30 دولة بقيادة أميركا تبدأ أضخم مناورات بحرية قبالة «هرمز»

البنتاغون نفى علاقتها بإيران.. وعسكريون اعتبروها «خطا أحمر» أمام طهران.. ومهمان براست احتج واعتبرها حساسة جدا

صورة ارشيفية لحاملة الطائرات الاميركية «يو اس اس جون سي ستينيس» التي دخلت مضيق هرمز أخيرا («نيويورك تايمز»)
TT

بدأت أكثر من ثلاثين دولة بقيادة الولايات المتحدة أضخم مناورات بحرية لإزالة الألغام في الخليج بمواجهة إيران، في ما يمكن اعتباره تحذيرا واضحا لطهران التي جددت تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز.

ورغم نفي البنتاغون أن هدف المناورات ليس إيران، فإن خبراء عسكريين غربيين ومن الخليج، أكدوا أن المناورات «رسالة إلى إيران، ولوضع (خطوط حمراء)، حتى لا تنتج إيران قنبلة نووية».

وقال اللفتنانت غريغ ريلسون من الأسطول الأميركي الخامس ومقره البحرين: «إنها أول تدريبات بحرية تجري على نطاق دولي في هذه المنطقة، كما أنها الأكثر أهمية». وأضاف أن «أكثر من ثلاثين» دولة تشارك في التدريبات التي بدأت أول من أمس وتستمر حتى 27 سبتمبر (أيلول) الحالي وتشمل الخليج وبحر عمان وخليج عدن لكنها تستثني مضيق هرمز. وشددت قيادة البحرية الأميركية على الطابع «الدفاعي الشامل» للتدريبات التي «تهدف إلى ضمان حرية الملاحة في المياه الدولية في الشرق الأوسط وتشجيع الاستقرار الإقليمي». لكن التدريبات تتزامن مع تجديد إيران تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز حيث يمر 35 في المائة من النفط المنقول بحرا في العالم، إذا تعرضت لهجوم عسكري.

من جهته، قال مدير مركز «انيغما» لشؤون الدفاع في الخليج، رياض قهوجي، لوكالة الصحافة الفرنسية إن التدريبات «رسالة موجهة إلى إيران وإلى حلفاء واشنطن أيضا». وأضاف: «إنها رسالة لإيران بأن الولايات المتحدة موجودة ولديها القدرات ومستعدة لاستخدامها مع حلفائها لإبقاء مضيق هرمز مفتوحا والرد على أي ضربات لقواعدها في المنطقة». وتابع: «إنها أيضا رسالة من الأميركيين إلى حلفائهم في المنطقة بأن واشنطن مستعدة للدفاع عن مصالحهم المشتركة». ولدى القوات الأميركية قواعد مهمة في البحرين وقطر، كما ينتشر آلاف الجنود في معسكرات في الكويت، فضلا عن وجود قواعد في الإمارات.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس أن المناورات «لإظهار قدراتنا، ونريد أن نجريها مع شركائنا في المنطقة». ورغم أن جورج ليتل، المتحدث باسم البنتاغون، قال إن الهدف ليس إيران، فإن مصادر إخبارية أميركية وخبراء أميركيون قالوا إن تصاعد المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، وضغوط إسرائيل على الولايات المتحدة لوضع «خط أحمر» حتى لا تنتج إيران قنبلة نووية، بالإضافة إلى التوترات والمظاهرات المعادية للولايات المتحدة في كثير من الدول العربية والإسلامية، توضح أن إيران هي المستهدفة من المناورات في منطقة هرمز. وقال سكوت تروفر، خبير في العمليات البحرية وحرب الألغام: «أعتقد أنها إشارة إلى إيران. رغم حقيقة أن وزارة الدفاع أشارت إلى أنها ليست موجهة ضد إيران. أعتقد أن المناورات ترسل إشارة واضحة للخصم المحتمل بأننا نقدر على أن نتعامل مع أي تهديد ضد الولايات المتحدة، لا سيما إذا كان تهديد وضع ألغام» بحرية تهدد السفن المدنية والعسكرية وناقلات النفط.

وكان البنتاغون رفض التعليق على تصريحات وزارة الخارجية الإيرانية بأن إيران ترصد عن كثب هذه العملية، وعلى قول المتحدث باسم الخارجية، رامين مهمان باراست، إن المناورات «حساسة جدا» وسط تصاعد التوترات حول البرنامج النووي الإيراني. وكان مشرفون على المناورات قالوا إن الهدف منها هو «التركيز على تهديد افتراضي من منظمة متطرفة، أو جهات متطرفة، يتمثل في وضع ألغام في الممرات المائية الاستراتيجية الدولية لمنطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك البحر الأحمر وخليج عدن، وخليج عمان، والخليج».

وقال هنري بويد، خبير في الاستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن (سي إس آي إس): «أعتقد أنه من الإنصاف القول إن المستوى الحالي للقوات العسكرية الأميركية في منطقة الخليج أكبر مما يمكن توقعه، وذلك بسبب انشغال البنتاغون بالعمليات في أفغانستان. وتهدف الإضافات الأخيرة (للأسطول الأميركي في المنطقة)، كما يبدو، إلى توفير رادع وقدرات ضد إيران. وأيضا، طمأنة حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الخليج».

وقال كريم ساجادبور، خبير في مركز «كارنيغي» في واشنطن، إنه يستبعد أن تزرع إيران، فعلا، قنابل في مضيق هرمز. وأضاف: «إنهم سوف يؤذون أنفسهم أكثر من غيرهم، نظرا لأن ذلك سوف يقطع المصدر الرئيسي للإيرادات، ويوقف صادرات نفطهم في وقت هم فعلا يعاقبون فيه بشدة، ويعانون من قلة المال». وقال علي رضا نادر، خبير في معهد «راند» في كاليفورنيا: «كل واردات إيران تقريبا عن طريق هرمز؛ عكس السعودية، والإمارات. لا تستطيع إيران بناء أنابيب تتحاشى هرمز». ورغم أن ليون بانيتا، وزير الدفاع الأميركي، قال، أول من أمس، إن المناورات الحالية لا تستهدف إيران، فإنه كان هدد إيران في الماضي. وكان قال إن الولايات المتحدة لديها القدرة العسكرية لهزيمة أي محاولة إيرانية لإغلاق مضيق هرمز، وإنها سوف تحمل إيران مسؤولية مباشرة لأي اضطرابات في الملاحة هناك، وكان قال: «الولايات المتحدة مستعدة تماما لجميع الحالات الطارئة هناك. لقد استثمرنا في قدراتنا العسكرية لضمان أننا سوف نكون قادرين على هزيمة أي محاولة إيرانية لإغلاق الملاحة في الخليج.» وكان البنتاغون أعلن مزيدا من التعزيزات للوجود العسكري الأميركي هناك، وذلك بإرسال حاملة الطائرات «ستينز»، والسفن التابعة لها إلى الخليج. وكان البنتاغون كشف النقاب عن تقرير سري كتبه في وقت سابق بأن إيران أسست شبكات من الصواريخ لاستهداف السفن والقواعد الأميركية في الخليج، وأن البنتاغون يتابع هذا البرنامج، ويقدر على مواجهته. وقال التقرير: «طورت القوات الإيرانية المسلحة نظم صواريخ باليستية، وعززت قدرتها على الفتك والفعالية، مع تحسينات في دقة التصويب، ومع زيادة قدرة حمولات الذخيرة»، وإن الصواريخ القصيرة المدى عدلت لتقدر على القيام بعمليات معادية تستهدف السفن في الخليج.

وأضاف التقرير، الذي وقع عليه بانيتا، أن إيران صارت تملك «قدرات قوة تدميرية على مساحة أوسع مما إذا أرسلت صاروخا واحدا»، وأن هذه التحسينات العسكرية الإيرانية تجري بالتوازي مع تدريبات على استعمال هذه التحسينات «في قواعد عسكرية في جميع أنحاء البلاد»، هذا بالإضافة إلى إنتاج «سفن وغواصات جديدة».

وكان البنتاغون علق على وصول القاعدة البحرية العائمة «بونس» إلى الخليج، التي تشترك في المناورات الحالية، وقال إنها: «سوف تزيد القدرة على إجراء عمليات بحرية أمنية. وسوف تعطينا مرونة أكثر لدعم خطط كثيرة متعددة مع حلفائنا الإقليمين».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت في 10 سبتمبر (أيلول) الحالي أن الإدارة الأميركية تريد تشديد الضغوط على إيران لإرغامها على التفاوض بشكل جدي لكي تتجنب مخاطر عملية استباقية إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وأدرجت الصحيفة المناورات الجارية ضمن وسائل الضغط هذه.