كنائس ومساجد حلب تفقد قدسيتها في خضم المعارك

إمام أحد المساجد هو نجل شقيق مفتي سوريا وترك المنطقة مع احتدام الثورة فيها

TT

فقدت الكنائس والمساجد التي تمثل النسيج المتنوع للمجموعات الدينية في سوريا، قدسيتها في النزاع الذي تشهده مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية، إذ إنها غالبا ما تكون مستهدفة أو تستخدم لغير غايتها السامية.

فقد أطلق مقاتلون معارضون خلال اليومين الماضيين قذائف صاروخية عبر الحائط الخلفي المحيط بكنيسة أرمنية أرثوذكسية في حلب، مع محاولتهم تحقيق تقدم إضافي في حي الميدان المحوري، بينما اندلعت أول من أمس اشتباكات خلال سيطرة الجيش النظامي على مسجد الأنصار القريب.

وتحولت باحة كنيسة القديس غريغوريوس إلى ساحة معركة، مع مواجهة المقاتلين المقبلين من شارع سليمان الحلبي الواقع تحت سيطرتهم، مقاومة من الجيش المرابط على الجهة المقابلة، كما لاحظ مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وخلال المواجهات، أصيب صهريج مازوت موجود في باحة الكنيسة، ما أدى إلى اندلاع النيران فيه.

وأدى شل الخدمات البلدية بسبب النزاع إلى تخلي السكان عن اعتمادهم على فرق الإطفاء، واستعاضوا عنها بدلاء من الماء لإخماد النيران المندلعة، بعدما صد الجيش المقاتلين وأجبرهم على التراجع.

لكن القتال لم يتوقف في حي الميدان، واستمر طوال الأسبوع الماضي وصولا إلى مناطق يتحصن فيها المقاتلون المعارضون في حيي بستان الباشا والعرقوب، حيث سيطرت قوات الحرس الجمهوري على مسجد الأنصار.

وواجه الحرس الجمهوري رشقات نارية لدى اقتحامه المنطقة المحيطة بالمسجد الذي تحول إلى نقطة تجمع للمعارضة، وتلت ذلك اشتباكات عنيفة وفق مصدر عسكري.

وقال شاهد عيان يرتاد المسجد منذ مدة طويلة: «سمعت أن المسجد تضرر وأصيب بالرصاص وتحطم زجاج نوافذه، لكنني لم أتمكن من الذهاب» إلى هناك.

وأشار الموظف الحكومي البالغ من العمر 44 عاما، إلى أن «مقاتلي المعارضة سيطروا بداية على المنطقة وحاولوا إقناع القاطنين فيها بمغادرة منازلهم لاستخدامها قواعد لهم». ولفت إلى أن «العرقوب حي فقير، ولم يملك أي من سكانه المال للمغادرة مع عائلته، لذا لجأ المقاتلون إلى المسجد».

وأوضح أن إمام المسجد هو نجل شقيق مفتي سوريا «وترك المنطقة منذ أكثر من عشرين يوما بعدما دخلها المقاتلون».

وقتل عدد من المقاتلين المعارضين في الاشتباكات واعتقل آخرون مع سيطرة الجيش النظامي على المسجد والمباني المحيطة به، وهي نقطة استراتيجية للقوات الحكومية لإطلاق هجمات على حي العرقوب الواقع تحت سيطرة الثوار.

وحاولت وحدة أخرى من الحرس الجمهوري اقتحام شارع سليمان الحلبي الذي يفصل بين حيي الميدان وبستان الباشا، لكنها واجهت نيرانا كثيفة من بستان الباشا، وفق المصدر نفسه.

ولا يعد القصف والمعارك في محيط الأماكن الدينية أمرا جديدا، وقد تحولت هذه المباني إلى مواقع عسكرية استراتيجية في نزاع يحصد أكثر من 100 ضحية يوميا.

وقال المتحدث باسم أسقف حلب للأرمن الأرثوذكس في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية إنه لا يعتقد أن الجيش أو المقاتلين المعارضين سيهاجمون الكنيسة عن سابق تصور.

وشدد على أن «الشعب السوري لا يقوم بذلك أيا تكن الجهة التي انتموا إليها، أظهر السوريون دائما احترامهم للمراكز الدينية، أكانت مساجد أم كنائس».

وأشار المتحدث إلى أن القتال استمر في المنطقة خلال الأسبوع الماضي، ومن المرجح أن الكنيسة كانت ضحية مؤسفة للنزاع.

وقال شانت، وهو أحد سكان حي الميدان، إن «الوضع على الأرض أصبح شديد التوتر، والكثير من السكان نزحوا بعدما سمعوا أصوات الرصاص والانفجارات طوال الليل».