الأزهر ودار الإفتاء يجددان رفضهما لنشر رسوم مسيئة للرسول.. والجامعة العربية تعتبرها خطوة استفزازية

وقفة احتجاجية أمام السفارة الفرنسية بالجيزة.. والسلطات تفرض طوقا أمنيا لمنع أي محاولة لإثارة الشغب

TT

تواصلت ردود الفعل في مصر أمس على خلفية ما نشرته مجلة «شارلي إبدو» الفرنسية الساخرة في عددها الصادر أمس (الأربعاء)، من رسوم كاريكاتيرية مسيئة للنبي (صلى الله عليه وسلم). وفيما تظاهر محتجون مصريون أمام السفارة الفرنسية في ضاحية الجيزة، قرر المعهد الفرنسي بمصر إرجاء أمسية موسيقية كان مزمعا إقامتها اليوم (الخميس) لموعد آخر، وأعلن الأزهر رفضه البالغ للإساءة للرسول (صلى الله عليه وسلم)، وشدد على أن هذه التفاهات الحاقدة التي تدعو إلى الكراهية باسم الحرية مرفوضة تماما. وقال الدكتور علي جمعة، مفتي مصر، إن «مثل هذه الأفعال لا طائل من ورائها إلا تأجيج الكراهية بين الناس». ووصف نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخطوة بـ«الاستفزازية والمشينة» التي تؤدي إلى زيادة تعقيد الموقف المشتعل في العالمين العربي والإسلامي بعد الفيلم الأميركي المسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم).

وتجمهر عدد من المتظاهرين أمام السفارة الفرنسية في الجيزة، للتنديد بما نشرته المجلة، وهو ما اعتبره المتظاهرون إشعالا لفتنة طائفية ومحاولة جديدة لتأجيج حالة العنف التي اجتاحت العالم الإسلامي في الأيام الأخيرة بسبب الفيلم المسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم). واضطرت السلطات المصرية إلى تأمين محيط السفارة وفرض طوق أمني لمنع أي محاولة لإثارة الشغب من جانب المتظاهرين الغاضبين.

وكرر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على ضرورة توقف الحرية عند حدود حرية الآخرين، وإلا فهي حرية العبث والسخرية والهبوط وسوء الأخلاق، والجهل بالحضارات والأديان، والجهل والجحود لما أداه الإسلام وحضارته من دور كبير بعلومه التي تُرجمت في القرن الثالث عشر إلى لغات أوروبا، وشكلت أهم أسس عصر النهضة لأوروبا الخارجة من عصر الظلمات.

وكان وزير الخارجية الفرنسي في لقائه مع شيخ الأزهر قبل يومين قد أبدى تفهما كاملا لموقف الأزهر وغضبه عند نشر الفيلم المسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم). وأكّد الطيب على ضرورة أن يظل التعبير عن الرفض والغضب بأساليب سلمية؛ حفظا لسنة النبي (صلى الله عليه وسلم) ومواقفه في دفعه للعداء بما يليق به كخاتم رسل الله إلى الإنسانية كلها.

ومن جانبه، دعا مفتي مصر، المسلمين في فرنسا إلى عدم الاستجابة لهذه الاستفزازات، وأن يعبروا عن غضبهم بطرق سلمية، واتباع السبل السلمية والقانونية لمقاضاة هذه المجلة ومن قاموا بنشر هذه الرسوم المسيئة.

في السياق ذاته، قال الدكتور محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر للحوار، إن «سلسلة الهجوم على الإسلام في الآونة الأخيرة تدل على حقدٍ دفين على الإسلام وتراثه. هذه الرسوم تدخل في هذا السياق، وتهدف إلى ضرب المسلمين بالمسيحيين في مصر»، مضيفا «هؤلاء الحاقدون الموتورون يعملون ليل نهار من أجل تفتيت الدول العربية والإبقاء على دولة الكيان الصهيوني تعربد كما تشاء في الشرق العربي والإسلامي».

وقال الدكتور عزب لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مستنقع من الكراهية والحقد للرسول موجود في كتب رجال الفكر والدين والفن، وما زال الغرب يحتفظ بكل الصور المشوهة في مخزونه الثقافي والشعبي، وما حدث الآن عودة للاغتراف من هذا المستنقع».

وكشف الدكتور إبراهيم نجم، المستشار الإعلامي لمفتي مصر، عن أن دار الإفتاء بصدد التنسيق مع صحيفة «لوموند» الفرنسية الأوسع انتشارا في فرنسا لنشر مقال «النبي محمد رحمة للعالمين»، وذلك ضمن حملة دار الإفتاء التي بدأتها للتعريف بالنبي (صلى الله عليه وسلم) لدى غير المسلمين في أميركا وأوروبا.

في السياق ذاته، اعتبر الدكتور عصام العريان، القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ما نشر إساءة جديدة من الغرب للدين الإسلامي، مطالبا الحكومة الفرنسية باتخاذ إجراء حازم ضدها. وقال «نرفض وندين الرسوم الفرنسية المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم)، وندين أي عمل يسيء للمقدسات وفقا لمعتقدات الناس».

كما أدان الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الإساءات المهينة للعقائد الدينية والتي تتسم بالعنصرية وتغذي العنف والتطرف. ودعت الأمانة العامة للجامعة، في بيان لها أمس، كل المجتمعات الإنسانية إلى التسامح والتفهم واحترام ثقافة الآخر والتعرف عليها. كما دعت كل الذين تأذوا من تلك الرسوم المسيئة إلى ضبط النفس واتباع الأساليب السلمية في التعبير الحازم عن الرفض لهذه الأفعال الشائنة التي تنم عن الجهل بالدين الإسلامي الحنيف ورسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم)، ومقاومتها عبر نشر المعلومات الصحيحة عن الدين الإسلامي والتمسك بتعاليمه وقيمه السمحة.

وأعلن العربي أن هناك اتصالات عديدة تجري منذ أكثر من أسبوعين بين كل من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي لبلورة آلية قانونية لمنع ازدراء الأديان.