طالباني يعود للسليمانية بعد رحلته العلاجية وسط تفاقم الأزمة السياسية

مقرب منه لـ «الشرق الأوسط»: الوضع تعقد أكثر.. والرئيس لا يملك العصا السحرية

TT

أعلن آزاد جندياني المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني أنه كان من المنتظر أن يعود زعيم الحزب الرئيس العراقي جلال طالباني إلى مدينة السليمانية مساء أمس بعد انتهاء فترة علاجه في ألمانيا بإجراء عملية جراحية ناجحة خضع بعدها لفترة طويلة من العلاج الطبيعي.

وكانت هناك دعوات لإجراء مراسم استقبال شعبية حافلة بعودته، لكن طالباني أوصى رفاقه في قيادة الاتحاد الوطني باقتصار المراسم على عدد محدود من قيادات الحزب، رافضا تنظيم أي مظاهر احتفالية بعودته إلى كردستان بعد نجاح العملية الجراحية التي أجريت له.

وكانت الأنظار متجهة نحو طالباني وعودته إلى العراق على أمل أن يستأنف مبادرته بإطلاق الحوار الوطني المنتظر للتغلب على الأزمة السياسية المستفحلة في العراق، خاصة مع ظهور بوادر مشجعة باتجاه الحل في مقدمتها الاتفاق الموقع بين أربيل وبغداد بشأن العقود النفطية، لكن قياديا مقربا من طالباني أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الأزمة السياسية «تعقدت أكثر من ذي قبل، وبات من الصعب الخروج منها بحلول توافقية رغم ظهور تلك البوادر المشجعة، ولكن بالمقابل كانت هناك بوادر سلبية ستؤثر بشكل كبير على الأجواء السياسية في مقدمتها مسألة صدور الحكم الجنائي ضد نائب الرئيس طارق الهاشمي».

واعتبر القيادي الكردي الذي طلب عدم ذكر أسمه «أن إثارة قضية الهاشمي كانت في غير محلها، وجاءت في توقيت سيئ للغاية، فهو بالأساس ليس موجودا داخل العراق، ولا هو سلم نفسه للمحكمة فلماذا هذا الاستعجال الغريب بإجراء محاكمته، بل وإصدار حكم الإعدام ضده؟». وتابع: «هذه القضية ساهمت في دفع تركيا إلى التدخل بالشأن العراقي دفاعا عن الهاشمي، وفي الجانب الآخر ساهم التدهور الأمني الخطير في الفترة الأخيرة بتكثيف الضغط والتدخل الدولي على نطاق واسع في الشأن الداخلي العراقي، وبذلك فإن القضية العراقية من كثرة التدخلات والضغوطات الخارجية والإقليمية تعقدت أكثر من ذي قبل». وبسؤاله عن أن أنظار جميع العراقيين كانت متجهة نحو طالباني وعودته لبدء الحوار الوطني وإنهاء الخلافات السياسية بين الكتل والقادة العراقيين ولكن في المقابل خرج الكثير من القيادات العراقية بتصريحات تقلل من شأن مبادرة طالباني ونجاحها في حل الخلافات السياسية، قال القيادي الكردي الذي بدا بدوره مؤيدا لنظرة التشاؤم حيال الوضع العراقي عموما «كما أسلفت فإن الأمور تعقدت أكثر من ذي قبل، وطالباني بالتأكيد لا يملك العصا السحرية لمعالجة الموقف، قد يستطيع حلحلة الأوضاع أو تحريك المياه الراكدة، ولكن مع ظهور كل هذه الأحداث والتطورات والمواقف الغريبة، أشك أن تتكلل جهود الرئيس بالنجاح المرجو، هذا ناهيك عن أن موقفنا الكردي في حد ذاته ليس موحدا لحد الآن، وهناك فرقة وانقسام بالموقف الكردي خاصة في التعاطي مع بغداد، وهذا بالطبع سيؤثر على جهود الرئيس طالباني أيضا».

وأشار القيادي المقرب من طالباني في ختام تصريحه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الرئيس بعد عودته إلى السليمانية «سينشغل باستقبال الوفود والشخصيات السياسية والاجتماعية التي تزوره بمقره في المدينة، وبعد ذلك سيبحث أوضاع الحزب الداخلية لترتيبها قبل عودته إلى بغداد، عندها سيبدأ من هناك متابعة مبادرته لعقد الحوار المرتقب، وكل شيء مرهون بتطورات الوضع العراقي خلال الفترة القادمة».

لكن قادة بقية الأطراف السياسية بدوا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» متفقين على أن عودة طالباني ستعجل جهود حل الأزمة. وفي هذا السياق قال نائب رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي محسن السعدون إن «الرئيس لم يكن غائبا عما يجري خلال وجوده في ألمانيا للعلاج وبالتالي فإن خارطة الطريق بالنسبة له واضحة وهي الدعوة وبسرعة إلى مؤتمر وطني في ضوء المباحثات واللقاءات التي أجريت معه والاتصالات التي هو أجراها مع قادة الكتل من هناك»، معتبرا أن «الرئيس جلال طالباني لن يبدأ من الصفر وإنما سوف يستكمل ما كان قد حققه من عمل ونقاشات طوال الشهور الماضية». وردا على سؤال حول قيام رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بجولة أوروبية بالتزامن مع عودة طالباني وهل لمثل هذا الأمر صلة بالخلافات السياسية نفى السعدون ذلك تماما قائلا: إن «جولة رئيس الإقليم مقررة وقد سافر أمس (أول من أمس) وهو مدعو إلى مؤتمرات ومن المتوقع أن تكون عودته سريعة إلى الإقليم حيث لا يوجد ربط بين الاثنين».

من جهته لم يستبعد رئيس الكتلة البيضاء في البرلمان العراقي جمال البطيخ «تشكيل حكومة أغلبية سياسية في حال لم يحقق المؤتمر الوطني الذي سيدعو إليه الرئيس طالباني النجاح المطلوب أو قاطعته بعض الكتل أو الشخصيات (في إشارة إلى زعيم «العراقية» إياد علاوي) السياسية بهدف إفشاله». وقال: إن عودة رئيس الجمهورية «ستكون في غاية الأهمية لا سيما أن ورقة الإصلاح التي أعدها التحالف الوطني هي بانتظار هذه العودة».

بدوره، اعتبر المتحدث باسم المجلس الأعلى الإسلامي حميد معلة الساعدي أن «خارطة الطريق التي سوف يتحرك في ضوئها رئيس الجمهورية موجودة وتتمثل بورقة الإصلاح التي أعدها التحالف الوطني وما تزامن معها من اجتماعات ولقاءات بصرف النظر إن كانت رسمية أم لا أو مستوى النجاح الذي حققته». وأضاف الساعدي أن «الجميع بات يدرك الآن أنه لا بد من الاتفاق على حزمة من الإصلاحات لا سيما أنها خيار الجميع المطروح بقوة وبواقعية أيضا». وردا على سؤال بشأن موقف التحالف الوطني من ورقة الإصلاح بوجود خلافات داخلية قال الساعدي إن «رؤية التحالف الوطني الاستراتيجية من ورقة الإصلاح موحدة في الغالب لا سيما مع تحديد الأولويات في هذا الشأن»، مشيرا إلى «وجود خلافات بسيطة ولكنها قابلة للحل طالما أن الورقة كلها قابلة للنقاش وأن المهم هو أن تعطي الكتل الأخرى آراءها في هذه الورقة لكي تكون هناك صورة متكاملة حولها».