبة التحايل على الناس. وقال الناشط الشبابي محمد زغير لـ«الشرق الأوسط» إنه «يضحك على الناس». وأضاف أن «التعامل الجيد مع المظاهرات غير محسوب لسلام فياض، إنه يحسب للرئيس الذي وجه بعدم الاعتداء على المتظاهرين». ويوجه فياض يوميا لمتصفحي موقعه رسائل حول الأزمة وسبل الخروج منها.

وتراجعت إلى حد كبير حدة المظاهرات في الضفة الغربية في اليومين الماضيين. وحتى المظاهرات التي خرجت في اليومين الماضيين، ركزت أكثر على إيجاد حلول اقتصادية خلاقة بدل «ارحل يا فياض».

وينتظر الفلسطينيون إجراءات أكثر عمقا لجهة تخفيض الأسعار بعد اتخاذ الحكومة إجراءات محدودة لتخفيض سعر السولار والغاز. ويريد الفلسطينيون ربط الرواتب بالغلاء، ودعم السلع الأساسية والتخلص من التبعية الاقتصادية لإسرائيل.

وتعهدت إسرائيل والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بتحويل نحو 350 مليون دولار للسلطة في محاولة لإنقاذها من أزمتها، وحصلت الحكومة على مبلغ 30 مليونا من صندوق الاستثمار الفلسطيني كأرباح عن عام 2012.

وحولت إسرائيل مبلغ 250 مليون شيقل للسلطة (64 مليون دولار)، وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها تعمل جهدها لإقناع الكونغرس بتحويل 200 مليون دولار لخزينة السلطة، ووعد الاتحاد الأوروبي بتحويل 100 مليون يورو بشكل عاجل. غير أن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، قال إن أيا من الأموال لم يصل بعد لخزينة السلطة الوطنية. وأضاف أن «قرار الاتحاد الأوروبي والحديث عن تحويل الإدارة الأميركية للأموال لا يزال في طور التصريحات».