يوم دام آخر.. والجيش الحر يستعيد السيطرة على حي صلاح الدين في حلب

مقتل أكثر من 100 أغلبهم في حلب ودمشق وحمص.. والمعارضة تعلن جنوب العاصمة «منطقة منكوبة»

عناصر من الجيش السوري الحر يحاولون الاختباء بعد تحليق طائرة مقاتلة في سماء بلدة سراقب بالقرب من إدلب (رويترز)
TT

تكثف القصف على أحياء عدة من دمشق أمس، في يوم دام جديد شهدته العاصمة السورية، مما دفع اتحاد تنسيقيات الثورة إلى إعلان الأحياء الجنوبية من دمشق مناطق منكوبة، وذلك بالتزامن مع إعلان الجيش السوري الحر عن استعادته السيطرة على حي صلاح الدين في مدينة حلب، الذي يتواصل فيه القتال بين كر وفر منذ ثمانية أسابيع، رغم تعرض مدينة الباب في ريف حلب إلى قصف عنيف أدى إلى مقتل وجرح العشرات، كانوا جزءا من الحصيلة الأولية لعدد القتلى الذي أعلنته لجان التنسيق المحلية عصر أمس، والذي بلغ 103 قتلى في مناطق عدة من أنحاء سوريا، بينهم 47 في حلب، و22 في دمشق وريفها، و10 في حمص.

وأعلن قائد المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر العميد الركن مصطفى الشيخ استعادة السيطرة على حي صلاح الدين في حلب. وشدد الشيخ لـ«الشرق الأوسط» على «التراجع الواضح في قدرة الجيش النظامي على الصمود أمام عمليات الجيش السوري الحر في حلب»، مشيرا إلى «التقدم العلني لمقاتلينا في الميدان في حلب».

وإذ أكد العميد الركن قائلا «إننا نواصل حرب العصابات الهادفة إلى إضعاف قدرة النظام القتالية وإنهاك وحداته المقاتلة»، أوضح أن «انسحاب الجيش النظامي من حي صلاح الدين، لا يعني بالمعنى الاستراتيجي التقهقر التام، إذ نخوض حرب كر وفر تنهك القوات النظامية المقاتلة، ولن تتوقف حتى إسقاط النظام».

وكان القائد الميداني للجيش الحر في حلب أبو عمر الحلبي قال لوكالة الأنباء الألمانية، إن مقاتليه استعادوا السيطرة الكاملة على حي صلاح الدين بعد معارك عنيفة طوال الليل مع القوات النظامية.

وأفادت شبكة «شام» الإخبارية أمس باستمرار «استهداف طائرات النظام الحربية لمدينة حلب وريفها بالبراميل المتفجرة»، مشيرة إلى أن تلك القنابل «لم تستثن المستشفى الميداني في مدينة الباب، كما أحدثت المزيد من الأضرار وأوقعت المزيد من الإصابات». وذكرت أنها «شاركت بقوة في المعارك مع الجيش السوري الحر في حي الميدان».

وأفاد ناشطون بتعرض بلدة التوأمة في ريف حلب للقصف، فضلا عن «مواجهات عنيفة بين الجيشين النظامي والحر وقعت في أحياء الميدان والسبع بحرات ومحيط القلعة الأثرية، شاركت فيها مدفعية الدبابات»، بحسب وكالة «شام».

من ناحيتها، أفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا بقصف حي الشعار بالقرب من مشفى الحكيم في حلب بالطيران الحربي، مما أدى إلى وقوع 11 قتيلا، مشيرة إلى تجدد القصف العنيف بالطيران الحربي لحي الصاخور، وعلى مدينة الباب، كما استخدمت القوات النظامية الرشاشات والبراميل المتفجرة.

وفي دمشق، التي أعلن اتحاد تنسيقيات الثورة أحياءها الجنوبية «مناطق منكوبة»، محذرا من مجازر محتملة الحدوث ومدينا استهداف المشافي الميدانية واستمرار القصف، ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن القصف العنيف والعشوائي بالمدفعية و«الهاونات» تجدد من «اللواء 105» في جبل قاسيون على أحياء دمشق الجنوبية، والحجر الأسود، والقدم، والعسالي، والتضامن كذلك في حي برزة.

وأعلنت القيادة العسكرية لدمشق وريفها وقوع اشتباكات في العاصمة بين الجيش ومنشقين، بينما واصلت القوات الحكومية عملياتها جنوب العاصمة.

وأوضحت الهيئة العامة للثورة أن العمليات في جنوب العاصمة أدت إلى مقتل وجرح العشرات ونزوح أعداد كبيرة من الأهالي.

أما المزة، فأفاد ناشطون بعمليات تهجير تقوم على هدم بيوت الأهالي بشكل منتظم ودون سابق إنذار. ووصف الناشطون هذه العمليات بسياسة العقاب الجماعي للأهالي الذين طالبوا بالحرية.

ولم تكن محافظة ريف دمشق بمنأى عن القصف، إذ أعلنت لجان التنسيق المحلية عن تعرض منطقة زملكا إلى إطلاق نار كثيف من رشاشات متوسطة ومضادات طيران من حواجز قوات النظام. كما تعرضت معضمية الشام للقصف، وسمع أصوات انفجارات ضخمة في دوما والمنصورة وشبعا.

ورغم المشهد السوداوي الذي لف حلب ودمشق أمس، كانت محافظة حمص تتعرض لحملة عسكرية عنيفة استهدفت أحياء عدة من المدينة، وتركزت على القصير المحاذية للحدود اللبنانية.

وذكرت شبكة «شام» أن قصفا عنيفا بالمدفعية وراجمات الصواريخ بدأ منذ الصباح على مدينة الرستن بريف حمص بالطيران الحربي حيث ترافق مع إلقاء براميل متفجرة، مما أدى إلى تدمير عدد من المنازل وسقوط عشرات الجرحى.

من جهتها، أعلنت لجان التنسيق المحلية عن تعرض حي القصور وباب عمرو لقصف شديد، أدى إلى سقوط قتلى.

إلى ذلك، قالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن المنطقة المتاخمة للحدود اللبنانية - السورية في شمال لبنان، «شهدت أعنف الاشتباكات أمس»، مشيرة إلى قصف عنيف «تعرضت له منطقة الحصن الأثرية وما تبقى من مدينة تلكلخ». وقالت المصادر إن أعمدة الدخان «بقيت حتى ساعات ما بعد الظهر تتصاعد من المنطقة، كذلك من منطقة ريف القصير الذي تعرضت لقصف عنيف». وأفيد بسقوط خمسة من عناصر الثوار في اشتباكات وقعت مع الجيش السوري النظامي في بلدة القصير في ريف حمص.

من جهته، أفاد موقع «النشرة» الإلكتروني بأن «الاشتباكات العنيفة ما زالت مستمرة في منطقة تلكلخ وفي بلدتي الحصن والزارة السوريتين حتى ساعات الصباح». ونقل عن مصادر في المنطقة الحدودية تأكيدها أن «الجيش السوري شن حملة واسعة وشاملة في المناطق السورية القريبة من الحدود، وأنه خلال ذلك أحبط الجيش محاولة تسلل من الأراضي اللبنانية باتجاه حالات السورية».

في هذا السياق، أفادت الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان بأن طائرتين مروحيتين تابعتين للجيش النظامي قصفتا عند منتصف يوم أمس في منطقة وادي النصارى مدينة الحصن في ريف حمص ببراميل محشوة بمادة «تي إن تي» شديدة الانفجار، أعقب ذلك قصف مدفعي على حارة التركمان والميدان وجبل الثلج. وذكرت الشبكة أن البلدة تعرضت لقصف شديد من قبل الطائرات المروحية منذ ساعات ما قبل الظهر وتركز القصف على محيط منطقة القلعة الأثرية، مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا واشتعال النيران في مناطق سقوط هذه البراميل.

وإلى دير الزور، حيث سجل قصف مدفعي عنيف على حيي الجبيلة والبعاجين في المحافظة. وأفاد ناشطون بأن اثنين من المدنيين على الأقل قتلا وأصيب عشرات آخرون بجراح في قصف مدفعي استهدف بلدة البوكمال السورية قرب الحدود مع العراق.

وتتعرض مدينة البوكمال في دير الزور لحملة عسكرية كبيرة من الجيش النظامي، ويقول الناشطون إن المدينة تقصف يوميا من المطار الموجود خارجها، وذلك بعد سيطرة الجيش الحر على العديد من المقار الأمنية والعسكرية فيها. كما أفادت شبكة «شام» بحدوث اشتباكات بين الجيش الحر والأمن العسكري في البوكمال بدير الزور.

وفي درعا، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية بسقوط عدد من القتلى والجرحى صباحا جراء قصف عشوائي من جيش النظام استهدف حافلة ركاب عند جسر خربة غزالة في درعا على طريق أوتوستراد درعا - دمشق الدولي، بينما كانت المدينة تتعرض لقصف مدفعي عنيف.

وأعلنت لجان التنسيق المحلية عن انفجار ضخم على الطريق الدولي في خربة غزالة بحافلة ركاب أدى إلى مقتل 7 أشخاص وسقوط 12 جريحا. واتهمت المعارضة السورية النظام بتدبير تفجير سيارات مدنية.

وفي إدلب، قال ناشطون إن 10 أشخاص على الأقل قتلوا في قصف استهدف بلدة سراقب في المحافظة. كما تعرضت منطقة تفتناز لقصف جوي، بحسب لجان التنسيق المحلية.

وتأتي هذه التطورات في وقت أفادت فيه المعارضة بمقتل 27 ألف شخص منذ اندلاع الاحتجاجات قبل 18 شهرا.