ديمبسي يغادر أنقرة بعد «زيارة مثمرة».. و«الكردستاني» يقتل 10 جنود

صحيفة تركية: محاولات أميركية لإقناع أنقرة بإدارة العملية العسكرية ضد النظام السوري

TT

ودعت تركيا رئيس أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي بمزيد من الأحداث الأمنية على حدودها مع سوريا التي تجاوزتها أمس بعض القذائف السورية خلال مواجهات مع «الجيش السوري الحر»، بالإضافة إلى مقتل نحو 10 أفراد من جيشها وإصابة نحو 60 في هجوم لتنظيم «العمال الكردستاني» المحظور في جنوب البلاد.

وأكدت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» أمس أن الزيارة التي قام بها ديمبسي وتخللتها لقاءات مع نظيره التركي نجدت أوزال ووزير الدفاع عصمت يلماظ «كانت مثمرة جدا»، رافضة الخوض في معلومات نشرتها صحيفة تركية عن مسعى أميركي لإقناع أنقرة بقيادة حملة عسكرية مقررة ضد النظام السوري الشهر المقبل. وقالت المصادر إن موقف أنقرة واضح في هذا الشأن منذ اندلاع الأزمة السورية لجهة ضرورة وقف القتل بكل الوسائل الممكنة بالتعاون مع المجتمع الدولي. وأكد المصدر أن «تركيا واضحة في دعمها (الجهد المبارك) الذي يقوم به أبناء سوريا للتخلص من الظلم اللاحق بهم وهي ما تزال مقتنعة أن إنقاذ الشعب السوري مسؤولية دولية».

وكانت صحيفة «ميللي» التركية، قالت أمس إن زيارات كبار مسؤولي الإدارة الأميركية إلى تركيا ازدادت خلال الأيام الماضية في مقدمتها زيارة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مؤخرا، ومدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية ديفيد بتريوس إلى إسطنبول والآن زيارة رئيس الأركان الأميركية مارتين ديمبسي إلى أنقرة تلبية لدعوة نظيره الجنرال نجدت أوزل. وأشارت الصحيفة إلى أن مساعد وزيرة الخارجية وليام بيرنز أجل زيارته التي كانت مقررة إلى أنقرة يوم الخميس الماضي على أثر مقتل السفير الأميركي في بنغازي.

ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية مقربة لإسرائيل قولها «إن هناك خطة أميركية معدة للقيام بالاستعدادات الأولية والمباحثات الدبلوماسية المكثفة مع الدول المجاورة لسوريا خاصة تركيا لتنفيذ عملية عسكرية ضد النظام السوري خلال الشهر المقبل ولهذا السبب أصبحت تركيا محطة لاستضافة كبار مسؤولي إدارة واشنطن». وأشارت الصحيفة إلى أن «هذه الزيارات تأتي لمحاولة إقناع أنقرة لتولي إدارة العملية العسكرية ضد النظام السوري، مع العلم أن تركيا عاشت خيبة أمل بعد أن بقيت معزولة على أثر عدم حصول وزير الخارجية (التركي) أحمد داود أوغلو على دعم خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي لتشكيل منطقة عازلة داخل سوريا وفرض الحظر الجوي». ولفتت الصحيفة إلى أن المراقبين السياسيين يرون أن تركيا تحركت بالشكل العاجل بالربيع العربي والشأن السوري قياسا بالموقف الأميركي والغربي، مؤكدين أنه «لم تقدم أميركا خطوات عاجلة تؤكد وقوفها وتضامنها مع الحكومة التركية في مجال مكافحة الإرهاب على عكس ما كانت تتوقع وتخطط له الحكومة التركية».

وكان ديمبسي الذي غادر أنقرة أمس، قد صرح بأن تركيا تواجه تحديا على حدودها الجنوبية، وبأن مصالح أنقرة في سوريا هي نفس مصالح واشنطن، مشيرا إلى أن تركيا تعد حليفا رئيسيا للولايات المتحدة، وفقا لما جاء في بيان أصدرته وزارة الدفاع الأميركية. وحذر ديمبسي من «وجود خطر واضح لانتشار الأسلحة الكيميائية والبيولوجية أو فقدان السيطرة عليها، بالإضافة إلى خطر الصواريخ البالستية السورية». وذكر أنه لا توجد في الوقت الراهن إشارات على أن سوريا سوف تستخدم هذه الأسلحة البيولوجية أو الكيماوية، أو أنها سوف تطلق صواريخ على تركيا.

وعلى متن الطائرة العسكرية التي أقلته عائدا إلى بلاده، أكد ديمبسي أن «الولايات المتحدة والقادة الأتراك لديهم رأي مماثل للأحداث في سوريا وأنهما اتفقا على العمل معا في الملف السوري والقضايا الإقليمية الأخرى». وقد اجتمع ديمبسي مع يلماظ ومسؤولين في وزارة الخارجية التركية، قائلا: «نحن لدينا رؤى مشتركة في المصالح المشتركة ونحن على حد سواء في محاولة لمعالجة في المنطقة»، وأضاف: «اتفقنا على أن نلزم أنفسنا التعاون في القضايا الإقليمية - وليس فقط في القضايا الثنائية» ورأى أن «سوريا هي مركز لعدم الاستقرار في المنطقة، وهناك تشابك الأحداث والمواضيع التي نسج من خلال المنطقة»، مشيرا إلى أن الأتراك يخشون استفادة القوى المتطرفة، سواء «القاعدة» أو «الكردستاني» من عدم الاستقرار في سوريا لتعزيز نشاطاتها في البلد الجار، كما أشار إلى أن «الأتراك قلقون أيضا النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة». واعتبر أن الأتراك يخشون من أن إطالة أمد الأزمة من شأنه أن يزيد من فرص التقسيم الطائفي.

وفي حين أكد ديمبسي أن المسؤولين الأتراك لم يطلبوا أي مساعدة عسكرية أميركية، قال إن بلاده «ستواصل مراقبة الوضع، وسوف نستمر في الانخراط على جميع المستويات من أجل التفكير في بعض الحالات الطارئة التي قد تحدث فيما يتعلق القضية الإنسانية».

وقد لقي أمس 10 جنود أتراك حتفهم وأصيب 60 آخرون في كمين نصبه عناصر من «الكردستاني» لباص عسكري جنوب البلاد. وأكد مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» أن الجنود كانوا غير مسلحين، وتعرضوا لكمين لدى عودتهم إلى منازلهم في إجازة. مشيرا إلى أن بلاده «تعي جيدا أن ثمة أيادي تعمل لتخريب الأمن في تركيا»، معتبرا أن الدعم الذي يتلقاه هؤلاء هو عبارة عن رسائل لتركيا للكف عن دعم «التطلعات المشروعة للشعب السوري» موضحا أن هؤلاء الإرهابيين تتملكهم «عقدة الكراهية لتركيا وأمنها وهم يلقون دعما وتشجيعا من أطراف إقليمية»، رافضا تسمية هذه الأطراف.

وقد أصيب الباص العسكري بقذيفة صاروخية، ثم فتح مسلحون يختبئون على جانب الطريق النار على الحافلات بالبنادق ما أدى إلى اندلاع اشتباك مع جنود يحرسون القافلة. وقال التقرير إن النيران اشتعلت في الحافلة التي تعرضت للهجوم وفر جنود محاصرون بداخل الحافلة من خلال نوافذ محطمة فيما كانت تندلع الاشتباكات. ونقل عن مصطفى حقان محافظ بينجول قوله إن الهجوم أسفر عن مقتل سبعة جنود وإصابة 63 آخرين، قبل أن تذكر المصادر أن العدد ارتفع لاحقا إلى 10 قتلى.