استقبال هنية في مصر يشعل حرب التمثيل والشرعيات بين الفلسطينيين

أبو مازن حذر المصريين والجماعة العربية ونفى أي صفة رسمية لحماس.. والحركة الإسلامية: هو ليس رئيسا

TT

أشعلت مصر الجديدة، حربا جديدة بين الفلسطينيين، وهي حرب وحدانية التمثيل والشرعيات. وبينما دافعت السلطة الفلسطينية عن حقها الشرعي في تمثيل الشعب الفلسطيني ورفضت أي تمثيل لحماس باعتبارها فصيلا ليس إلا، هاجمت حماس بعنف الرئيس محمود عباس، (أبو مازن) وقالت: إنه ليس ممثلا للشعب وإنما هو رئيس لحركة فتح.

وهذه الحرب التي خرجت للعلن لم تكن سوى نتيجة طبيعية لاستقبال القيادة المصرية قيادة حماس في غزة بصفة رسمية، وحتى أكثر مما استقبلت قيادة السلطة. وزاد من غضب السلطة أنها لمحت ثم صرحت برفضها استقبال الرئيس المصري محمد مرسي رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية بصفته رئيسا للوزراء في زيارته الأولى للقاهرة، فاستقبله هذه المرة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل.

وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن مصر تعبث بالتمثيل والشرعية الفلسطينية، وتزيد الانقسام. وأضافت المصادر «أنها مصرة على ذلك برغم موقف السلطة المعروف».

وكان أبو مازن قد استدعى السفير المصري في رام الله ياسر عثمان أول من أمس وأبلغه رفض السلطة العبث بوحدانية التمثيل. وقالت المصادر «إن أبو مازن كان جادا وحادا في رسالته هذه وقاسيا إلى حد ما». وأضافت أن «الرئيس حذر المصريين بشكل واضح من العبث بهذه القضية المصيرية».

وبحسب المصادر فقد اشتكت السلطة للجامعة العربية أيضا وأبلغت أمينها العام بضرورة الحفاظ على وحدانية التمثيل وليس تقسيم الفلسطينيين أكثر وأكثر.

وكان أبو مازن تحدث صراحة الأسبوع الماضي عن رفضه لموقف مصر، منتقدا بشدة «من يقول نحن واقفون على مسافة واحدة ونطلب من الطرفين أن يتفقا». وقال: «بصراحة من يستقبل إسماعيل هينة كرئيس وزراء يشجع على الانقسام». وأضاف: «(هنية) لا علاقة له بشيء هو ليس رئيس وزراء، ولا رئيس حكومة مقالة ولا غير مقالة».

وتتعامل القيادة المصرية مع حماس كأنها عنوان الفلسطينيين في غزة، وهذا دق ناقوس الخطر في رام الله.

وتعتقد السلطة أن موقف مصر غير المسبوق، في تجاهل السلطة في رام الله والتنسيق مع حماس في غزة فيما يخص القطاع سياسيا وأمنيا واقتصاديا، والاعتراف بسلطتها هناك، سيشجع دولا أخرى على المس بسيادة وشرعية السلطة والتعامل مع حماس.

وردت حماس بعنف أمس على موقف أبو مازن، ونفت عن أبو مازن صفة الرئيس، وقالت في بيان: «إن رئيس حركة فتح محمود عباس لا يملك أي حق للحديث عن وحدة التمثيل الفلسطيني لأن مدة ولايته القانونية انتهت منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات». وقال سامي أبو زهري الناطق باسم الحركة في تصريح صحافي إنه «لا مجال لإدارة الساحة الفلسطينية إلا بالتوافق وليس بمحاولة أي طرف فرض نفسه على الأطراف الفلسطينية الأخرى»، مستنكرا ما وصفه «محاولات فتح ورئيسها عباس الضغط لفرض حصار سياسي على حماس والحكومة في غزة تحت شعار وحدة التمثيل الفلسطيني»، وأردف «هذه المحاولات تكشف حقيقة نوايا فتح وتحريضها على حصار الحركة الذي سيفشل».

ولم يتوقف الأمر عن ذلك، بل دعا إسماعيل الأشقر، نائب رئيس كتلة حماس البرلمانية، الفصائل الفلسطينية «لنبذ عباس ومحاكمته على أفعاله» متهما إياه «بحصار غزة والتعذيب والتنكيل في أهلها جهارا نهارا». وقال: «إن عباس يقصد الإساءة إلى الشعب الفلسطيني ومكوناته من خلال تنصله من المصالحة ونكث العهود والمواثيق والاتفاقيات الوطنية ويتنكر لما تم التوافق عليه في مصر، وتارة يقبل من النظام المصري البائد أن يقول: إنه يقف على مسافة واحدة بين حماس وفتح ولا يقبل ذلك من القيادة المصرية الجديدة ويشن هجوما غير أخلاقي عليها».

وهذه الحرب الكلامية بين حماس والسلطة، جاءت في وقت تعتبر فيه العلاقة بينهما متوترة إلى حد بعيد، بعد توقف المصالحة، بسبب منع حماس لجنة الانتخابات المركزية من العمل في القطاع، وهو ما اعتبرته السلطة خرقا للاتفاقات من جهة، وتعطيلا للانتخابات التي تشكل مفتاح المصالحة كما تقول فتح.

وزاد من توتر العلاقة اعتقال السلطة نحو 50 من عناصر حماس في الضفة، أمس. ودعا أبو زهري، لوقف مسلسل الاعتقالات الذي اعتبرته «محاولة فاشلة لنسف جهود المصالحة»، والانتباه إلى خطورة هذه الخطوات التصعيدية.

وقال أبو زهري «هذا دليل إضافي على بطلان ادعاءات فتح في تحقيق المصالحة، ومحاولة للتغطية على الفشل السياسي لمشروع فتح وعلى توتر علاقاتها الخارجية المتزايد مع الأطراف العربية وخاصة في ظل الثورات العربية الداعمة للمقاومة والرافضة لنهج أوسلو».

أما فوزي برهوم، الناطق الآخر باسم حماس، فاعتبر الاعتقالات انعكاسا لما وصفه «حالة من التوتر والانزعاج الشديد» عند أبو مازن «مما قد تثمر عنه زيارة وفد حماس للقاهرة ونتائجها الإيجابية». وزاد برهوم، للمركز الفلسطيني التابع لحماس: «إن المباحثات التي يجريها وفد الحركة في القاهرة تسير على قدم وساق، وتتسم بأريحية وتقدم إيجابي كبير في إطار التعاون مع الجانب المصري بشأن عدد من الملفات التي حملها الوفد خلال الزيارة».