جولة جديدة من المباحثات بين «5+1» وإيران وميركل تراهن على «الحل السياسي»

«الطاقة الدولية» تريد المزيد من اللقاءات.. وطهران تتهمها بمحاولة تخريب منشآتها النووية

مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو (يسار) ورئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي دافان، يقفان أمام الكاميرا أثناء اجتماعهما في فيينا أمس (رويترز)
TT

أكد الاتحاد الأوروبي أن المباحثات بين مجموعة «5+1» وإيران ستستأنف الأسبوع المقبل حول الملف النووي الإيراني، بينما أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن اعتقادها بأن فرص الحل السياسي لم تنفد بعد، في وقت اتهمت فيه إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعمل على تخريب منشآتها النووية.

وأكدت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس أنه سيتم استئناف المباحثات النووية بين إيران والقوى العالمية في مدينة إسطنبول التركية الأسبوع المقبل. وقالت مايا كوسينسيتش المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، إن كاثرين أشتون، مسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، ستلتقي سعيد جليلي كبير مفاوضي إيران النوويين في إسطنبول مساء اليوم. غير أن المتحدثة قالت إن الأمر هنا لا يتعلق بـ«جولة مفاوضات رسمية»، مشيرة إلى أن أشتون ستطالب إيران بـ«إبداء المزيد من المرونة». وكانت أشتون وجليلي اتفقا بالأساس على أن يتم استئناف المفاوضات نهاية أغسطس (آب) الماضي.

تجدر الإشارة إلى أن ثلاث جولات من المفاوضات بين إيران والقوى العالمية لم تسفر عن نجاح يذكر. كانت أولى هذه الجولات في أبريل (نيسان) الماضي في إسطنبول، تلتها جولة أخرى في العاصمة العراقية بغداد في مايو (أيار) الماضي، ثم ثالثة في موسكو في يونيو (حزيران) الماضي، بالإضافة إلى جولة على مستوى الخبراء في يوليو (تموز) الماضي. وتخوض أشتون المفاوضات باسم القوى العالمية «5+1» والتي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين)، بالإضافة إلى ألمانيا. كانت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية ذكرت أول من أمس أن جليلي وأشتون اتفقا عبر الهاتف على اللقاء في إسطنبول اليوم.

وذكر مصدر دبلوماسي في إسطنبول أن سعيد جليلي كبير مفاوضي إيران النوويين التقى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أمس لمناقشة استئناف المحادثات مع القوى العالمية حول تطلعات طهران النووية. وصرح مصدر، طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن «جليلي أراد الحضور إلى تركيا لمناقشة آخر التطورات حول المسألة النووية الإيرانية».

إلى ذلك، واصلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رهانها على الحل السياسي في الخلاف النووي الإيراني. وأعربت ميركل أمس في مؤتمر صحافي في برلين عن اعتقادها أن فرص التوصل إلى حل سياسي في الخلاف النووي الإيراني لم تنفد بعد. وأوضحت ميركل أن هدف التصرف على المستوى الدولي وبشكل مشترك ما زال ساريا. وفي الوقت نفسه أعربت ميركل عن خيبة أملها إزاء غياب التقدم في المحادثات بين المجتمع الدولي والقيادة في طهران.

وطلبت مجموعة «5+1» التي تضم بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة وألمانيا من إيران الوقف الفوري لعمليات تخصيب اليورانيوم التي يخشى أن تؤدي إلى تمكن إيران من تطوير أسلحة نووية. وتنفي إيران هذه الاتهامات وتقول إن برنامجها النووي إنما هو لأغراض محض سلمية ولتوليد الطاقة الكهربائية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أثارت دول الاتحاد الأوروبي إمكانية فرض عقوبات دولية جديدة على إيران في حال عدم حدوث تقدم في المحادثات.

وفي السياق ذاته، وجهت إيران أمس اتهاما غير مباشر للوكالة الدولية للطاقة الذرية بمحاولة تخريب منشآتها النووية.

وقبيل انطلاق أعمال المؤتمر العام السنوي للوكالة الذي تحضره 155 دولة، قال فريدون عباسي دواني رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية أمس في العاصمة النمساوية فيينا، إنه «من الممكن أن يكون مخربون وإرهابيون تسللوا إلى الوكالة وأمسكوا بالخيوط بشكل خفي». ودلل عباسي دواني على ما يقوله بهجوم بقنبلة على محطة فوردو في السابع عشر من الشهر الماضي أسفر عن قطع خطوط الكهرباء. وأضاف أنه في اليوم التالي طالب المفتشون الدوليون بزيارة غير معلن عنها بشكل مسبق للمحطة.

وتمسك فريدو عباسي نائب الرئيس الإيراني، مدير عام وكالة الطاقة الذرية الإيرانية، بالتصريحات الإيرانية التي تحرم السلاح النووي، متهما الوكالة بأنها لا تسعى لمساعدة إيران للخلاص من العقوبات المفروضة عليها، مبديا أسفه لما تعانيه الوكالة من سوء إدارة وعدم وضوح وخضوع لإرادة بعض الدول الأعضاء ذات المصالح، وأعلن عباسي أن الخبراء الإيرانيين يتحسبون لأي ضربة إرهابية قد تخطط لها أنظمة عدوانية، موضحا أن الخبراء الإيرانيين على استعداد لصد هجمات وفيروسات بما في ذلك ضربات جوية، مشيرا إلى أن أكبر إنجاز حققه الخبراء الإيرانيون هو «الثقة في الذات» التي اكتسبوها كما اكتسبوا قدرة كافية لمقاومة الضغوط وكسر الغطرسة التي تجعل البعض يصر على أن يكون الحق العلمي والتطور التقني مكسبا تحققه فقط الدول الاستعمارية والدول العدوانية التي تسعى لإثبات وجودها عبر مزاعم وهمية رغم أنها أول الدول التي تملك سلاحا نوويا كما أنها لا تلتزم بأي مواثيق دولية.

إلى ذلك لم يغفل مدير وكالة الطاقة الذرية الإيرانية التساؤل إن كانت الوكالة تهتم بما قد تسببه المعلومات الدقيقة التي توردها في تقاريرها الدورية عن إيران والتي يمكن أن تقع في أيدي مخربين، مضيفا أنهم سبق أن شرحوا لمدير عام الوكالة ولمندوبيه كل هذه المخاوف مبدين كل القلق الإيراني دون فائدة.

وأشاد رئيس الوفد الصيني في بيانه بأهمية ما تقوم به الوكالة، واصفا أسلوب تعاملها مع إيران بالإيجابي، مبديا تشجيع بلاده لنهج الحوار والتفاوض، من جانبه تجاهل رئيس الوفد الروسي أي إشارة لقضية الملف النووي الإيراني، بينما كال استيفن تشو وزير الطاقة الأميركي الاتهامات لإيران، مشددا أن إيران تتنصل وتخادع وتماطل وتتجاوز ولا تلتزم بالقرارات الدولية التي تحثها على الالتزام باتفاقات الضمان وفق توقيعها لاتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية رغم ما تضمنته تقارير الوكالة من تفجيرات وأنشطة تعزز الاتهامات للنشاط النووي الإيراني بأبعاد عسكرية، مطالبا إيران بالتوقف دون إبطاء في عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة عالية بلغت 20 حاثا إياها للمسارعة بتعاون كامل يبدد كل القضايا الغامضة وتلك التي ما تزال عالقة بينها والوكالة.

إلى ذلك كرر عباسي القول بضرورة أن تتنبه الوكالة لتصرفات قد تجعلها مطية لآيديولوجيات تجرفها عن الحياد المهني ولمواقف تنبثق من مصالح بعض الدول، مشددا على ضرورة أن تطبق الوكالة المبدأ القانوني أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

إلى ذلك، قال يوكيا أمانو رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس، إنه يريد إجراء مزيد من المحادثات مع إيران بشأن الشكوك حول قيامها بأبحاث على أسلحة نووية في السابق رغم فشل مجموعة الاجتماعات التي جرت معها هذا العام. وقال في مستهل اجتماع سنوي لأعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية الـ155 في فيينا والذي يستمر أسبوعا، إن الوكالة «ملتزمة تماما بتكثيف الحوار» مع طهران. وقال في كلمة: «سنستمر في المفاوضات مع إيران استنادا إلى نهج مهيكل لحل جميع القضايا العالقة. آمل أن نتمكن من التوصل إلى اتفاق دون مزيد من التأخير، يتبعه تطبيق مباشر».

وتأتي تصريحات أمانو قبل كلمة سيلقيها فريدون عباس دواني رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية في المؤتمر العام للوكالة.

وفي 24 أغسطس أخفقت الوكالة مرة أخرى في إقناع طهران بالسماح لمفتشيها بالدخول إلى المواقع والاجتماع مع علماء والاطلاع على وثائق ترتبط بأنشطة مشبوهة تعتقد الوكالة أنها «تتعلق بتطوير عبوة نووية ناسفة». وتحدث تقرير أصدرته الوكالة في نوفمبر (تشرين الثاني) استنادا إلى عدد من المصادر من بينها وكالات استخبارات أجنبية عن أدلة على هذه النشاطات التي تعتقد الوكالة أنها جرت في إطار برنامج مهيكل حتى عام 2003.