لجنة تحقيق دولية تحث على إحالة الملف السوري إلى الجنائية الدولية

وضعت قائمة جديدة لمسؤولين يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب.. ودمشق: عكست الحقائق

مقعد سوريا شاغرا خلال اجتماع لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلنت لجنة تقصي الحقائق الدولية حول الوضع في سوريا أنها وضعت قائمة جديدة لسوريين ووحدات يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب ويجب مقاضاتهم جنائيا. وفي إطار الجلسة التي عقدها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، للاستماع إلى تقرير اللجنة، أكد المحققون أنهم جمعوا «مجموعة من الأدلة الضخمة والاستثنائية»، وحثوا مجلس الأمن على إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وأفاد التقرير بأن الوضع في سوريا قد تدهور بشكل ملحوظ منذ 15 فبراير (شباط) الماضي «وذلك مع انتشار العنف المسلح إلى مناطق جديدة واحتدام الأعمال العدائية ما بين القوات الحكومية والشبيحة والجماعات المسلحة المناهضة للحكومة»، مشيرا إلى استخدام طرفي النزاع «لتكتيكات أكثر وحشية ولقدرات عسكرية جديدة خلال الأشهر الأخيرة».

وكشف مدير مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري رضوان زيادة أنه تم تسليم قائمة تضم أسماء عشرات المسؤولين وضباط الأمن والجيش وضعت بمغلف سري ومختوم لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان. وقال لـ«الشرق الأوسط»، «نحن على تنسيق دائم مع لجنة التحقيق التي سنلتقي رئيسها خلال اليومين المقبلين في جنيف، حيث سيتم اتخاذ قرار بتمديد عمل اللجنة أو إنشاء لجنة جديدة» لافتا إلى أن «اللجان الدولية كما المجلس الوطني سيستمران بتوثيق الجرائم الحاصلة بسوريا لتسليم نتائجها لمحكمة على المستوى الوطني بعد سقوط النظام أو للحكومة الانتقالية التي ستوقع اتفاقية روما ليحال هذا الملف للمحكمة الجنائية الدولية». وأعرب عن «أسفه لعدم إمكانية تقدم الأمور في هذا الإطار خلال المرحلة الحالية باعتبار أن الملف يقف عند عتبة مجلس الأمن الذي يعطله الفيتو الروسي والصيني».

وكانت اللجنة الدولية قدمت تقريرها الأخير بالأمس في جنيف موجهة اتهاماتها إلى «القوات الحكومية ومقاتلي الشبيحة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ومن ضمنها القتل والتعذيب»، مؤكدة ارتكاب «جرائم حرب وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي بما في ذلك أعمال القتل غير المشروع والهجمات العشوائية ضد السكان المدنيين وأعمال العنف الجنسي». وجاء في التقرير، الذي يبلغ عدد صفحاته 102 صفحة، أن هذه الانتهاكات تم ارتكابها عملا بسياسة دولة، وتدل على تورط أعلى المستويات في القوات المسلحة وقوات الأمن والحكومة.

ومن ناحية أخرى، أشارت لجنة تقصي الحقائق الدولية إلى ارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك القتل العمد والقتل خارج نطاق القانون والتعذيب وذلك من قبل الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة، غير أن هذه الانتهاكات والتجاوزات حسب التقرير لا توازي في خطورتها وانتشارها ووتيرة وقوعها تلك الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الحكومية والشبيحة.

واشتمل تقرير اللجنة الأممية الدولية أيضا على تحديث لنتائج لجنة التحقيق المتعلقة بأحداث ما عرف بـ«مجزرة الحولة»، والتي وقعت في 25 مايو (أيار) الماضي، وخلص التقرير المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان إلى أن القوات الحكومية والمقاتلين من الشبيحة هما المسؤولان عن عمليات القتل التي أودت بحياة أكثر من 100 مدني نصفهم تقريبا من الأطفال.

وشددت اللجنة على أن عدم تمكينها من الوصول إلى سوريا أعاق بشكل كبير من قدرتها على إنجاز ولايتها وأنها قامت بنشر طواقمها في الدول المجاورة لسوريا وغيرها لجمع الشهادات من السوريين ممن غادروا البلاد وقامت منذ 15 فبراير الماضى بإجراء 693 مقابلة ما بين مقابلات ميدانية وأخرى انطلاقا من جنيف ليصل عدد إجمالي المقابلات التي أجرتها لجنة التحقيق منذ إنشائها في سبتمبر (أيلول) 2011 إلى 1062 مقابلة.

بالمقابل، أعربت سوريا أمام مجلس حقوق الإنسان عن «بالغ الأسف من تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وتحميل السلطات السورية مسؤولية الانتهاكات الممنهجة هناك»، لافتة إلى أن «به الكثير من الحقائق المعكوسة ويفتقر إلى الدقة والموضوعية».

وفي رد فعل على تقرير لجنة التحقيق، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أن التقرير يتضمن «أدلة دامغة ضد نظام دمشق الذي ارتكب جرائم غير مسبوقة».

وقال فيليب لاليو إن التقرير «يجمع عناصر كافية (...) لإثبات ارتكاب النظام السوري وميليشياته جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب على نطاق واسع».

وندد المتحدث بارتكاب «جرائم غير مسبوقة ومنهجية تندرج في سياق سياسة دولة»، مؤكدا أنه «لن يكون هناك إفلات من العقاب». وكرر أن الرئيس السوري بشار الأسد يتحمل «مسؤولية هذه المجازر»، وتابع: أن «المجموعات المسلحة المعارضة يجب أن تمتنع هي أيضا عن ارتكاب جرائم حرب غير مقبولة من جانبها أيضا».

وأضاف: أن «فرنسا تدعو جميع أطراف الأزمة السورية إلى وقف انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني فورا وهي تدرس سبل إحالة المسالة إلى المحكمة الجنائية الدولية».