تصاعد الخلاف داخل «تأسيسية الدستور» الجديد لسيطرة الإسلاميين

انتقادات للجنة الصياغة بشأن التغييرات

TT

ما زالت الانتقادات والشكوك تلاحق أعمال الجمعية التأسيسية المنوط بها صياغة دستور مصر الجديد، وذلك من قبل القوى السياسية والأحزاب المدنية محذرة من سيطرة تيار الإسلام السياسي على مشروع الدستور الجديد، قبل طرحه للاستفتاء الشعبي.

وعقدت الجمعية اجتماعا عاما أمس برئاسة المستشار حسام الغرياني لوضع خارطة طريق لإنهاء الخلافات حول مواد الدستور، بينما وجه بعض أعضاء الجمعية انتقادات إلى لجنة الصياغة اتهمتها بالتحريف والتلاعب في صياغة بعض المواد المتفق عليها داخل اللجان النوعية.

وحظيت لجنتا نظام الحكم والمقومات الأساسية للدولة على أعلى نسبة من الخلاف حول المواد التي يجب أن تتضمنها تلك الأبواب، خاصة أنها ستحدد نظام الحكم في مصر وشكل الدولة ومصادر التشريع فيها.

وأعلن المستشار الغرياني في بداية اجتماع الجمعية التأسيسية أمس عن إجراء تصويت داخل الجمعية في جلستها المقبلة لحسم بعض المواد المثيرة للجدل، وفي مقدمتها النظام الانتخابي، وقال إنهم سيحسمون النظام الانتخابي الأمثل بالتشاور مع رئيس الجمهورية، حيث إن قانون الانتخابات البرلمانية السابق تم الحكم عليه بعدم الدستورية.

وقال إنهم سيجرون تصويتا أيضا على فكرة الإبقاء على نسبة العمال والفلاحين في مقاعد البرلمان، بجانب الإبقاء على مجلس الشورى أم يتم تحويله إلى مجلس الشيوخ الذي تم اقتراحه ضمن أعمال لجنة نظام الحكم.

وفيما يتعلق بالجدل المثار داخل لجنة المقومات الأساسية وتحديدا على نص المادة الثانية، حول أن تكون الشريعة الإسلامية (بدلا من مبادئ الشريعة) هي المصدر الرئيسي للتشريع، أكد الدكتور حسين الشافعي، أحد ممثلي الأزهر في الجمعية التأسيسية على أنهم حريصون على الإبقاء على نص المادة الثانية من الدستور كما هي في دستور 1971، مشيرا إلى أنها تمكن الشريعة كمصدر رئيسي للتشريع ولكن بطريقة تضمن وتحفظ حقوق المسلمين وغير المسلمين.

وقال الشافعي «يجب أن تضاف مادة تعطي غير المسلمين حق الاحتكام إلى شرائعهم بحيث تكون مستقلة عن نص المادة الثانية من الدستور»، وشدد في نفس الوقت على رفض الأزهر القيام بمهمة تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية بناء على طلب السلفيين، وقال «هذا يسبب الارتباك، ومن شأن المحكمة الدستورية، ويجب أن لا يدخل الأزهر طرفا بين المؤسسات أو يتصارع معها».

واعتبر وكيل الجمعية التأسيسية الدكتور أيمن نور، رئيس حزب «غد الثورة» أن الجدل المثار داخل الجمعية والخلافات القائمة ظاهرة صحية وليست سلبية، مشيرا إلى أن هذا الجدل يعنى أنه لا يوجد مشروع دستور معد سلفا من قبل بعض التيارات كما يردد البعض.

وقال نور لـ«الشرق الأوسط» إن الجمعية التأسيسية تعمل بطريقة موضوعية حقيقية، وتستمع لكل الآراء من كل الأعضاء وكل التيارات، مشيرا إلى أنهم يقومون بعمل فني حقيقي لصياغة الدستور بعيدا عن الانتقادات التي قد تخرج من بعض القوى السياسية في إطار مواقف سياسية.

يأتي ذلك في الوقت الذي اعترض فيه بعض أعضاء الجمعية التأسيسية على أعمال لجنة الصياغة بها واتهموها بتحريف المواد التي يتم الاتفاق عليها داخل أعمال اللجان النوعية. وقال محمد عصمت السادات، عضو الجمعية التأسيسية إنه تقدم بطلب إلى رئيس الجمعية المستشار الغرياني يطلب فيه إعادة تشكيل لجنة الصياغة بعد تدخلهم في تعديل صياغة بعض المواد.

وقال السادات إنهم فوجئوا ببعض الصياغات تخالف ما تم الاتفاق عليه داخل اللجان النوعية، وطلبوا العودة إلى أصل النقاشات لكتابة ما تم الاتفاق عليه، مشيرا إلى أنه في حالة اكتشاف أي تلاعب من قبل أي تيار في صياغة مواد الدستور على عكس ما تم الاتفاق عليه سيضطرون للتصعيد.

وقدم ممثلو حزب النور السلفي أمس مذكرة اعتراضية على أعمال لجنة الصياغة لتدخلها في صياغة بعض المواد، حيث انتقدت المذكرة تجاهل المادة التي تنص على أن «الذات الإلهية مصونة ويحظر المساس أو التعريض بها وكذا ذوات أنبياء الله ورسله وأمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين».

من جهته، اعتبر الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ القانون الدستوري، أن الدستور الجديد يجري إعداده خلف الأبواب المغلقة وبعيدا عن الرأي العام، مشيرا إلى أن ما يتم عرضه من نقاشات على الهواء هو لاجتماعات اللجنة العامة، في حين أن ما يدور داخل اللجان النوعية هو العمل الحقيقي.

وقال فرحات لـ«لشرق الأوسط» إن المشكلة في أعمال الجمعية هو أن الرأي العام ليس طرفا في وضع الدستور، وأن هناك عدم شفافية في أعمال الجمعية التأسيسية، لأنه لا أحد يعلم حقيقة ما يدور داخل اللجان النوعية.

وقال إن هناك ممارسات تدعو للقلق منها محاولات البعض لإكساب الدستور طابعا دينا بعيدا عن فنيات وضع الدساتير، مثل اقتراحات «السيادة لله»، وتطبيق أحكام الشريعة، ورفض مبدأ المساواة بين الرجال والنساء.

وأشار فرحات إلى أن هناك مخاوف لدى القوى المدنية من أن يأتي الدستور الجديد منتهكا لمبادئ مدنية الدولة ومقتربا من نموذج الدولة الدينية، بجانب الخوف من التضييق على الحقوق والحريات العامة.

وعلى صعيد متصل، أعلن الدكتور محمد محسوب، وزير الشؤون القانونية أن الدستور الجديد سيكون في ستة أبواب، مشيرا إلى أن هناك نظاما لتبويب مشروع الدستور الجديد والفصول الداخلية، وهو المقترح من لجنة الصياغة بالجمعية التأسيسية.

وأوضح محسوب أن لجنة الصياغة بالجمعية التأسيسية لم تغفل أي مقترح جاء من اللجان المختلفة بل من الممكن أن يكون قد تم ترحيله إلى باب آخر، في إشارة إلى شكوى بعض أعضاء الجمعية من عدم وجود مواد تم التوافق عليها ولم يجدوها مصوغة ضمن مواد الدستور.