باسم «إزالة التجاوزات».. جرافات «أمانة بغداد» تهاجم شارع المتنبي وتقتلع أشجار «أبو نؤاس»

مثقفون عراقيون لـ «الشرق الأوسط» : الحملة ظلامية وتشبه ممارسات هولاكو

TT

وصفت مجموعة من المثقفين والأكاديميين العراقيين هجوم أمانة بغداد على أكشاك ومحلات شارع المتنبي الخاص ببيع الكتب بجانب الرصافة من بغداد، أول من أمس، وتهديمها بـ«بمجزرة الكتب وهولاكو العصر، والغزو الظلامي وحملة المغول العصرية، وهمجية النظام الجديد»، إلى جانب صفات كثيرة، تنادى للوقوف ضدها مثقفون وإعلاميون وأكاديميون عراقيون، هذه الأيام لأجل إيقاف حملة حكومية بدت سريعة ومتتالية نالت مؤخرا من مظاهر تراثية وثقافية بغدادية عريقة، بدأت بحملة إغلاق النوادي الثقافية والاجتماعية، وامتدت لتقتلع أشجارا عمرها مئات الأعوام من شارع أبو نؤاس، وآخرها كان الاعتداء السافر على شارع المتنبي، أعرق شارع للكتاب في العاصمة العراقية بغداد، عبر تدمير بسطيات الكتب فيه وإزالتها بحجة التجاوز وتطبيق القانون.

وكانت جرافات أمانة العاصمة بغداد قد دمرت عصر يوم أول من أمس، بأسلوب وصفه أصحاب المكتبات في ذلك الشارع الذي يمتد تاريخه للعصر العباسي وتعرض للتفجير قبل أن يعيد بناؤه برهم صالح عندما كان نائبا لرئيس الحكومة العراقية، بالهمجي وغير الحضاري، باستخدام الجرافات التي حطمت مناضد الكتب وداست فوقها ودمرت أكشاك العمال الكسبة من دون سابق إنذار لتحملها بعد ذلك إلى مكبات بعيدة للنفايات.

وقال ياسر علاء وهو صاحب مكتبة عدنان وسط شارع المتنبي لـ«الشرق الأوسط»، «فوجئنا بدخول جرافات كبيرة برفقة عدد من موظفي الأمانة وهم يقومون بإزالة أكشاك بيع الكتب والبسطيات وستائر الظل ولافتات المحال التجارية بطريقة همجية ودون سابق إنذار». أما البائع حميد، أحد متضرري الحملة في الشارع، فقال إن «الحملة شملت حتى الأكشاك التي أجيزت من قبل الأمانة، وحتى بائع الشاي الذي لا يملك مصدر قوت لعائلته سوى بسطيته تلك والتي مضى على عمله فيها أكثر من خمسة أعوام، ولم يبلغ مسبقا بإزالة تجاوزه»، مشيرا إلى أن «منظر شارع المتنبي اليوم بدا موحشا وكئيبا وقد علته أكداس الفوضى وبقايا أنقاض الكتب والسقائف، في حملة طالت أكثر من 60 موقعا متنقلا لبيع الكتب في الشارع».

وعن تداعيات الحملة، يقول الكاتب الصحافي سرمد الطائي لـ«الشرق الأوسط»، إن «حملة الحكومة منظمة ومقصودة نخشى منها استهداف القوى الليبرالية في الوطن والمنادين بدولة حديثة تحترم الحريات والثقافة وتقاليد التمدن المعاصر».

بدوره استنكر المكتبي ستار محسن، أحد باعة السوق، من الهجمة غير المتوقعة من قبل جرافات أمانة بغداد، وقال «بغداد تعج بالنفايات التي لا تثير موظفي أمانة بغداد، لكن يبدو أن منظر الكتب ودوران المثقفين حولها وإحيائهم النشاطات الثقافية هو ما يثير الأمانة».

من جهته، قال الصحافي أحمد عبد الحسين في معرض تعليقه على الحادث «اليوم هدموا بسطات (مناضد) الكتب في شارع المتنبي، وغدا سيفتشون الكتب ويمنعون بعضها بحجة منافاتها للعقيدة، لم يعد شعار بغداد لن تكون قندهار صحيحا.. بغداد أسوأ من قندهار». بدوره أكد رئيس اتحاد الأدباء فاضل ثامر أن «من قام بهذا العمل يجهل أهمية الثقافة وأهمية شارع المتنبي، وما يعنيه للمثقف العراقي» مبينا أننا «نستنكر هذا العمل الذي يذكرنا بما فعله هولاكو عندما صبغ نهر دجلة باللون الأزرق، حين أتلف آلاف الكتب ورماها في النهر».

وعن تلك الحملة قال حكيم عبد الزهرة مدير العلاقات والإعلام، والناطق باسم أمانة بغداد لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوانين الأمانة يجب تطبيقها على الجميع، حتى لو كان شارعا للكتب، وقد سمحنا لبسطيات الكتب فقط بافتراش الشارع في يوم الجمعة فقط، لكن الملاحظ أن باعة الكتب وأصحاب عربات الطعام والمشروبات صاروا يزاحمون المارة في الشارع علاوة على تكدس النفايات المتراكمة من أعمالهم تلك».