الإبراهيمي يزور مخيمات اللاجئين.. ويصف الوضع في سوريا بالاتجاه نحو «التدهور»

موسكو تعلن دعمها لمهمته وتدعو إلى العودة لمجلس الأمن الدولي

المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أثناء زيارته لمخيم للاجئين بمنطقة هاتاي التركية أمس (إ.ب.أ)
TT

وصف المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، خلال تفقده أمس الثلاثاء، أوضاع اللاجئين السوريين في مخيم (الزعتري) بمحافظة المفرق الأردنية (شمال شرق)، الوضع في سوريا بأنه صعب ومتأزم للغاية. وقال إن الوضع في سوريا «للأسف الشديد ليس في طريقه إلى التحسن، بل إلى مزيد من التدهور».

وقالت مصادر مطلعة إن زيارة الإبراهيمي للمخيم «لم تستمر بسبب احتجاجات اللاجئين» في المخيم، الذي يضم نحو 32 ألف لاجئ سوري.

وأضافت أن اللاجئين «اتهموا» الإبراهيمي بـ«إعطاء النظام السوري فرصة لاستمرار مسلسل نزف الدماء، بقبوله مهمة مبعوث إلى سوريا».

وأشارت إلى أنهم طالبوا الإبراهيمي بتقديم «مبادرة فورية تكفل رحيل» الرئيس السوري بشار الأسد، منتقدين لقاء الإبراهيمي معه.

إلا أن مصادر أخرى أبلغت «الشرق الأوسط» بأن الإبراهيمي تفقد أحوال وأوضاع اللاجئين السوريين في المخيم، واطلع خلال جولة رافقه فيها القائمون على المخيم وممثلو المنظمات والهيئات الدولية والمحلية التي تعنى بشؤون المخيم, على مرافق المخيم ونوعية الخدمات المقدمة للاجئين السوريين.

وأضافت المصادر أن الإبراهيمي التقى عددا من اللاجئين السوريين وتبادل معهم الحديث حول وضع المخيم، بالإضافة إلى الاستفسار عن نوعية الخدمات المقدمة لهم ومدى رضاهم عنها.

وأكد الإبراهيمي ضرورة إيجاد مخرج آمن وسياسي للأزمة السورية بما يضمن حقن الدماء التي تشهدها سوريا يوميا في معظم أراضيها.

وقال الإبراهيمي: «لا بد أن تنتهي الأزمة السورية بإيجاد حل سياسي لها ليتسنى للاجئين السوريين في شتى مواقعهم العودة إلى أراضيهم وإنهاء معاناتهم».

وأشارت المصادر إلى أن نحو 200 من الشباب السوري في داخل المخيم احتشدوا أمام مكتب إدارة المفوضية وطالبوا برحيل الأسد، وعبروا عن استنكارهم لمقابلة الإبراهيمي للرئيس الأسد»، موضحة أن مجموعة من هؤلاء الشباب رشقوا سيارة الإبراهيمي وهي تغادر المخيم بالحجارة حيث لم يصب بأي أذى.

من جانب آخر قالت مصادر إن الإبراهيمي التقى معارضين عسكريين في مخيم الخالدية القريب من مدينة المفرق، وهو مخيم أعدته السلطات الأردنية للعسكريين فقط ويضم نحو ألفين من مختلف الرتب العسكرية، ولم يشرح أي معلومات عن طبيعة اللقاء.

وأشارت المصادر إلى أن الإبراهيمي قد التقى أيضا معارضين سياسيين انشقوا عن النظام في عمان، واستمع إلى وجهات نظرهم حيال الأزمة السورية، موضحة أن الإبراهيمي يحبذ أن تكون لقاءاته ذات طابع سري في محاولة لإنجاح مهمته الصعبة.

وتعد زيارة الإبراهيمي للمخيم القريب من الحدود مع سوريا، هي الأولى له، بعد أن قام الأحد الماضي بأول زيارة له إلى سوريا، منذ تسلمه مهامه في الأول من سبتمبر (أيلول) الجاري.

كما التقى المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أمس عددا من اللاجئين السوريين، خلال زيارة قصيرة قام بها إلى تركيا، حيث التقى في منطقة «آلطن أوزو» التابعة لمحافظة هاتاي، الواقعة في جنوب تركيا، نازحين سوريين للمرة الأولى منذ بدء مهمته في الأول من سبتمبر الجاري. وأعلن المتحدث باسم الخارجية التركية سلجوق أونال أن «الإبراهيمي اطلع على أوضاع مخيمات ولاية هاتاي، جنوب تركيا، والتقى المسؤولين المحليين قبيل مغادرته البلاد، في وقت أكد فيه أن رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب زار تركيا قبل أسبوعين، وعقد لقاء مع داود أوغلو، ضمن سياسة الانفتاح التركية لأنقرة على جميع الأطراف فيما يخص الملف السوري».

وذكرت وكالة الأناضول التركية أن الإبراهيمي توجه، عقب زيارة المخيم، إلى مطار هاتاي، برفقة نائب المحافظ أورهان ماردينلي، من دون أن يدلي بأي تصريح لا في المخيم ولا في المطار، مكتفيا بالاعتذار إلى الصحافيين الذين وجهوا إليه أسئلة. ونقلت عن لاجئين سوريين التقاهم الإبراهيمي قوله لهم: «أنا هنا للاستماع إليكم. سأحاول أن ألتقي بأكبر عدد ممكن من أجل حل هذه المشكلة بطريقة إيجابية، وسأنقل مشاهداتي هنا إلى الأمم المتحدة في نيويورك».

ويؤوي المخيم الواقع في محافظة هاتاي نحو 1300 سوري فروا من أحداث العنف التي تشهدها بلادهم. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن «عددا من اللاجئين استقبلوا الإبراهيمي مرددين (حرروا سوريا) و(سنقاتل حتى الموت)»، مشيرة إلى أنه اطلع من «المسؤولين الأتراك المحليين على ظروف معيشة اللاجئين واحتياجاتهم، بينما تطالب تركيا بدعم الأسرة الدولية لتتمكن من استضافة السوريين».

في موازاة ذلك، أشار العميد المنشق عن الجيش السوري مصطفى الشيخ، المقيم في تركيا، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أي لقاء لم يحصل بين عسكريين منشقين والإبراهيمي خلال زيارته أمس إلى تركيا»، نافيا أن يكون تم التواصل معهم لعقد لقاء قريب، في وقت أمل فيه عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري سمير نشار لـ«الشرق الأوسط» أن يحصل لقاء قريب مع الإبراهيمي، لافتا إلى أن وفدا من المجلس الوطني وصل إلى القاهرة في اليوم الذي غادر فيه إلى دمشق ولم يتمكن من لقائه.

ويبدو المجلس الوطني متشائما من إمكانية أن يتوصل الإبراهيمي إلى مخرج للأزمة السورية المستمرة منذ منتصف شهر مارس (آذار) 2011. ويقول نشار في هذا السياق إن «ما يحصل في سوريا اليوم سببه الرئيسي استمرار (الرئيس السوري) بشار الأسد في الحكم»، مشيرا إلى أن «ارتكاب المجازر وسياسة التهجير والتدمير وقصف المدن بالطائرات والمدفعية كله ناتج عن قرار شخصي من الأسد». وأكد أن «المجلس الوطني لم يعد يعول على أي مبادرة، خصوصا بعد تجربتنا السابقة مع كوفي أنان، إذ بعد ثلاثة أشهر من قبولنا بمبادرته وتعويلنا على إيجادها مخرجا سياسيا كانت النتيجة ارتفاع عدد الشهداء مع لجوء النظام السوري إلى استخدام الطائرات لقصف المدن السورية».

وكان الناطق باسم وزارة الخارجية التركية، سلجوق أونال، قد أعلن أمس أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا تجاوز 83 ألفا. وأشار، خلال مؤتمر صحافي عقده في أنقرة، إلى أن «الإبراهيمي التقى وزير الخارجية داود أوغلو في نيويورك، لتأتي زيارة الإبراهيمي إلى أنقرة تلبية لدعوة وجهها له داود أوغلو».

ودعا أونال سوريا إلى أن «توقف أعمال العنف ضد مدنييها قبل كل شيء»، مشيرا إلى أن «الحكومة التركية ستتخذ قرارها بخصوص الرد على الخطابات الجديدة، واضعة في اعتبارها التطورات في سوريا، وربما ترى أنه ليس من الضروري تقديم أي رد عليها»، في إشارة إلى الاتهامات السورية لتركيا أمام الأمم المتحدة. وشدد على أن «تركيا وفرت المعلومات اللازمة، بخصوص الاتهامات الواردة في الوقت المناسب»، مضيفا أن «سوريا ليست في موقف يتيح لها توجيه الاتهامات لتركيا ولغيرها من الدول».

وفي غضون ذلك ولدى لقائه مع السفراء العرب المعتمدين في موسكو أكد سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية دعم بلاده لمهمة المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي في سوريا، وقال لافروف بتأييد روسيا لضرورة اعتماد الجهود السلمية والحوار الوطني والوفاق الشعبي سبيلا لحل كل المشاكل دون أي تدخل خارجي. وقالت مصادر الخارجية الروسية إن لافروف في معرض حديثه عن الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى ضوء التغييرات العميقة التي تعيشها بلدان المنطقة، أكد «ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لصالح الوقف العاجل للعنف في سوريا وتهيئة الظروف لإطلاق عملية تسوية الأزمة على أساس تنفيذ قراري مجلس الأمن الدولي رقم 2042 و2043 وبيان جنيف الذي صاغته مجموعة العمل». وكشف الوزير الروسي عن «عزم بلاده والدول العربية تقديم كل أشكال الدعم المطلوب لإنجاح مهمة الإبراهيمي». وقد تطرق اللقاء كذلك إلى عدد من القضايا الدولية والإقليمية، ومنها قضية الشرق الأوسط وملف البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب الأوضاع في اليمن والسودان وتسوية نزاع الصحراء الغربية والمسائل المتعلقة بالدعوة إلى عقد المؤتمر الخاص بتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في وقت لاحق من هذا العام. إلى ذلك قالت مايا كوسيانتيش المتحدثة باسم كاثرين آشتون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيشارك مساء الأحد على عشاء عمل يجمعه مع نظرائه الأوروبيين قبل اجتماعهم المقبل في لوكسمبورغ في منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، وأوضحت أن «الهدف هو إجراء حوار سياسي شامل».

وكانت مصادر بروكسل قالت إن الأمر يتعلق تحديدا بإجراء «مباحثات جدية» حول الوضع في سوريا الذي سيكون أحد الملفات البارزة على جدول أعمال اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين.