حقوقيون: حرب بريطانيا على المخدرات تزيد أحكام الإعدام في إيران

معارض أحوازي: إيران تستعمل تهمة «الاتجار بها» للتخلص من الخصوم السياسيين

TT

في سجن وكيل آباد، شمال إيران، توجد مشنقة يتكون حبلها من أكثر من 60 أنشوطة. يوضع على رقبة المدان ثم تركل الخشبة من تحت قدمه لتتم عملية الإعدام. في السجن الذي ضم سجله 89 في يوم واحد.

ومن المستحيل حصر العدد الحقيقي للذين أعدموا في إيران، وخاصة المدانين بجرائم المخدرات، ولكن من الواضح أن هناك شقة كبيرة بين الأرقام الرسمية والواقع. في عام 2010، اعترفت السلطات الإيرانية بتنفيذ حكم الإعدام في حق 172 أدينوا فيما يتعلق بالمخدرات، غير أن وزارة الخارجية البريطانية أشارت إلى تقارير موثوقة تتحدث عن أن الرقم الحقيقي لا يقل عن 590 في القضايا ذاتها.

وفي تقرير منفصل نشرته صحيفة «ذا ابزرفر» البريطانية أمس , كشف أن خلال مدة الـ12 شهرا حتى نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، كان هناك على الأقل 600 حالة إعدام في إيران، وفقا لمنظمة العفو الدولية، 81 في المائة منها بسبب جرائم المخدرات.

وتتزايد أحكام الإعدام في هذا الخصوص حيث يدور الجدل في إيران حاليا حول ما يزيد على 4000 أفغاني يواجهون هذه العقوبة. وتتحدث تقارير عن تنفيذ هذه الأحكام أحيانا دون محاكمات، وعن إعدام كثير من القصر، علاوة على أن كثيرين ممن نفذ فيهم حكم الإعدام من الفقراء، وكثيرين منهم غرر بهم من قبل آخرين بالإضافة إلى عدد كبير من النساء.

وتتحدث منظمات حقوقية عن حالة حاج بشير أحمد الأفغاني الذي أعدم يوم 15 سبتمبر (أيلول) 2011، والذي اتصل بأسرته في أفغانستان ليقول لهم إنه أخبر بأن حكم الإعدام سينفذ في حقه بعد ساعة، ومن حينها لم تسمع أسرته عنه شيئا، ولا هي تسلمت جثمانه لأن السلطات الإيرانية تطلب مبلغا يصل إلى 10 آلاف جنيه إسترليني لتسليم الجثمان إلى أسرة القتيل.

ولا تلقى هذه الحالات الإنسانية ما تستحقه من الاهتمام في المملكة المتحدة التي ألغت عقوبة الإعدام في عام 1969، وأكد وزير خارجيتها، ويليام هيغ، أن حالة حقوق الإنسان في إيران «مخزية».

ولكن لماذا يرتفع معدل الإعدام في إيران؟ يرى البعض أن ذلك يرجع إلى أن إيران تستخدم «تهمة المخدرات» غطاء للتخلص من خصومها السياسيين، فيما يرى البعض الآخر أن إيران تعاني من انتشار المخدرات، حيث اعتقل نحو 8000 أجنبي بتهم تتعلق بالاتجار بالمخدرات أو تعاطيها، حيث تشعر إيران بتحديات جسيمة لمجاورتها أفغانستان التي يأتي منها 93 في المائة من الإنتاج العالمي للمخدرات، حيث أدخلت نحو 200 كلب بوليسي للمساعدة في جهود ضبط المخدرات على الحدود.

وتخشى منظمات حقوق الإنسان أن تكون بريطانيا بطريقة غير مقصودة تساعد آلة القتل هذه على انتهاك حقوق الإنسان. وترى هذه المنظمات أن المملكة المتحدة قدمت مساعدات غير مباشرة للنظام القضائي الإيراني المتورط فيما دعته «الانغماس في القتل بمعدلات مذهلة». ووفقا لوثائق حصلت عليها صحيفة «أوبزيرفر» البريطانية، فإن الحكومة البريطانية مع مانحين آخرين قدموا مبلغ 3.4 مليون دولار عن طريق الأمم المتحدة لتدريب هذه الكلاب البوليسية 2007 في إيران، كما قدمت المركبات المتخصصة، والهواتف الفضائية، ومجموعات اختبار المخدرات والماسحات الضوئية للجسم. في عام 2009، قالت وزارة الخارجية البريطانية إنها أنفقت أكثر من 3 ملايين جنيه إسترليني بين عامي 2000 و2009 كمساعدات لمكافحة تجارة المخدرات في إيران.

وثيقة أخرى للأمم المتحدة تكشف عن أنه في أغسطس (آب) 2010 تعهدت المملكة المتحدة وفرنسا بدفع مبلغ 730 ألف دولار لتمويل مشروع لمدة عامين، يستهدف مكافحة المخدرات واعتقال المتاجرين بها.

وتقدر الأمم المتحدة أن 140 طنا (37 في المائة) من إجمالي 380 طنا من الهيروين المنتجة في أفغانستان تمر عبر إيران لتنتهي في الأسواق الأوروبية كل سنة، حيث ترى الحكومات الغربية أن مواجهة ذلك الخطر أمر حاسم. ولكن جماعات حقوق الإنسان قلقة من أن المملكة المتحدة بدعمها هذا تكون قد دعمت برنامجا يؤدي إلى إنزال أقسى العقوبات باللاعبين الصغار.

وفي عام 2010، أدخلت إيران قانونا جديدا لتفرض أشد العقوبات البدنية على جرائم المخدرات، حيث شرعت عقوبة الإعدام على أي شخص يورد أن ينتج أو يوزع أو يخفي أو يحمل أو يتناول المخدرات. يقول ديمون باريت نائب مدير المنظمة العالمية للحد من الأضرار: «هذا يعني قتل المئات من البشر بتهم تتعلق بالمخدرات كل سنة في إيران، معظمهم ممن يعيش في فقر مدقع دون أن تكون لديهم خيارات أخرى»، ولذلك دعا بعض المسؤولين البريطانيين إلى ربط تقديم المساعدات من قبل الحكومة البريطانية، بشرط ضمان عدم تعرض المدانين في شأن المخدرات للحكم بالإعدام. وقد ذكر وزير الخارجية البريطانية في مذكرة رسمية أنه «في مراكز الشرطة ومراكز الاحتجاز والمنازل المحصنة تمارس الدولة كل قوتها ضد الأفراد، حيث يكون العدل والكرامة الإنسانية والحرية والعدالة محل قلق في إيران».

وقد عبر البرلمان الأوروبي عن قلقه إزاء حركة أموال المساعدات من الدول الأعضاء التي ذكر أنها «يمكن أن تؤدي نحو زيادة أحكام الإعدام وعمليات الإعدام».

وفي وقت سابق، وقع عدد من النواب الأوروبيين على ورقة تحي المحاذير نفسها.

وفي هذا الخصوص، يقول محمود أحمد الأحوازي أمين عام الجبهة الديمقراطية الشعبية للشعب العربي في الأحواز: «النظام الإيراني يسيس بشكل واضح أحكام الإعدام في شأن تجارة المخدرات، ويسعى للتخلص من خصومه السياسيين عن طريق اتهامهم بالاتجار أو تعاطي المخدرات». وأوضح الأحوازي لـ «الشرق الأوسط» أن «نظام الملالي في إيران قد أعلن أنه لن يبني المزيد من السجون ولن يصرف على آلاف السجناء الذين لديه، وأنه سيتخلص منهم بالإعدام، لأن مسؤولي طهران لا يرون جدوى من صرف الأموال على من يستحق الإعدام، حسب تصورهم».

وعلى الرغم من أن الناطق باسم الحكومة البريطانية رفض إعطاء تفاصيل عن البلدان التي يشملها الدعم البريطاني في مكافحة المخدرات، وذكر إجمالا أن بريطانيا تساعد دولا في هذا الخصوص، فإن المنظمات الحقوقية تقول إن هناك حالة ملحة لمزيد من الشفافية، إزاء هذه القضية التي يقولون إن كثيرا من انتهاكات حقوق الإنسان تمارس تحت ستارها.