واشنطن تحاول طمأنة بكين حول استراتيجيتها العسكرية في آسيا

بانيتا يتباحث مع الزعيم المقبل للصين ويبدي حرصا على الهدوء في المنطقة

بانيتا يتلقى هدية، هي عبارة عن صحن يسجل زيارته إلى الصين، من قبل وزير الدفاع الوطني الصيني ليانغ غوانغ لي، بعد عشاء رسمي في بكين الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)
TT

حاول وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، خلال زيارته الحالية إلى الصين، طمأنة بكين حول الاستراتيجية العسكرية الأميركية في المنطقة، وأبدى حرص بلاده على الهدوء في المنطقة. وأجرى بانيتا مباحثات مع تشي جين بينغ، الذي يتوقع أن يتولى الشهر المقبل رئاسة الصين، وتلقى منه تأكيدات على رغبة بكين في تعزيز العلاقات.

وجاءت زيارة بانيتا على مدى ثلاثة أيام إلى الصين في وقت حساس بالنسبة للأخيرة التي تخوض نزاعا متصاعدا مع اليابان حليفة الولايات المتحدة على ملكية مجموعة من الجزر الصغيرة في بحر الصين الشرقي. كما جاءت عشية مظاهرات حاشدة نظمها الصينيون ضد اليابان، وتمت خلالها محاصرة السفير الأميركي داخل سيارته في بكين من قبل العشرات، مما تسبب في ضرر صغير للسيارة. ونقلت صحيفة «التلغراف» البريطانية التي أوردت الحادثة عن بيان للسفارة الأميركية أن «المسؤولين في السفارة سجلوا قلقهم إزاء الحادثة مع وزارة الشؤون الخارجية الصينية، وحثوا الحكومة الصينية على فعل كل ما يلزم لحماية المصالح والطواقم الأميركية».

ويرى منتقدون في الصين أن إقدام الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة على تعديل استراتيجيتها العسكرية وجعلها تركز على آسيا، شجع بعض الدول ومنها اليابان على أن تكون أجرأ لدى تعاملها مع بكين. لكن وزير الدفاع الأميركي حرص خلال تصريحات له في أكاديمية عسكرية صينية على إقناع بكين بأن التغيير الذي طرأ في التوجه الاستراتيجي لا يستهدف الصين التي عبر جيرانها عن قلقهم من توسيع نطاق قدراتها العسكرية. وقال بانيتا خلال لقاء أمس مع مجموعة من ضباط جيش التحرير الشعبي في بكين، إن الاستراتيجية الأميركية العسكرية الجديدة التي تجعل من آسيا أولويتها لا تستهدف عرقلة تطور الصين، بل ترمي إلى «توسيع دورها». وقال بانيتا إن «سياستنا لإعادة التوازن في منطقة آسيا - المحيط الهادي لا تعد محاولة لاحتواء الصين. إنها محاولة لتعميق العلاقات مع الصين وتوسيع دورها في المحيط الهادي». وأضاف الوزير الأميركي في كلمة ألقاها في الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الصينية «إنها محاولة لصياغة نموذج جديد في العلاقة بين قوتين عظميين في المحيط الهادي».

وتهدف تصريحات وزير الدفاع الأميركي إلى طمأنة بكين في إطار من التوترات الحادة بين الصين واليابان، بسبب أرخبيل صغير في جنوب بحر الصين تتنازعان السيادة عليه. لكن رغم التحسن الرسمي البادي بين الصين والولايات المتحدة، فإن زيارة بانيتا تندرج في إطار من الارتياب الصيني - الأميركي المتزايد في عدد من المجالات. ففي يونيو (حزيران) الماضي، أعلن وزير الدفاع الأميركي أن البحرية الأميركية ستعيد نشر قواتها الموجودة الآن بنسبة 50 في المائة - 50 في المائة في المحيط الهادي والمحيط الأطلسي، بحيث تصبح 60 في المائة في المحيط الهادي و40 في المائة في المحيط الأطلسي. وقد صدر هذا الإعلان فيما تزايدت الهواجس في منطقة آسيا - المحيط الهادي حول الطموحات المتنامية للصين التي تزيد من نفقاتها العسكرية وتؤكد صراحة سيادتها البحرية.

وشدد وزير الدفاع الأميركي على الدور الذي يتعين أن تضطلع به الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم، للتخفيف من حدة التوترات الإقليمية. وقال ليون بانيتا «نريد أن نطمئن إلى أن أي خلاف لن يتطور ويتحول إلى توترات غير مرغوب فيها، وبالتالي إلى نزاع».

وأخذت الصحافة الرسمية الصينية في الأسابيع الأخيرة على واشنطن «انحيازها» في مناطق غرب المحيط الهادي، حيث تتسبب بعض خلافات حدودية لم تحل في احتكاكات متوترة بين الصين وجيرانها. وقد وجهت إلى إدارة أوباما تهمة محاولة تقوية تحالف بلدان رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) حتى تشكل جبهة مشتركة أقوى لمواجهة الصين التي تطالب بمزيد من السيادة على جنوب بحر الصين.

وفي ما يتعلق بالأرخبيل الصغير في شمال بحر الصين الذي تسميه اليابان سنكاكو والصين دياويو، أبلغ ليون بانيتا طوكيو بـ«قلقه»، ودعا إلى حل دبلوماسي لهذا النزاع الحدودي. وحذر من أن هذه القضية قد تؤدي إلى نزاع يقحم فيه جيش التحرير الشعبي الذي يعد الأكبر في العالم من حيث العدد، فيما ترتبط طوكيو وواشنطن بمعاهدة تحالف تضم نظريا هذه الجزر المتنازع عليها والتي تشرف عليها اليابان.

وتأتي زيارة بانيتا إلى الصين بعد اثني عشر يوما من زيارة إلى بكين لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي قامت برحلة طويلة (10 أيام) في آسيا والمحيط الهادي، اعتبرت ردا على نفوذ بكين في المنطقة.