ضغوط غربية على مصر بسبب المتشددين والدستور الجديد والعلاقة مع حماس

تأجيل زيارة هنية.. ودعوات أميركية لإرجاء المساعدات

TT

كشفت مصادر مصرية مقربة من الرئاسة أمس أن القاهرة تتعرض لضغوط غربية ظهرت بقوة خلال اليومين الأخيرين بسبب تنامي سطوة المتشددين الإسلاميين وتأثير ذلك على الدستور الجديد، والعلاقة مع حماس، مشيرة إلى دعوات أميركية لإرجاء مساعدات مالية وطلب دول أوروبية الحفاظ على «الديمقراطية والسلام»، بعد أن أبدت مخاوف مما تسميه «تجاهل مبادئ إنسانية أساسية» في الدستور الجديد الذي يجري وضعه في لجنة يهيمن عليها تيار الإسلام السياسي من جماعة «الإخوان» والسلفيين. وقالت المصادر إن السلطات المصرية طلبت من القيادي في حركة حماس رئيس الحكومة المقالة في قطاع غزة إسماعيل هنية، تأجيل زيارة للقاهرة كانت مقررة يوم الخميس الماضي.

يأتي ذلك في وقت تعاني فيه البلاد من مصاعب اقتصادية وأمنية، بينما تواصل القوات المسلحة مطاردة جماعات إرهابية في سيناء، وسط أنباء نفاها الجيش في حينه أمس، عن إقالة الرئيس محمد مرسي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق صدقي صبحي. وتعتبر مسألة وجود الجيش في شبه جزيرة سيناء محل ترقب من جانب إسرائيل التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع مصر منذ توقيع اتفاقية السلام عام 1979، وهي اتفاقية تقيد وجود الجيش في شبه الجزيرة المجاورة لكل من إسرائيل وقطاع غزة.

وفي لهجة شديدة، رد «أدمن» الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، في صفحته على «فيس بوك»، على الأنباء التي ترددت عن إقالة صبحي، قائلا: «ماذا يريدون من القوات المسلحة؟»، مشيرا إلى أن بعض وسائل الإعلام بدأت خلال الـ48 ساعة الأخيرة في نشر معلومات تمس أمن وسلامة القوات المسلحة دون مراعاة للظروف الدقيقة والحرجة التي تمر بها مصر.

وقال «أدمن» صفحة القوات المسلحة إن من ينشرون مثل تلك المعلومات «كأنهم لم يكتفوا بالإضرابات والاعتصامات داخل الدولة، فيحاولون الإيحاء أنه أيضا داخل القوات المسلحة، وهو عار تماما من الصحة»، وأضاف أن بعض وسائل الإعلام تجاوزت «كل الأعراف المعمول بها وأعلنت عن إقالة السيد رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وهو خبر عار تماما من الصحة، ويأتي في إطار مسلسل الأخطاء المقصودة أو الغير مقصودة والمعلومات الكاذبة والتي سبق وأن حذرنا الإعلام منها».

وفي رده على أسئلة «الشرق الأوسط»، قال عضو سابق في المجلس الأعلى لقوات المسلحة: «كل ما يتردد عن خلافات أو ما شابه ذلك، لا أساس له من الصحة. هذا الأمر لا يوجد في الجيش المصري. الجيش متماسك، واختيار وزير الدفاع (السيسي) جاء باختيار المجلس العسكري (حين كان برئاسة طنطاوي)»، لافتا إلى أن «البعض ممن لا يتحمل المسؤولية يبث معلومات خاطئة، وربما هناك من يريد أن يعرف رد الفعل على مثل هذه الأقاويل في الظروف التي تمر بها مصر».

واعتبرت مصادر، من بين مستشاري الرئيس مرسي، في إفادات لـ«الشرق الأوسط» أن مطالبة بعض النواب الأميركيين بمراجعة المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر، تأتي في إطار التنافس بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري، للرئاسة في أميركا. وأوضح أحد مستشاري الرئيس (ممن لم يتم تحديد اختصاصاتهم بعد) أن «اللوبي اليهودي» في الولايات المتحدة يقف ضد الوضع الجديد في مصر «لأنه لا يعوضهم عن نظام (الرئيس السابق) حسني مبارك، الذي كان يحاصر غزة ويجوّع الفلسطينيين».

من جانبها، أوصت كاي كراجنر رئيسة اللجنة الفرعية للمخصصات والعمليات الخارجية في الكونغرس الأميركي، بإرجاء صرف نحو 18 مليون دولار من المساعدات لمصر، في وقت تسعى فيه مصر للحصول على مزيد من المساعدات وإنجاح مساعيها لاقتراض 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

إلى ذلك، وبينما تستعد القاهرة لاستقبال القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية، قالت مصادر مصرية إن سلطات القاهرة طلبت من حماس تأجيل زيارة هنية مجددا للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام؛ حيث كان مقررا له أن يصل أمس (الأحد) بعد تأجيل موعد يوم الخميس الماضي. وتابعت المصادر أن حماس تلح على السلطات المصرية لوقف عمليات إغلاق الأنفاق التي تقول إسرائيل إنها تستخدم في تهريب أسلحة إلى قطاع غزة، مشيرة إلى أن هنية كان يريد بحث قضايا أخرى من بينها أمن الحدود مع مصر وإنهاء الحصار على القطاع. وسبقت لهنية زيارة مصر في عهد مرسي الذي تولى الحكم منذ نحو سبعين يوما.

وعلى صعيد ذي صلة، قال بيان من السفارة الفرنسية في القاهرة إن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس سيتوجه إلى القاهرة اليوم (الاثنين) في زيارة لمدة يومين. وجاء في البيان أن هذه الزيارة تشهد على «إرادة فرنسا تقديم كل دعمها لمواصلة عملية الانتقال الديمقراطي في مصر والعمل مع السلطات الجديدة لصالح التنمية والديمقراطية والسلام في إطار العلاقات القديمة والودية جدا التي نحافظ عليها مع الشعب المصري»، كما سيتطرق إلى «الأزمة السورية».

من جانب آخر، قال مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»: «توجد مواثيق ومعاهدات دولية ينبغي على بنود الدستور التي تجري صياغتها مراعاة ذلك»، منها «حرية التعبير، واحترام حقوق الأقليات، وعدم التمييز، وحماية حقوق الأطفال والمرأة».