أنابيب «البوتاجاز» كابوس جديد يقض مضاجع المصريين

يترقبون قرارا بتقليص الدعم

TT

«يبدو أنه كتب علينا أن نقضي حياتنا واقفين في طوابير.. كنا صغارا نقف في طابور المدرسة، وعندما كبرنا صرنا نقف في طابور العيش وطابور المواصلات.. والآن تريد الحكومة أن تجعلنا نقف في طوابير أنابيب البوتاجاز»، هكذا علق مجدي محمد (45 عاما) على خبر اعتزام الحكومة المصرية توزيع أنابيب البوتاجاز عن طريق كوبونات يتم توزيعها بموجب بطاقة التموين، بالإضافة إلى مناقشة اقتراح بتوزيع كوبونات للوقود لمالكي السيارات ذات السعة اللترية أقل من 1600 سي سي.

وتقدم الحكومة المصرية دعما للمحروقات لمواطنيها بلغ 114 مليار جنيه في موازنة العام الماضي، بحسب مصدر مسؤول بوزارة البترول.

ويضيف مجدي، الذي يعمل «منجد أثاث»: «سعر الأنبوبة الأصلي الذي تباع به في المستودع هو 5 جنيهات، ونشتريها من الباعة الجائلين بعشرة جنيهات، ومنذ أسبوعين بدأ الباعة في رفع السعر حتى وصل إلى 20 جنيها».

ويقول مجدي: «عانينا كثيرا في الشتاء الماضي بسبب نقص أنابيب البوتاجاز حتى وصل سعر الأنبوبة الواحدة إلى 50 جنيها، أي عشرة أضعاف سعرها الرسمي، بل أصبح العثور عليها بهذا السعر حلما بعيد المنال».

وعلى صعيد متصل، قال مصدر مسؤول بوزارة البترول في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أمس إنه لم يتم حتى الآن تحديد وقت لإعادة هيكلة الدعم في مجال الوقود، مشيرا إلى أن أي قرار بشأن زيادة أسعار الوقود لن يتم إلا بعد دراسة متأنية حول حجم الزيادة وتوقيتها، وبما يحقق صالح جميع المواطنين ويحقق المطلوب من توجيه الدعم إلى ما يفيد محدودي الدخل، وتحمل القادرين لبعض تكاليف القيمة الحقيقية لتلك السلعة.

وأوضح المصدر أن أي قرار بزيادة أسعار البنزين أو الأنواع الأخرى من الوقود لن يصدر إلا من خلال مجلس الوزراء، مشيرا إلى أن حجم الدعم في موازنة العام الماضي بلغ أكثر من 114 مليار جنيه، بما يمثل أكثر من 75 في المائة من قيمة الدعم الإجمالي، في حين حصلت باقي القطاعات التي تهم محدودي الدخل، مثل التعليم والصحة ورغيف العيش والمواصلات العامة على 25 في المائة فقط من الدعم.

وأشار إلى أن إجمالي استهلاك مصر من الوقود يصل إلى 71 مليون طن سنويا، وأن إجمالي استهلاك السولار يبلغ 33 ألف طن يوميا، تمت زيادتها إلى 37 ألف طن مؤخرا لمواجهة التكدس في محطات الوقود، ويتم استيراد 30 في المائة من تلك الكمية من الخارج بالعملة الحرة، كما أن استهلاك مصر من البنزين يصل إلى 15 ألف طن يوميا تمت زيادتها إلى 17 ألف طن لمواجهة أي تكدس في محطات الوقود، ويتم استيراد 10 في المائة من تلك الكمية من الخارج.

وأشار إلى أن استهلاك مصر من البوتاجاز يصل إلى 4.4 مليون طن سنويا، يتم استيراد أكثر من نصف الكمية من الخارج، الأمر الذي جعل دعم الوقود يستنزف ما لدينا من عملات حرة وأصبح عبئا على ميزانية الدولة، مدللا على ذلك بأن حجم الدعم للتر الواحد من البنزين يتراوح بين 3 جنيهات ويصل إلى أكثر من 4 جنيهات في السولار.

وأكد المصدر أن زيادة قيمة الدعم الموجه للوقود أدت إلى وجود عجز واضح في المجالات الأخرى التي تحتاج إلى الدعم، مثل الصحة والتعليم وتحسين رغيف العيش وتحسين المواصلات العامة، كما أدى تدني سعر بيع الوقود في مصر إلى ظهور سوق سوداء متشعبة، خاصة في السولار والبنزين والبوتاجاز، حيث تقوم مافيا الوقود بإخفاء كميات منه سواء في محطات الوقود أو من خلال سيارات نقل الوقود بهدف بيعها في السوق السوداء خارجيا، عبر الحدود إلى غزة أو إلى السفن العابر للمياه الإقليمية، أو بيعها داخليا للمواطنين، لتحقيق أرباح بالملايين، وبذلك تظهر أزمات على الرغم مما تم ضخه في الأسواق من كميات من السولار والبنزين وأنابيب البوتاجاز.

وأوضح أنه يجري حاليا بحث عدة سبل لترشيد الدعم، منها إصدار كوبونات بكميات محددة لأصحاب السيارات للحصول على البنزين بأسعار محددة، بحيث يحصلون على الكميات الزائدة عن ذلك بالأسعار الحقيقية للبنزين، كذلك ما يجري تطبيقه حاليا من تجارب لحصول المواطنين على أنابيب البوتاجاز من خلال كوبونات ترتبط ببطاقات التموين.

لكن مجدي المواطن البسيط، لا يبدو مقتنعا بكلام المسؤول ويعلق بقوله: «المسؤولون عندهم تبريرات لكل شيء، لكن لو هناك خطة واضحة وشفافية والناس تعرف بجد أبعاد المشكلة وتقتنع، كان ممكن نستحمل ونصبر.. الحكومة مش عايزانا نفهم، وعايزه تحتكر كل حاجه».