المالكي يزور طالباني في السليمانية اليوم.. والتعتيم الإعلامي على عودة الرئيس يثير تساؤلات

قيادي كردي لـ «الشرق الأوسط»: سفر بارزاني إلى الخارج كان بالتنسيق مع رئيس الجمهورية

TT

أثار التعتيم الإعلامي على مراسم عودة الرئيس العراقي جلال طالباني إلى السليمانية مساء أول من أمس، بعد إمضائه لأكثر من ثلاثة أشهر خارج العراق في رحلة علاجية، أكثر من سؤال لدى الأوساط الشعبية كما أثار غضب المراكز الإعلامية التي منعت من تغطية تلك المراسم التي اقتصرت على وسائل الإعلام التابعة لحزب الرئيس «الاتحاد الوطني الكردستاني».

وقال مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحافيين في بيان «إن الشعب العراقي ينتظر منذ عدة أشهر عودة الرئيس طالباني معلقا كل آماله على جهوده الخيرة لإخراج العراق من أزمته السياسية الحالية، ولا يجوز أن تكون نشاطاته ولقاءاته السياسية التي تجري في مقر إقامته بالسليمانية بعيدة عن أعين الصحافة، لأن لهذه النشاطات قيمة إخبارية للصحافة الدولية والمحلية». ودعا المركز قيادات إعلام رئاسة الجمهورية إلى التعاطي بإيجابية مع وسائل الإعلام وإبداء المرونة الكافية لها لتغطية لقاءات الرئيس طالباني وجهوده لحل الأزمة السياسية في العراق.

وبسؤال القيادي البارز في حزب الاتحاد الوطني عدنان المفتي عن أسباب هذا التعتيم الإعلامي أجاب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» المشكلة كانت بروتوكولية، فقد طلب الرئيس طالباني عدم تنظيم أي مراسم احتفالية بعودته إلى أرض الوطن، وقد احترمنا رغبته، ولذلك اقتصرت مراسم الترحيب به على عدد محدود من أعضاء قيادة الاتحاد الوطني، وليس هناك أي تصرف مقصود بهذا الموضوع، فالرئيس استعاد صحته والحمد لله، ويتمتع بلياقة بدنية عالية، وليس هناك أي صحة لتكهنات البعض بوجود مشكلة لدى الرئيس تحرج ظهوره بوسائل الإعلام، بدليل أنه أشرف صباح اليوم (أمس) على اجتماع المكتب السياسي للحزب، ثم مع اللجنة القيادية، واستقبل الكثير من الوفود الزائرة في مقدمتها وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تألف من نيجيرفان بارزاني ومسرور بارزاني وفاضل ميراني وغيرهم من القيادات العليا للحزب، إلى جانب الرد على الكثير من الاتصالات الواردة إليه والتي تهنئه بسلامة الوصول، مشيرا إلى أن الرئيس سيبدأ نشاطاته السياسية اعتبارا من اليوم «وسيبدأها بمشاورة القادة العراقيين الذين سيزورونه تباعا».

وكشف المفتي عن أنه من المتوقع أن يصل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اليوم إلى السليمانية للقاء طالباني، يتبعه رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عمار الحكيم، ثم بقية قادة الكتل السياسية بالعراق ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي. وحول موعد بدء المشاورات السياسية للرئيس مع قادة العراق بشأن الأزمة السياسية واستكمال مبادرته بإطلاق حوار وطني لحل الأزمة، قال المفتي «الرئيس سينشغل خلال الأيام القادمة باستقبال الوفود والمهنئين، ولكن ذلك لا يمنعه من التشاور مع القادة الذين يزورونه على هامش لقاءاته وذلك لترطيب الأجواء والاستعداد للمؤتمر الوطني المنتظر، وبالتأكيد سيسرع الرئيس جهوده بهذا الاتجاه لتهيئة الأرضية المناسبة لإطلاق الحوار بعد عودته إلى بغداد».

وبسؤال المفتي عما إذا كان سفر رئيس الإقليم مسعود بارزاني سيؤثر على جهود الرئيس طالباني باتجاه حلحلة الأزمة السياسية بالعراق، وما إذا كان هناك أي مبرر للزعيم الكردي لسفره في هذا الوقت بالذات، قال: «الرئيس بارزاني تلقى دعوات رسمية من عدد من الأحزاب والدول الأوروبية لحضور مناسباتها، وقد تشاور مع الرئيس طالباني هاتفيا حول تلك الدعوات وأبلغه بضرورة سفره لتلبية تلك الدعوات لأن مواعيدها قد حانت، وهذا يعني أن سفر بارزاني جرى بالتنسيق مع الرئيس طالباني وليس هناك أي مشكلة بهذا الصدد، فالحزبان الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني متفقان على توحيد جهودهما ومواقفهما المشتركة تجاه التعاطي مع الأزمة السياسية الحالية في العراق، وسيعقد بعد أيام قليلة اجتماع مشترك بين المكتبين السياسيين للحزبين لتدارس تطورات الأزمة السياسية والوضع العام في العراق، وقيادة الحزبان مخولتان باتخاذ كل القرارات التي تخدم مصلحة الشعب الكردي، وتشدد على مطالبه الدستورية». إلى ذلك، قال رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي فؤاد معصوم لـ«الشرق الأوسط» إن «لقاءات السليمانية سوف توضح تماما ما الذي يمكن عمله في بغداد والتي سينتقل إليها الرئيس قريبا جدا».

من جهته أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن ورقة الإصلاح التي أعدها التحالف الوطني «باتت جاهزة الآن تماما وأستطيع أن أؤكد أنها تحولت إلى مشروع إصلاح متكامل بعضه يجري تطبيقه على أرض الواقع والبعض الآخر ينتظر موافقة الكتل السياسية لكي يتحول إلى واقع عملي». وأشار الأسدي أن «الأجواء الآن إيجابية أكثر من أي وقت مضى وهو ما يمكن أن يساهم في تطبيق أفكار الإصلاح لأن هذا التطبيق يعتمد على الكتل السياسية الأخرى وليس التحالف الوطني وحده». وحول ما إذا كانت لدى التحاف الوطني حوارات مع باقي الشركاء حاليا قال الأسدي إن «الحوارات لم تنقطع وإن الجميع هم مع فكرة الإصلاح ولكننا بتنا اليوم بحاجة إلى أن نترجم هذه الأفكار إلى واقع عملي».

لكن القيادي الكردي المستقل محمود عثمان شكك في نوايا الكتل السياسية بشأن عملية الإصلاح. وقال عثمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يكن ضروريا لمن يريد العمل الجاد والحقيقي أن ينتظر الرئيس جلال طالباني ثلاثة أشهر لكي يعمل على حل الأزمة» مؤكدا أن «طالباني ومثلما قلنا أكثر من مرة لا يملك عصا سحرية وبالتالي فإن انتظار عودته يمكن أن تكون مجرد حجة ودليل عدم جدية من قبل الكتل لإيجاد حل حقيقي للأزمة». وأشار عثمان ساخرا أن «ما نخشاه الآن هو أن يقولوا لننتظر بارزاني (مسعود رئيس إقليم كردستان) حيث إنه سافر أيضا». وأوضح عثمان أن «من الواضح لا توجد جدية وتصميم حقيقي لحل الأزمة لأن حلها يعتمد على الكتل لا على طالباني حيث يعتمد الحل المطلوب والمعقول على ما يمكن أن يقدمه الجميع من تنازلات».