الحرس الثوري الإيراني يقر بوجوده في سوريا للدفاع عن نظام الأسد

اللواء الجعفري: الدعم العسكري الإيراني وارد إذا تعرضت سوريا لهجوم

قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء علي الجعفري خلال مؤتمره الصحافي الذي عقده في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

في أول اعتراف رسمي إيراني من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية في مارس (آذار) من العام الماضي، أقر قائد الحرس الثوري الإيراني بأن هناك وجودا لقواته داخل الأراضي السورية لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة الانتفاضة، وأن الجمهورية الإسلامية ربما تنخرط عسكريا هناك في حالة تعرض سوريا لهجوم.

وكانت عدة اتهامات قد وجهت لإيران من دول غربية وجماعات معارضة سورية بتزويد القوات المسلحة السورية بالسلاح والخبرة وسط تقارير غير مؤكدة عن وجود عسكري إيراني داخل سوريا، لكن إيران حرصت على نفي تلك الاتهامات، مؤكدة أن مساعداتها للنظام السوري لا تتعدى الجوانب المعنوية والإنسانية.

وسعت طهران منذ نشوب الأزمة في سوريا إلى إعلان دعمها لحليفها بشار الأسد، مرة «عبر التصريحات» التي يطلقها القادة الإيرانيون باعتبار النظام السوري «جزءا رئيسيا من محور المقاومة في مواجهة إسرائيل»، ومرة عبر تقديم مقترحات لحل الأزمة بين النظام والمعارضة عبر حوار بين الطرفين تستضيفه طهران، ومرة عبر ممارسة الضغوط على حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لدعم نظام الأسد، إلا أنها حرصت في الوقت ذاته على تأكيد أنها لا تدعم الأسد عسكريا في مواجهة المنتفضين.

إلا أن طهران خرجت عن المألوف أمس وقررت، على ما يبدو، الخروج إلى الصدارة لمواجهة «أعداء النظام» في الداخل والخارج بنفسها، في وقت تتزايد فيه الضغوط على نظام الأسد واشتداد عود المعارضة السورية.

وعقد اللواء محمد علي الجعفري القائد الأعلى للحرس الثوري أمس مؤتمرا صحافيا في طهران، حشد له عددا ضخما من الصحافيين المحليين والأجانب. ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن اللواء الجعفري قوله إن «عددا من أعضاء قوة القدس موجودون في سوريا، لكن هذا لا يمثل وجودا عسكريا».

وقوة القدس وحدة تابعة للحرس الثوري مسؤولة عن تنفيذ العمليات الخارجية السرية ولتصدير الفكر الإيراني، كما أنها اتهمت بالتآمر لشن هجمات داخل العراق منذ الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

ولم يشر الجعفري إلى عدد الأعضاء الموجودين في سوريا، لكنه قال إنهم يقدمون «المساعدة الفكرية والمشورة»، ومضى يقول: «الحرس الثوري يقدم المساعدة الفكرية وحتى المساعدة المالية، لكن ليس هناك وجود عسكري»، كما أشار إلى وجود عناصر قوة القدس في لبنان أيضا.

وأكد الجعفري أن إيران ستغير سياستها وتقدم الدعم العسكري للأسد في حالة تعرض سوريا لهجوم. وأردف قائلا: «أقول على وجه الخصوص إنه في حالة تعرض سوريا لهجوم عسكري فإن إيران ستقدم أيضا الدعم العسكري، لكن هذا... يتوقف تماما على الملابسات».

وأضاف: «نحن فخورون (...) بالدفاع عن سوريا التي تشكل عنصرا مقاوما» ضد إسرائيل «عبر تزويدها بخبرتنا، بينما لا تخجل دول أخرى من دعم مجموعات إرهابية»، التسمية الرسمية الإيرانية للمعارضة السورية.

كما شن اللواء الجعفري هجوما على إسرائيل وقال إن الرد الإيراني عل أي ضربة عسكرية إسرائيلية على بلاده «سكون قاسا، بحث لن بق من هذا الكان شيء سالما»، وأضاف: «نظرا للمساحة الصغرة الت وجد بها هذا الكان الغاصب وضعفه البالغ أمام الحملات الصاروخية الإيرانية الكثيفة، فإنه لن تبق نقطة فه بمنأ عن الحملات الصاروخية الإيرانية».

وأشار اللواء جعفر إل القواعد الأميركية المنتشرة ف دول الجوار والمنطقة، وقال إن «هذه القواعد ستكون ف مرم الصوارخ الإيرانية، وهو ما شكل نقطة ضعف للأعداء مقابل إيران».

ونفى تقارير أفادت في وقت سابق باتفاق بين واشنطن وطهران عبر دولتين أوروبيتين حول عدم دعم واشنطن لإسرائيل في هجومها المرتقب على إيران مقابل عدم استهداف طهران للقواعد الأميركية في المنطقة، وقال إن «هذا الموضوع غير صحيح ولا أساس له من الصحة». واستبعد أن «يتجرأ الكيان الإسرائيلي على شن أي هجوم ضد إيران دون أن يحصل على ضوء أخضر أميركي»، مضيفا أن «الرد الإيراني سيكون سريعا وصاعقا ومدمرا في حال شن أي عدوان إسرائيلي ضد البلاد»، مشددا على أنه «من الطبيعي أن تستهدف القوات الإيرانية القواعد الأميركية في المنطقة ردا على أي عدوان».

ومضى يقول إن أي هجوم على إيران سيؤدي أيضا إلى إثارة شكوك حول مدى التزام إيران بمعاهدة حظر الانتشار النووي، وهي تصريحات ستسبب قلقا بين الدبلوماسيين الغربيين الذين يريدون التوصل إلى حل سلمي للبرنامج النووي الإيراني وتجنب التداعيات العسكرية. وقال جعفري: «إذا لم تتمكن المنظمات الدولية من منع إسرائيل فإن إيران لن تعتبر نفسها ملتزمة بواجباتها. هذا لا يعني بالطبع أننا سنمضي في اتجاه القنبلة النووية»، حسبما أوردته وكالة رويترز.

وجاءت تصريحات الجعفري حول سوريا بالتزامن مع ما أوردته مجلة «دير شبيغل» الألمانية التي تصدر اليوم من أن النظام السوري أجرى عمليات لتجريب قنابل غاز سام نهاية الشهر الماضي بحضور ضباط إيرانيين.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المجلة واسعة الانتشار أنه تم إطلاق من خمس إلى ست قنابل من دبابات وطائرات في الصحراء بالقرب من مدينة السفيرة شرق حلب، استنادا إلى شهود لم تذكر أسماءهم المجلة.

وأفادت معلومات مجلة «دير شبيغل» بأن ضباطا إيرانيين كانوا حضروا تجريب قنابل الغاز السام.

ويذكر أنه بالقرب من الموقع الذي تم تجريب القنابل فيه يقع مركز لأبحاث الأسلحة الكيماوية. وعلى الرغم من أن سوريا اعترفت بامتلاكها لغازات سامة، فإنها أعلنت عدم اعتزامها استخدام هذه الأسلحة.

وكانت تقارير صدرت في يوليو (تموز) الماضي أشارت إلى أن سوريا نقلت أجزاء من أسلحتها الكيماوية إلى نقطة عسكرية لتوفير حماية أفضل لها، تحسبا لمهاجمتها من قبل قوات المعارضة. ووفقا لمعلومات أجهزة استخبارات غربية فإنه يتم اختبار وإنتاج غازات السارين والتابون والخردل في مركز الأبحاث المشار إليه.

وفي إسطنبول، قال نائب الرئيس العراقي المحكوم عليه بالإعدام، طارق الهاشمي، أمس، إن إيران تستخدم المجال الجوي العراقي في نقل إمدادات إلى قوات الرئيس السوري بشار الأسد، وإن آلافا من مقاتلي الميليشيات العراقية عبروا الحدود إلى سوريا لدعم قوات الأسد. وقال الهاشمي إن حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لا تعترض نقل الذخيرة والسلاح إلى قوات الأسد.

وأضاف الهاشمي في مقابلة مع «رويترز» في إسطنبول، أن بلاده تحولت إلى ممر للدعم الإيراني لنظام الأسد، وأنه لا شك لديه في ذلك. وشدد الهاشمي، وهو على خلاف مع المالكي، على أن الأمر لا يتعلق فقط بفتح المجال الجوي وإنما يتعلق بآلاف من مقاتلي الميليشيات الموجودين الآن داخل سوريا لدعم الأسد وقتل السوريين الأبرياء. وأشار الهاشمي في ذلك إلى تقارير تلقاها من محافظة الأنبار العراقية المتاخمة للحدود مع سوريا ومن المعارضة السورية.

ورفض مستشار رفيع للمالكي هذه الاتهامات، وقال إن العراق ملتزم بعدم الانحياز لأي من طرفي الصراع في سوريا. وقال علي الموسوي المستشار الإعلامي للمالكي، إن رئيس الوزراء يؤكد دائما على أن العراق لن يسمح لأي دولة باستخدام مجاله الجوي لنقل الأسلحة إلى سوريا.