إسرائيل: حذرنا أوباما من التطرف في العالم العربي لكنه فضل دفن رأسه في الرمال

حاولت التدخل في الدستور التونسي الجديد لمنع إضافة بند ينص على حظر أي علاقة معها

TT

وجهت مصادر رفيعة في وزارة الخارجية الإسرائيلية، أمس، اتهامات للإدارة الأميركية، بأنها استخفت بالتحذيرات التي تلقتها، عن خطر انفجار موجات عداء إسلامية للولايات المتحدة والغرب. وقالت إن «إسرائيل لفتت نظر الأميركيين، لكن الإدارة في واشنطن، تغاضت عن ذلك، وفضلت دفن رأسها في الرمال».

وبحسب صحيفة «هآرتس»، التي أوردت النبأ، فإن «إدارة أوباما التي أيدت وساندت ثورات الربيع العربي في مصر وتونس وليبيا واليمن، تقف اليوم وقد كسرت شوكتها في ضوء موجة الاحتجاجات ومقتل السفير الأميركي في بنغازي، كريستوفر ستيفنز، والاعتداءات على سفارات الولايات المتحدة في هذه البلدان، حيث اتضح لها أن أنظمة الحكم الجديدة ليست مستعدة لمواجهة شعوبها والصدام معها».

ونقلت الصحيفة عن جهات رفيعة المستوى في الخارجية الإسرائيلية، قولها إن محادثات دورية ومستمرة بين كبار المسؤولين في الخارجية الأميركية ونظرائهم الإسرائيليين، بشأن ما سموه «اتجاهات التطرف» في هذه الدول كافة ضد إسرائيل والولايات المتحدة والغرب كله، تجرى منذ شهور طويلة. وبحسب هؤلاء الموظفين، فإن الجدل والخلاف الأساسي في الأشهر الأخيرة بين الطرفين، كان حول طبيعة التغييرات الحاصلة في العالم العربي، إذ «حاول الجانب الأميركي طيلة الوقت، توفير تفسيرات ومبررات، لما يحدث في الدول العربية التي وقعت فيها ثورات أطاحت بالأنظمة السابقة». وبحسب موظف رفيع المستوى في الخارجية الإسرائيلية، فإن «حجم التأثير الأميركي الحقيقي على ما يحدث اليوم في هذه الدول انخفض بشكل كبير للغاية».

وكشفت الصحيفة، عن أن الحالة التونسية كانت مثالا استخدمه مسؤول الخارجية الإسرائيلية للتدليل على صحة حديثه، حيث أشار إلى «التوقعات الإيجابية بشأن مستقبل العلاقة مع الغرب على الرغم من اعتلاء الإخوان المسلمين للحكم في الدولة».

وفي هذا السياق ضربت الصحيفة مثلا، بالتقرير الذي صدر عن السفارة الإسرائيلية في بولندا، وتحدث عن إنهاء مدة عمل سفيرة تونس هناك، وأربع سفيرات تونسيات أخريات كن ضمن السلك الدبلوماسي التونسي تم استدعاؤهن وإعادتهن إلى وطنهن، وعليه طلب من السفارة الإسرائيلية في واشنطن نقل هذه المعلومات للإدارة الأميركية، لمعرفة ما إذا كانت مطلعة على هذه التغييرات، إلا أن الأخيرين ردوا على التساؤلات الإسرائيلية بتطمينات بأن الحديث يدور عن تغييرات فنية وإجراءات بروتوكولية تتعلق بتغيير سفراء اعتمدهم النظام السابق، ولا علاقة لذلك بالجندر أو بتمييز ضد النساء. وبحسب «هآرتس»، فإن وزارة الخارجية الإسرائيلية لم تقتنع بالرد الأميركي، وأجرت فحصا ومسحا شاملين، حول هوية ونوع سفراء تونس في العالم، حيث تبين للخارجية الإسرائيلية، أن غالبية سفراء تونس في الخارج، هم من الرجال الذين عينهم النظام السابق. وعقب المسؤول الإسرائيلي على ذلك بقوله «لقد كان واضحا لنا ما يحدث، لكن الأميركيين فضلوا البحث عن تبريرات».

وكشفت الصحيفة عن أن مصدرا في الخارجية الإسرائيلية اعترف بأن إسرائيل حاولت التدخل في تعديلات الدستور التونسي، لمنع إضافة بند ينص على حظر أي علاقة أو تطبيع مع إسرائيل. فطلبت من الإدارة الأميركية التدخل، إلا أن الانطباع في تل أبيب كان بأن الرسائل الأميركية للحكومة التونسية بهذا الخصوص، لم تكن شديدة اللهجة. وقال المسؤول الإسرائيلي للصحيفة: «إنهم يقولون لنا طيلة الوقت، لا داعي للقلق ستسير الأمور في النهاية على ما يرام، لكننا نرى أن العمل على الدستور الجديد يسير على قدم وساق وأنه لا يزال يشمل البند المذكور».

وينطبق الأمر ذاته على الأوضاع في مصر، إذ تقول الصحيفة: «صحيح أن الإدارة الأميركية تشكل قناة محورية وأساسية لنقل الرسائل لمصر، إلا أن من الواضح أن تأثير إدارة أوباما في مصر تحت قيادة الرئيس محمد مرسي والإخوان المسلمين، قد تراجع بشكل حاد في ضوء مؤشرات التطرف الداعية للقلق. كما لا ينجح الأميركيون في التأثير على القيادة المصرية لإعادة فتح السفارة الإسرائيلية في القاهرة، التي أغلقت منذ تعرضت لهجوم عليها قبل نحو سنة، إذ يعمل السلك الدبلوماسي الإسرائيلي في القاهرة من مقر إقامة السفير الإسرائيلي هناك». ونقلت «هآرتس» عن موظفين كبار في الخارجية الإسرائيلية قولهم، إن ما حدث للسفارة الأميركية في القاهرة والشجب الخفيف اللهجة الذي صدر عن الرئيس المصري، يؤكد أنه على الرغم من المساعدات الأميركية الكبيرة لمصر، فإن الولايات المتحدة لم تنجح في ضمان تأثير حقيقي على الإخوان المسلمين، وإن الأميركيين بدأوا يدركون حقيقة الوضع في القاهرة، فقط بعد ما حدث لسفارتهم فيها، وبالتالي خلص الموظف الإسرائيلي إلى القول: «أن تسمع الرئيس الأميركي وهو يقول إن مصر ليست حليفة ولا هي عدو، فهذه هزة أرضية».