رفاعي طه لـ «الشرق الأوسط»: راضون عن مرسي وأدعوه لقطع العلاقة مع أميركا

مسؤول الجماعة الإسلامية المصرية في الخارج: لا مبرر لعمل تنظيم «القاعدة» في بلاد الربيع العربي المحكومة بإسلاميين

TT

بعد سنوات من المطاردات والخلافات والسجن، عاد رفاعي طه، مسؤول الجماعة الإسلامية في الخارج، المتهم في عدة قضايا مرتبطة بالتخطيط لاغتيال رؤساء ومسؤولين، إلى مسقط رأسه في الصعيد بجنوب مصر. وارتفع عدد قيادات الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد الذين خرجوا من السجون بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، وانتخاب محمد مرسي رئيسا لمصر. لكن طه قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إنه لم يحصل على حريته بسبب قرار بالعفو الرئاسي، وإنما بسبب حكم من المحكمة التي برأته من التهم التي كانت موجهة إليه.

وتحدث طه عن السنوات التي اتسمت بالعنف في مصر خلال فترة الثمانينات والتسعينات، وقال: إن الجماعة الإسلامية حاولت اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك في مواقع كثيرة منها أديس أبابا عام 1995، مشيرا إلى أن عمليات الخارج كان المسؤول عنها قيادات الجماعة الإسلامية في الخارج، بينما كانت عمليات الداخل، ومنها محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق زكي بدر، من مسؤولية قيادات الجماعة في السجون (بمصر) آنذاك.

ويعتبر طه أحد أربعة من قيادات الجماعة الإسلامية الذين كانوا محبوسين على ذمة قضية «العائدون من ألبانيا»، إلى أن قضت محكمة جنايات بني سويف الأسبوع الماضي، ببراءتهم. ويعتبر طه، الذي سبق وحكم عليه بالإعدام أيضا، أحد أبرز مؤسسي تنظيم الجماعة الإسلامية، ورئيس مجلس شورى الجماعة في الخارج. ومنذ قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات سنة 1981. وحبسه في مدينة الأقصر بالصعيد، وهروبه عام 1987 إلى خارج البلاد، عاش طه مطاردا ومتنقلا بين عدة بلدان منها أفغانستان (أيام الجهاد ضد السوفيات)، والسودان وإيران، وغيرها.

وألقت السلطات المصرية القبض على طه حين كان في مطار دمشق عابرا أثناء رحلة بين السودان وأفغانستان عام 2001. ومنذ ذلك الوقت لم يخرج إلى النور إلا مطلع هذا الشهر.

وتحدث طه عن العلاقة مع تنظيم القاعدة، وقال: إنها لم تكن في شكل أطر تنظيمية مشتركة، مضيفا أنه كانت له تحفظات كثيرة على مبادرة المراجعات التي قامت بها قيادات الجماعة الإسلامية داخل السجون المصرية أواخر التسعينات. وتحدث عن فرص عمل تنظيم القاعدة بعد ثورات الربيع العربي، وأشار إلى أنه لم يعد هناك مبرر للقيام بعمليات في الدول التي أصبح يحكمها إسلاميون، مثل مصر وتونس.

وأثنى طه على أداء الرئيس مرسي، وقال: إنه يراه مبشرا للحركة الإسلامية، رغم ضغوط العلمانيين الذين «لا يريدون له النجاح». وفيما يلي نص الحوار.

* كيف تنظر لأزمة الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم، وما تبعه من هجوم على سفارة أميركا بالقاهرة؟

- هذا العمل (الفيلم) إجرامي. وأرى أن حكام الربيع العربي يجب أن يختلف موقفهم بعيدا عن الشجب والإدانة كما كان يحدث. فأنا أرى أن مصر بقيادة الرئيس محمد مرسي يجب أن تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع أميركا وطرد السفيرة الأميركية ولو لفترة من الزمن، وهذا الإجراء الوحيد الذي يمكن أن يهدئ الشعب المصري، فلو خرج موقف قوي في بيان المتحدث الرسمي للرئاسة لامتص هذه الغضبة.

* كيف خرجت من السجن؟

- خرجت كإخلاء سبيل على ذمة القضية التي كنت متهما فيها، ولم يكن للرئيس مرسي أي تدخل فيها، ولكن كنا نود من الساعات الأولى للثورة أن يتم الإفراج عنا. يكفي أنه تمت إعادة المحاكمة في القضية مرة أخرى وحصلت على البراءة مثلما حدث مع قيادات أخرى. وأرى أنه في وقت الثورات يجب أن يفرج عن كل من في السجون. وأطالب بأن يخرج كل من في السجون (من الإسلاميين) ونحن لسنا في مجال طلب العفو من أحد.

* ما هي التهم التي وجهت إليك؟

- تم اتهامي في قضية «العائدون من أفغانستان»، ولكن جرت محاكمتي على تهمة الانتماء إلى جماعة أسست على خلاف القانون وأقصى عقوبة فيها السجن 5 سنوات، ولكن الحكم صدر ضدي بالإعدام.

* البعض يقول إنك كنت مسؤولا عن قيادة الجماعة الإسلامية في الخارج وقت محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك في أديس أبابا؟

- الجماعة الإسلامية حاولت اغتيال مبارك في مواقع كثيرة منها أديس أبابا. كان الترتيب لهذه العملية يأتي من (قيادات إسلامية) في الخارج، أما العمليات الأخرى كمحاولة اغتيال زكي بدر، وزير الداخلية آنذاك، فكانت من قيادات الجماعة في السجون (داخل مصر).

* ما حقيقة توقيعك على الانضمام للجبهة العالمية المعروفة باسم «قتال اليهود والصليبيين» التي أسسها بن لادن كنواة لتنظيم القاعدة في ذلك الوقت؟

- حقيقة ما حدث أننا لم نوقع على هذا البيان. كنا نشرنا في موقع الجماعة الإسلامية وقتها، والذي كان يسمى «المرابطون»، وقلنا إننا لم ننضم لهذه الجبهة حتى ننسحب منها ولم نكن أعضاء فيها، وإذا دعينا للانضمام إليها سندرس الأمر، وبالنسبة للولايات المتحدة فإننا نعاديها ولا نعتبرها صديقا للعرب أو المسلمين. وما حدث كان مجرد اجتهاد خاطئ من أسامة بن لادن وأبو حفص المصري أحد قيادات «القاعدة» الذين تم اغتيالهم، حيث رأوا أن وضع اسم الجماعة الإسلامية ورفاعي طه قد يشكل دعما لهم.

* يتردد أنه كانت هناك علاقة بينكم وبين تنظيم القاعدة؟

- نعم كانت هناك علاقة مع تنظيم القاعدة والجماعة الإسلامية ولكنها لم تكن في شكل أطر تنظيمية مشتركة، وهي كانت مثل علاقة أي حزبين ببعض. كان هناك تبادل منافع. وكما قلت فإن الجماعة الإسلامية في الخارج لم تكن مسؤولة عن المواجهة مع السلطات في داخل مصر.

* يتردد أحيانا من بعض قيادات الداخل ممن كانوا وقتها في السجون أن تنظيم الجماعة بالخارج هو من كان يدير العمليات ضد الدولة؟

- هذا عكس الحقيقة، فالقيادات التي كانت داخل السجون كانت هي التي تقف خلف هذه المواجهة ولكنهم تبرأوا منها بعد ذلك.

* كيف تنظر اليوم للمراجعات التي قامت بها الجماعة الإسلامية في نهاية التسعينات؟

- كانت لي تحفظات كثيرة على مبادرة المراجعات وأعلنتها صراحة وقتها وأثناء تحقيقات أمن الدولة معي، فقد كان هدفها القضاء على أعضاء الجماعة الإسلامية، فما فشل فيه النظام من سياسة البطش والعدوان والقهر والظلم على النساء والأطفال وأعضاء الجماعة، أرادوا أن يحصلوا عليه بسياسة ابتزاز السجناء (الإسلاميين) الذين لا يملكون لأنفسهم شيئا وقد نجحوا في ذلك للأسف. لقد تبنيت فكرة عدم الموافقة على المبادرة حتى تحصل الجماعة الإسلامية على شروط تليق بنضالها ومواقفها من النظام السابق، وكان من أهمها أن يسمح للجماعة الإسلامية بالعمل الدعوي والسياسي، بجانب الإفراج عن كل السجناء من أعضاء وقيادات الجماعة الإسلامية سواء صدرت ضدهم أحكام قضائية أو ما زالوا معتقلين. كما طلبت أيضا أن يتم تعويض كل أعضاء الجماعة داخل السجون وتعويض أسرهم عن الأذى والتشريد. كنت أريد أن تكون هناك مبادرة من طرفين وليس من طرف واحد. لكن بعض القادة التاريخيين للجماعة داخل السجون والذين كانوا مغيبين عن الواقع الذي يحدث، لم يكونوا يرون المشهد من الخارج. رأوا أن يردوا على ضربات النظام بضربات مماثلة، وكانوا يعتبرون أن الرد المسلح على النظام سيجعله يتراجع، ولكننا في الخارج كنا نرى أن نصبر على النظام حتى نحقق مشروعنا بالكامل وهو إقامة الدولة الإسلامية أو مشروع الدولة الوطنية الذي يحقق اختيار الشعب لقادته وننتهي من نظام الحكم الفردي.

* لكن قيادات الجماعة الإسلامية التاريخيين برروا مبادرة وقف العنف بأنها كانت حقنا لدماء المصريين وحماية أبناء الجماعة، وإخراج معظم من كانوا في السجون؟

- لم ينجحوا في ذلك.. لأن النظام خدعهم ولم يخرج أحد من السجون وقت المبادرة، وظل يعتقل الناس لفترة ست سنوات بعد المبادرة، والذين كان عليهم أحكام بعد انتهاء فترة العقوبة ظلوا سنوات داخل السجون.

* يقال: إن ثورات الربيع العربي تؤثر بالسلب على تنظيم القاعدة؟

- بالعكس الثورات العربية تعطي له فرصة أفضل للحركة، ولكن لم يعد له مبرر للوجود في أماكن كثيرة، فمثلا في مصر قامت الثورة وأطاحت بالنظام وجاءت برئيس منتم للتيار الإسلامي، فلماذا يقوم بعمليات في مصر وأيضا في تونس.

* هل ترى أن فوز مرسي يسهم في تحقيق ما تطالب به الجماعة الإسلامية؟

- لم لا ينجح المشروع الإسلامي وتقام دولة إسلامية في مصر؟ فالشعب المصري يختار الإسلاميين. الشعب إذا أراد شيئا وكان إيجابيا ونجحت الحركة الإسلامية في أن تخوض غمار المنافسة ستقام دولة إسلامية، وإذا لم تنجح الحركة الإسلامية في حل مشاكل الشارع المصري فلن تقوم الدولة الإسلامية.

* ما تعليقك على إعلان بعض قيادات الجماعة الإسلامية ندمها على قتل السادات؟

- هذا رأيهم، ربما يكون قتل السادات جاء بأسوأ منه وهو حسني مبارك، وربما عهد السادات شهد جزءا من الحريات للإسلاميين، لكن السادات نفسه كان جبارا طاغية، وسمح لكل التيارات بالعمل السياسي، إلا التيار الإسلامي.

* تعددت الروايات حول خطة اغتيال السادات، حيث قيل إن مبارك كان له يد في هذه العملية، وقيل إنه كان هناك تخطيط من أجهزة المخابرات العالمية مثل أميركا وقيل أيضا إيران. كيف ترى هذا الأمر؟

- هذا غير صحيح، الجماعة الإسلامية هي التي قامت بقتل السادات، وأنا كنت مسؤولا في الجماعة الإسلامية وضمن من وضع مخطط اغتيال السادات. ومن وضع الخطة مجموعة من الشباب بجانب عناصر من جماعة الجهاد تحت اسم الجماعة الإسلامية ولم يكن هناك أي تدخل من أي جهة.

* كيف تقول إن الجماعة لم تبادر يوما بالعنف وهي بدأت نشاطها باغتيال الرئيس السادات؟

- هذا غير صحيح، والجماعة الإسلامية لم تكن معزولة عن الشعب المصري، بالعكس، الشعب المصري كان يحب الجماعة الإسلامية في كل وقت وبكل ترحاب، بدليل أن أهالي أرمنت، وهي المنطقة التي أنتمي إليها في الأقصر (جنوب مصر)، تعرض المئات منهم للتعذيب على أيدي السلطات من أجل الإرشاد عني والقبض علي وقت هروبي بعد حادث اغتيال السادات بشهر واحد، ورغم كل هذا البطش الذي لحق بأهل أرمنت لكنهم كانوا في استقبالي وقت الإفراج عني، منذ أيام.

* كيف ترى أداء الدكتور مرسي حتى الآن؟

- أراه جيدا وموفقا حتى الآن، ومبشرا للحركة الإسلامية، ولكن الضغوط عليه كثيرة، لأن العلمانيين سواء اليساريين أو الليبراليين لا يريدون له النجاح.

* هل ترى أن جماعة الإخوان تسعى «لأخونة» أجهزة الدولة كما يردد البعض في الفترة الأخيرة؟

- العلمانيون يريدون أن يصنعوا من «الإخوان» فزاعة أخرى كما فعلها حسني مبارك، وأرى أن «الإخوان» من حقهم أن يحكموا مصر إذا حصلوا على الأغلبية وليس من حق أي فصيل آخر سواء كان إسلاميا أو علمانيا حتى من تيار الجماعة الإسلامية أن يقول إن «الإخوان» سيطروا أو هيمنوا. هذا في رأيي ليس صحيحا. «الإخوان» حصلوا على الأغلبية وبالتالي من حقهم أن يحكموا البلد، وإن لم ينجحوا فالشعب سيختار بديلا لهم، والجماعة الإسلامية لم تتحالف مع محمد مرسي ولكنها دعمته.

* لكن هناك من يقول إن الإفراج الرئاسي عن قيادات من الجماعة الإسلامية والجهاد كان مقابل دعم مرسي في الانتخابات؟

- لم يكن هذا مقابل دعم مرسي في الانتخابات. حتى لو لم يفرج عنهم كنا سندعمه، كما أنه لم يتدخل للإفراج عني مثلا.

* هل قررت أن تشارك في عمل الجماعة الإسلامية وحزبها سياسيا في الفترة المقبلة؟

- هذا أمر سيحدده قادة الجماعة الإسلامية.

* قيادات في الجماعة الإسلامية اعترضت على زيارة مرسي الأخيرة لإيران. كيف ترى هذا الأمر؟

- أرى أنه يجب أن تكون مصر منفتحة على العالم وبتوازن معين حتى تكون مؤثرة في محيطها الإقليمي وبالتالي يزور إيران وأميركا وتركيا وغيرها.

* هل دعمت إيران الجماعة الإسلامية؟

- كنت موجودا في إيران، فهي استضافت قيادات الجماعة فترة من الزمان بعد فشل حادث اغتيال مبارك في أديس أبابا، وقالوا لنا أنتم سنة ونحن شيعة، ونريد أن يكون بيننا مشاريع مشتركة ورفضنا ذلك. وقلنا لهم نحن مضطهدون ومطرودون فكيف تقام مشاريع بين جماعة صغيرة ودولة، وبالتالي هذا لا يليق بهذه المرحلة. رحبوا بنا على الأرض في إيران.

* وما قراءتك لحادث رفح الحدودي ضد ضباط الجيش المصري خاصة بعد اتهام إسلاميين بارتكابه؟

- أنا لا أرى أن من قام بهذا الحادث إسلاميون، وأيا كان من قام به فهو «آثم» يجب محاسبته بشدة، وأتصور أن الإسلاميين سواء من الجماعة الإسلامية أو الجهاد لن توجه رصاصاتهم ضد الجيش المصري مطلقا.