صفحة جديدة في العلاقات بين مصر وحماس بعد فوز مرسي

النظام السابق كان يحصرها في الدائرة الأمنية

TT

شكل فوز مرشح الإخوان المسلمين بمقعد الرئاسة المصرية نقطة تحول فارقة في العلاقة بين حركة حماس وحكومتها في غزة ومصر. فبعد أن كانت قناة الاتصال الوحيدة بين حماس ومصر تنحصر في جهاز المخابرات العامة، الذي كان يرأسه نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان، فإن قنوات الاتصال حاليا باتت تديرها المستويات السياسية العليا في الجانبين.

فقد استقبل الرئيس مرسي كلا من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وإسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة في غزة، علاوة على الاتصالات بين هنية ورئيس الحكومة المصرية هشام قنديل، ووزير الدفاع الجديد عبد الفتاح السيسي. في الوقت ذاته، أصبح هناك تواصل مباشر بين الوزراء في حكومتي غزة والقاهرة، إذ قام عدد من وزراء غزة بزيارة مصر والتقوا نظراءهم المصريين، وتباحثوا حول سبل حل عدد من القضايا، لا سيما قضية أزمة الكهرباء في غزة.

لكن مما لا شك فيه أن أهم تطور في العلاقة بين مصر وحركة حماس وحكومتها في غزة هو توصل الحكومتين لاتفاقات بشأن قضايا حساسة، منها اتفاق تشكيل لجنة أمنية مشتركة لمراقبة الحدود وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون الأمني. وعلم أن وفدا يمثل الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة غزة المقالة توجه مؤخرا إلى القاهرة، حيث تمت صياغة مفهوم جديد للتعاون الأمني بين الجانبين.

وعلى الرغم من إغلاق معبر رفح، المتنفس الوحيد لقطاع غزة إلى العالم الخارجي، لمدة أسبوعين في أعقاب الهجوم الذي استهدف معسكرا للجيش المصري في مدينة رفح المصرية، وأسفر عن مقتل 16 جنديا وضابطا، فإن هناك الكثير من الدلائل التي تؤكد أن الإدارة المصرية الجديدة أقدمت على الكثير من الخطوات لتخفيف الحصار. فمعبر رفح الحدودي يفتح بانتظام، ولأول مرة منذ أن دشن المعبر، فتح الجمعة الماضي للمسافرين في الاتجاهين، علاوة على أن وزارة الداخلية في غزة أكدت أن هناك تراجعا في عدد الأشخاص الذين يتم منعهم من السفر من قبل الجانب المصري. وزخرت وسائل الإعلام الفلسطينية المحلية بالكثير من التسريبات التي تؤكد أن الرئيس مرسي بصدد الإعلان عن قرار برفع الحصار عن قطاع غزة وفتح معبر رفح بشكل كامل.

ولم تقتصر مظاهر تطبيع العلاقة بين مصر وحكومة غزة على المستويات الرسمية، بل تعداه إلى القطاع الخاص، فهناك زيارات متبادلة بين المستويات التي تمثل قطاع الأعمال في غزة ومصر. ويتباحث الطرفان في شأن إقامة منطقة تجارة حرة بين غزة ومصر، وهي الخطوة التي لو تحققت فستؤدي إلى تعاون حكومة غزة المقالة في مسألة إغلاق الأنفاق، التي سوف تنتفي مسوغات بقائها. ومن المفارقة أنه حتى وسائل الإعلام المصرية الخاصة المتهمة في مصر بمناصرة فلول النظام السابق، أصبحت تحرص على إرسال مندوبين لها لإجراء مقابلات صحافية مع ممثلي الحكومة المقالة وقادة حركة حماس.

وتكمن المفارقة أن هذه التطورات المتلاحقة تأتي بعد أن حرص نظام الرئيس السابق على رفض إقامة أي مستوى من مستويات الاتصال السياسي مع حماس وحكومتها، علاوة على أن العلاقة كانت متوترة جدا، وكانت حماس تتهم الأجهزة الأمنية المصرية باعتقال العشرات من عناصرها أثناء وجودهم في مصر وتعريضهم للتعذيب. وقد بلغت العلاقة ذروة التوتر عندما اتهمت حماس الأجهزة الأمنية المصرية بتعذيب شقيق الناطق بلسان حركة حماس سامي أبو زهري حتى الموت في أحد المعتقلات بالإسكندرية.

وحرص نظام الرئيس السابق على ألا تتجاوز القضايا التي يتم الاتصال بشأنها مع حماس قضايا المصالحة الفلسطينية، والتهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وقضية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته حماس. ولم يكن سرا أن حماس كانت تتهم نظام مبارك بالانحياز للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس (أبو مازن). ومن المفارقة أيضا أن الأمور تحولت لدرجة أن قادة السلطة باتوا يتهمون الإدارة المصرية الجديدة بالانحياز لحماس، وهذا ما لمح إليه عباس في خطابه الأخير.