حجب الفيلم المسيء في دول عربية وآسيوية

ماليزيا: «يوتيوب» تبدو غافلة عن الاضطرابات التي سببتها * حزب يميني متطرف بألمانيا يعرض الفيلم كاملا على موقعه الإلكتروني * جدل بسبب المخاوف من قمع حرية التعبير على الإنترنت

TT

أعلن موقع «يوتيوب» لتقاسم أشرطة الفيديو أمس أنه منع في ماليزيا مشاهدة الفيلم المسيء للإسلام الذي أثار بث مقاطع منه موجة احتجاجات في الكثير من الدول الإسلامية، بعدما منع مشاهدته في إندونيسيا والهند وليبيا ومصر وأفغانستان وباكستان.

وقال متحدث باسم موقع «يوتيوب» الذي يملكه محرك البحث الأميركي العملاق «غوغل»، إن شريط مقاطع الفيلم «براءة الإسلام» بات محظورا منذ الأحد في ماليزيا، وتابع: «حين يبلغوننا أن شريط فيديو غير شرعي في بلد ما، فإننا نمنع مشاهدته بعد التدقيق في المسألة».

وقدمت الحكومة الماليزية السبت شكوى رسمية إلى «يوتيوب» غير أن بعض مقاطع الفيلم كانت لا تزال متاحة على «يوتيوب» صباح أمس، فيما تم حظر مقاطع أخرى، وأثارت مشاهد الفيلم مظاهرات في الكثير من الدول الإسلامية وكذلك في ماليزيا حيث بقيت سلمية، وسبق أن منع «يوتيوب» مشاهدة المقاطع في إندونيسيا والهند وليبيا ومصر، كما اتخذت أفغانستان وباكستان إجراءات مماثلة.

وحجبت شركة «غوغل» الأميركية مقاطع الفيلم المسيء للإسلام في مصر وليبيا وفي دول إسلامية أخرى للمساعدة على وقف الاضطرابات، بينما تستمر الاحتجاجات الشعبية على تلك الإساءة التي فجرت موجة غضب في العالمين العربي والإسلامي.

ورفعت منظمات وجمعيات أهلية مصرية دعاوى قضائية تطالب بغلق محرك البحث العالمي «غوغل» في مصر، ورأت في عرض الفيلم المسيء عبر «غوغل» تهديدا للأمن والسلم الاجتماعي، مطالبة بتعويض يبلغ ملياري دولار.

ووقعت مظاهرات عنيفة في مصر وليبيا حيث قتل السفير الأميركي في هجوم على القنصلية في بنغازي، وامتدت الاحتجاجات بعد ذلك إلى شمال أفريقيا والشرق الأوسط ومنطقة آسيا - المحيط الهادي.

واتهمت ماليزيا أمس موقع خدمة مشاركة محتوى الفيديو «يوتيوب» لعدم إزالة شريط فيديو لا يراعي مشاعر المسلمين. وقال رئيس يتيم، وزير الثقافة والمعلومات والاتصالات في ماليزيا البلد الذي تقطنه أغلبية مسلمة، إن «(يوتيوب) تبدو غافلة عن الاضطرابات التي سببتها». وأضاف في بيانه الصادر باللغة الإنجليزية لوكالة أنباء «بيرناما» الرسمية أن «مالك (يوتيوب) لا يستحق أن يكون بمنأى عن غضب المسلمين أو الذراع الطويلة للقانون».

وقال متحدث باسم موقع «يوتيوب» إن كل المقاطع المأخوذة من الفيلم المنتج بالولايات المتحدة حجبت في ماليزيا منذ أمس. وفي إندونيسيا المجاورة التي تجددت فيها أمس الاحتجاجات على الإساءة الأخيرة للإسلام، أعلنت الحكومة أن موقع «يوتيوب» شرع في حجب الفيلم، لكن العملية لم تكتمل حتى أمس الاثنين.

وقالت الحكومة الإندونيسية إن عملية الحجب تستغرق وقتا، وأشادت بتعاون شركة «غوغل». وفي باكستان، أصدرت المحكمة العليا أمس الاثنين حكما يقضي بحجب مقاطع الفيديو المناهضة للإسلام ومن ضمنها مقاطع الفيلم المنتج في الولايات المتحدة.

قالت الحكومة الباكستانية في وقت سابق إن هيئة الاتصالات ووزارة تكنولوجيا المعلومات قد حجبتا 122 موقعا إلكترونيا معاديا للإسلام خلال الأيام القليلة الماضية.

وصدر حكم المحكمة العليا بينما تجددت أمس الاحتجاجات على الفيلم المسيء، وقتل شخص باشتباكات مسلحة على هامش مظاهرة في شمال غربي البلاد. وكانت باكستان وأفغانستان بين الدول التي بادرت إلى حجب الفيلم الأخير.

وفي برلين قام حزب «برو دويتشلاند» اليميني المتطرف أمس بعرض الفيلم المسيء للنبي محمد على موقعه الإلكتروني.

وقال الحزب إن الفيلم الذي تم إنتاجه في الولايات المتحدة متاح للمشاهدة على موقع الحزب الإلكتروني على الإنترنت ومدته الإجمالية تبلغ ساعة و14 دقيقة.

وأكد الحزب على اعتزامه عرض الفيلم الذي يحمل اسم «براءة المسلمين» في إحدى دور العرض بالعاصمة الألمانية برلين.

من جانبه قال لارس زايدنشتيكر الرئيس التنفيذي للحزب المتطرف إن من المنتظر أن يتم عرض الفيلم بصورة علنية إما في أول أو آخر إجازة أسبوعية من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وأضاف أنه إذا لم يتم العثور على دار عرض فإنه سيجري البحث عن «قاعات أخرى مناسبة» لهذا الغرض. وكان الفيلم أثار خلال الأيام الماضية عاصفة من الاحتجاجات العنيفة في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي.

إلى ذلك تشهد أوساط الناشطين جدلا بسبب المخاوف من قمع حرية التعبير على الإنترنت نتيجة أعمال العنف التي أثارها فيلم مسيء للإسلام نشر على موقع «يوتيوب». فقد اعتبر البعض قرار شركة «غوغل» المالكة لموقع «يوتيوب» حجب الفيلم في ليبيا ومصر وإندونيسيا والهند وأفغانستان وباكستان وماليزيا خطوة مدفوعة بالتعاطف، لكنها قد تتحول إلى منحى خطير.

وقالت منسقة شؤون حقوق التعبير في مؤسسة إلكترونيك فرونتير للضغط التي لا تتوخى الربح ايفا غالبرين «إذا فعلوها مرة واحدة فسيعيدون الكرة في حالات أخرى». وأضافت: «على الأرجح ستبادركم (غوغل) بالقول: إنه لمجرد هذه المرة اضطرتها ظروف استثنائية إلى التغاضي عن حرية التعبير. لكنها ليست إلا بداية طريق خطير».

فقد بدأت مجموعة «غوغل» بالحجب عن مصر وليبيا حيث انطلقت الاحتجاجات العنيفة على فيلم مسيء للإسلام صور في الولايات المتحدة وأسفرت عن قتلى وجرحى في العالم الإسلامي.

وطالبت الحكومة الإندونيسية التي تضم 240 مليون نسمة أغلبيتهم من المسلمين «يوتيوب» بإزالة الفيلم من موقعها.

وتظاهر آلاف الباكستانيين صباحا في بيشاور وكراتشي مواصلة الاحتجاجات على الفيلم المتدني النوعية بينما عززت الشرطة إجراءاتها الأمنية خوفا من حالات فلتان جديدة.

وقتل أربعة في العاصمة اليمنية صنعاء الخميس نتيجة العنف أمام السفارة الأميركية.

وقال «يوتيوب» إن الشريط لا ينتهك قواعد الاستخدام الخاصة بها لذلك لن يحذف من الموقع، لكن «نظرا إلى الوضع الصعب جدا في ليبيا ومصر منعنا عرض الفيلم بشكل مؤقت في البلدين».

وأكد المتحدث باسم «يوتيوب»: «قلوبنا مع عائلات الأفراد الذين قتلوا في هجوم في ليبيا».

وأشار البيت الأبيض الجمعة إلى أنه نصح «يوتيوب» بالتفكير في إزالة الفيلم.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي تومي فييتور إن مسؤولين «توجهوا إلى (يوتيوب) للفت نظر مسؤوليه إلى الفيلم وطلبوا منهم التحقق إن كان ينتهك شروط الاستخدام الخاصة بالموقع».

وما زالت مقاطع الفيلم موجودة على الموقع أمس حيث أرفقت النسخة العربية بإنذار حول وجود مضمون «قد يكون مؤذيا أو غير مناسب» للبعض.

وشددت «غوغل» على عدم التدخل في المضمون ولجأت إلى توفير أدوات لأصحاب الحقوق والحكومات وغيرها لتقديم إشعارات «حجب» مضمون منشور على الإنترنت في حال كان مقرصنا أو غير شرعي أو مخالفا لقواعد الخدمة. وقالت غالبرين «إنه أحد أسباب تحول (يوتيوب) إلى هذه المنصة الهائلة للتعبير حول العالم». وتابعت: «إذا قرر (يوتيوب) من يستطيع تحمل فيديو ومن لا يستطيع فإنه يتبنى فكرة وصاية غير عادية».