الهاشمي: الاتصالات بيني وبين الرئيس طالباني مقطوعة والسبب معروف.. وأملي أن يتدخل في قضيتي

نائب رئيس الجمهورية المحكوم عليه بالإعدام لـ «الشرق الأوسط» : شخصيات في ائتلاف العراقية أساءت لسمعتها

طارق الهاشمي (رويترز)
TT

قال طارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية العراق معلقا على قرار المحكمة الجنائية الخاصة التي قضت بالحكم عليه بالإعدام على خلفية اتهامه بأعمال إرهابية، إنه رغم أن «القرار صدر بالأغلبية وليس بالإجماع وكان هناك قاض احترم نفسه وحافظ على سمعته حيث عارض الحكم ولم يوافق عليه، فإنه يبقى قرارا ظالما لأن القضاء حرمني من أبسط حقوقي المدنية التي منحني إياها الدستور والقانون، كما أن القرار باطل أولا لأن المحكمة التي أصدرته ليست جهة الاختصاص بالنظر في قضيتي التي حددها الدستور بالمحكمة الاتحادية العليا وفق المادة 93 منه، بل هو باطل ثانيا لأن الدستور حرم تشكيل محاكم خاصة وفق المادة 95 منه، والمحكمة الجنائية المركزية محكمة خاصة تشكلت بأمر الحاكم المدني الأميركي بول بريمر عام 2003 ونسخها الدستور الدائم، وما يصدر عن باطل فهو باطل».

وعما إذا كان سيلجأ إلى تمييز القرار، قال الهاشمي إن «قرار الحكم في غياب المتهم وقتي بمعنى أنه غير نهائي ويبقى معلقا تنفيذه حتى يمثل المتهم أمام القضاء، أي إنه في هذه المرحلة غير خاضع للتمييز»، وقال: «أدرس الموضوع من مختلف الجوانب القانونية، لكن المأمول برئيس الجمهورية التدخل وإلزام الجميع، وعلى وجه الخصوص السلطة القضائية، باحترام الدستور والعمل بموجبه، كما أنني أنتظر من الأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة والبرلمانات الإقليمية والدولية الاستجابة لطلبي في متابعة قضيتي وإنصافي من قضاء بلدي الذي حرمني من حقي المشروع في القضاء العادل».

وقال الهاشمي في حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقر إقامته المؤقت في إسطنبول أمس، حول نيته العودة إلى بغداد أو إقليم كردستان لغرض تمييز الحكم: «هذا لم يعد ممكنا قانونيا بعد رفض طلبي في نقل الدعوى مرتين واقترن ذلك بمصادقة التمييز، وهذا لم يحصل في تاريخ القضاء العراقي حسب علمي، وأعتبر الموقف متحيزا وغير مشروعا لأنه حرم المتهم من حق مكتسب»، مضيفا: «سأكون سعيدا لو عدت غدا إلى كردستان، ولن أنسى موقف كردستان ونصرتها للهاشمي، لكن وجودي على أرضها سبب لهم حرجا كبيرا، في الوقت الذي لا أتمنى فيه أن تشكل قضيتي أو إقامتي عبئا على أحد».

وأوضح نائب الرئيس العراقي أن «الاتصالات مقطوعة بيني وبين الرئيس جلال طالباني، والسبب معروف»، منوها بأنه «اتصل بي الشجعان من أعضاء ائتلاف العراقية، كما صرح أقرانهم كما ينبغي، ولهؤلاء دعائي وشكري، وتوارى الآخرون ومنهم قياديون ربما طلبا للسلامة وهي لن تتحقق بالتخلي عن الهاشمي وقضيته، فهم يحلمون. مع ذلك، الفرصة ما زالت مواتية لاعتماد موقف أفضل، وهذه تذكرة مني تصب في مصلحتهم».

ووصف الهاشمي موقف ائتلاف العراقية التي يعد أحد أبرز قيادييها بأنه «موقف ضعيف ولا ينسجم حتى مع المشروع الذي تبنته (العراقية)، ومن حق الناس أن يغضبوا».

وحول ما يدور من حديث عن تنافس بينه وبين أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب العراقي وقيادي في «العراقية» على زعامة العرب السنة في العراق، قال: «لا أنافس أحدا على لعاعة من الدنيا، وليس بيني وبينه نزاع أو تنافس، وزعامة أهل السنة ليست بضاعة مطروحة للمزاد، والزعامة لا تصنعها التمنيات وإنما هي تراكمات مواقف شجاعة في أوقات صعبة، أهلنا في شدة وأحوالهم صعبة ومن يستطع أن يقدم لهم شيئا فليتقدم الصفوف، وأنا في هذا المجال جندي، يكفيني هذا ويشرفني».

وأقر الهاشمي بأن «الاضطراب الداخلي تشترك فيه جميع الكيانات السياسية من دون استثناء، ولا يقتصر الأمر على (العراقية)، رغم أنها الأكثر تعرضا لضغط إيران وإرهاب (رئيس الوزراء نوري) المالكي وابتزازه، كما لا أنكر أن «العراقية» فيها العديد من الشخصيات التي أساءت لسمعتها وزعزعت تماسكها». وعما إذا كان يفكر في خوض الانتخابات المقبلة ضمن ائتلاف العراقية أم إن له خططا أخرى، قال: «أقضي وقتا طويلا في التأمل والمراجعة في التجربة السياسية الفاشلة، وأدرس العديد من الخيارات المناسبة لخدمة بلدي، حتى الآن أسمع.. أناقش.. أفكر لكني لم أتخذ القرار الأخير حتى الآن».

ونفى الهاشمي أن يكون موقف الحكومة التركية باستضافته مذهبيا، وقال إن «السبب أخلاقي وليس سياسيا. لماذا ننسى ما قدمته تركيا للأكراد والشيعة وغيرهم زمن المعارضة في زمن النظام السابق، كيف تفسرون موقفها في ذلك الوقت؟ لماذا نتناسى هذا الإرث الزاخر بالمواقف الإنسانية والأخلاقية ونختصر موقف تركيا بنصرتها للهاشمي فقط؟ ونحمل هذا الموقف فوق ما يحتمل، تأكدوا لو أن زعيما شيعيا لجأ غدا إلى تركيا تخلصا من بطش طاغية كالمالكي لما تخلت تركيا عنه ولعاملته بما هو أفضل»، وتساءل: «هل تعتقدون أن نجاح رجب طيب أردوغان وتألقه وسطوع نجمه مرده فقط إلى حكمته وشخصيته ونزاهته وصواب سياساته؟ ربما هناك ما هو أهم وهو شجاعته وأخلاقه الرفيعة وقيمه الفاضلة».

وحول ما يتداول عن مشروع تركي لدعم إقليم سني عربي يكون قريبا أو شبه متحد مع إقليم كردستان، قال الهاشمي، هذه: «أحاديث صالونات فيها الكثير من الترف والقليل من الجدية. لكن الحقيقة ومن دون رتوش هي أن تركيا الأحرص من أي طرف آخر على وحدة العراق»، مستطردا: «أما علاقتنا مع الكرد، فرب ضارة نافعة، لولا قضية استهدافي ووقوف الإخوة الكرد إلى جانبي، كما كنت أتوقع، لأني على الحق وخصمي مع الباطل وشعورهم بالبعد الطائفي الواضح، ما أمكن استعادة الثقة بين الإخوة، ومن المفروض أن نبني في ضوئه مستقبل علاقات أفضل وننهي الخلافات المستحكمة التي تواضعت أمام أخطار حقيقية محدقة».

وأضاف الهاشمي قائلا: «لم يعد سرا أن هناك على الأرض مشروعا طائفيا ينازع المشروع الوطني، مشروعا يتبنى التمييز على أساس الانتماء المذهبي أمام مشروع يتبنى الانتماء على الهوية، خلال السنوات الماضية كسب المشروع الطائفي الذي كرسه المالكي، ولذلك انقسم المجتمع العراقي انقساما حادا بفضل السياسة التمييزية على كل الأصعدة.. بلغ الانقسام الذروة منذ استهدافي، والوضع الداخلي يتفاقم»، مشيرا إلى أن «العرب السنة تعرضوا في العراق إلى ظلم تاريخي، وخصوصا من قيادات وسياسيين تعاطفنا مع مظلوميتهم، لكنهم قايضوا الإحسان بالإساءة، والسماحة بالتعصب، والمعروف بالغدر، محافظاتنا (السنية) لم تعد صالحة للحياة، القتل متواصل، أولادنا إما في السجون أو مطاردون أو عاطلون عن العمل.. أعراضنا منتهكة، مصالحنا وأعمالنا مهددة وعاطلة، كراماتنا مهدورة، انظر ماذا تفعل أجهزة المالكي في أبو غريب والغزالية والعامرية والأعظمية والمشاهدة والطارمية والعبايجي والتاجي وذراع دجلة وجنوب بغداد في المدائن والمحمودية اللطيفية والإسكندرية وجرف الصخر، بل في ديالى والأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك وغيرها».

واعتبر نائب رئيس الجمهورية أن استهدافه محاولة لإبعاده عن العمل السياسي، وقال: «الهاشمي سادس سياسي بارز عربي سني يلاحق بتهم كاذبة من أجل استبعاده من العملية السياسية، بينما الكل يعلم بأسماء وانتماءات من كان يقتل في زمن الفتنة الطائفية ولا يزال، رغم ذلك، هل سمعتم أن قياديا شيعيا واحدا قدم للقضاء رغم توفر الأدلة الدامغة على تورط قيادات معروفة منهم بالإرهاب أو بالفساد؟ هذا لن يحصل، والسبب معروف، بل الأكثر من ذلك؛ إذ تحت غطاء المصالحة الوطنية وألاعيب المالكي السياسية المفضوحة يجري اليوم توفير الحصانة وتمهد لهم المشاركة في الحياة السياسية ولكن لمن؟ لأعتى المجرمين والقتلة حسب اعترافات أجهزة الدولة. يبدو أن هذه السياسة مطلوبة من أجل الدفاع عن المذهب وليس لأي شيء آخر، صحيح هناك استثناءات؛ إذ إن المالكي في الوقت الذي يقرب بعض المحسوبين على السنة بعد أن أصبحوا تبعا لا قيمة سياسية لهم، فإنه أيضا يحارب الشيعة الوطنيين الذين رفضوا التبعية لإيران».

وعلق الهاشمي على الاتهامات التي تقول بأنه على صلة بما يسمى فصيل المقاومة (جامع) وكذلك بالتفجيرات التي ترافقت مع صدور الحكم، قائلا: «الارتباط بالمقاومة الوطنية شرف لكن لا أدعيه، والمقاومة ليست من تنظيمات حركة تجديد (برئاسته) ولسنا فصيلا من تنظيماتهم، ولو كان هذا هو واقع الحال، لما أنكرت بل لافتخرت.. قبل فترة كانوا يروجون لعلاقة لي مع حماس العراق وكتائب ثورة العشرين واعترافات مفبركة لعلاقة مع الجيش الإسلامي، وهذه قصة لا تنتهي مع هؤلاء»، مستطردا: «أما ما يتعلق بالتفجيرات، فماذا تتوقع أن يقول المالكي وأجهزته الفاسدة والعاجزة بل والمتورطة غير ذلك؟ تفجيرات بهذا الكم، بهذه الأعداد والتجهيز والتخطيط، بهذا التوقيت، بهذه القدرة على الاختراق وعبور العشرات من نقاط السيطرة والتفتيش دون مشكلات.. لا تفسير له إلا تفسير واحد هو أن المالكي وأجهزته متورطة مباشرة، أو أنها على أقل تقدير متواطئة مع دولة تعبث بأمن العراق».