يوم جديد من المظاهرات ضد الإساءة للإسلام.. والأمم المتحدة تحذر

«إخوان» مصر تطالب بإجراء «حازم».. ومحاولات لجعل ازدراء الأديان جريمة جنائية دولية\

شرطة مكافحة الشغب الباكستانية تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين ضد الفيلم المسيء للإسلام أمس (أ.ف.ب)
TT

شهدت كابل وطهران وإسلام آباد أمس مظاهرات جديدة على الفيلم المسيء للإسلام والرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي الكريم (ص) التي نشرت في فرنسا، بينما سعت الأمم المتحدة إلى تهدئة غضب العالم الإسلامي عبر الدعوة لرسم حدود لحرية التعبير.

وفي أفغانستان تظاهر المئات أمس سلميا احتجاجا على بث فيلم «براءة المسلمين» الذي أنتج وصور في الولايات المتحدة، وكذلك احتجاجا على نشر أسبوعية «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي الكريم (ص).

وفي إسلام آباد أصيب 11 شخصا على الأقل بجروح في مظاهرة شارك فيها نحو ألف طالب، حمل غالبيتهم العصي، احتجاجا على الفيلم المسيء للإسلام، وقد أصيب الجرحى خلال اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، كما أفادت الشرطة وفرق الإسعاف. والفيلم المسيء للإسلام الرديء النوعية الذي أنتج في الولايات المتحدة بثت مقتطفات منه على الإنترنت، وقد أثار مظاهرات في العالمين العربي والإسلامي أوقعت عشرات القتلى الأسبوع الماضي، غير أن الغرب وعلى رأسه باريس يخشى أعمال عنف إضافية، مما وضع المصالح الفرنسية في العالم الإسلامي خصوصا في دائرة الاستهداف. ففي طهران تظاهر نحو مائة شخص أمام السفارة الفرنسية في العاصمة الإيرانية، كما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.

ووسط أجواء التوتر المستمرة أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الفيلم المسيء للإسلام «فاضح ومخزٍ». وقال بان كي مون أمام صحافيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك إن حرية التعبير «حق ثابت» يجب أن تتم حمايته بشرط أن لا يصطدم بمعتقدات وقيم الآخر. وأضاف: «حين يستخدم البعض حرية التعبير هذه لاستفزاز أو إذلال أشخاص آخرين بقيمهم ومعتقداتهم، حينئذ لا يمكن حمايتها بالطريقة نفسها».

وتابع متحدثا عن فيلم «براءة المسلمين»: «إن حرية التعبير، التي هي حق أساسي ومميز يجب أن لا تستخدم تعسفيا، عبر عمل فاضح ومخزٍ بهذا الشكل».

وأدان حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، نشر مجلة «شارلي إيبدو» رسوما مسيئة للنبي الكريم (ص)، مطالبا الحكومة الفرنسية بـ«إجراء حازم وسريع» ضد المجلة. وقال الحزب في بيان إنه «يطالب الحكومة الفرنسية باتخاذ إجراء حازم وسريع ضد المجلة بسبب تجاوزها في حق الأديان والمقدسات والرموز الدينية».

وأضاف أن «القضاء الفرنسي سبق واتخذ خطوات رادعة ضد إحدى المجلات التي نشرت صورا مسيئة لكاثرين ميدلتون.. وكذلك مواقف صارمة ضد من ينكر المحارق النازية».

وتلقت الأسبوعية الفرنسية أمس دعم عدد من زميلاتها في أوروبا. وفي هذا السياق أكدت صحيفة «فايننشيال تايمز» الألمانية في صفحتها الأولى تضامنها بالقول: «من واجب (الصحيفة الساخرة) رصد الحدود السياسية والاجتماعية، وتجاوزها إن دعت الحاجة». لكن هذا التحليل لم تشاطره الصحف كافة، ففي ألمانيا كذلك اعتبرت صحيفة «فرانكفورتر روندشاو» أن نشر الرسوم «إشكالي» لأنه يأتي في أعقاب بث الفيلم الأميركي.

وتتركز المخاوف الغربية على اليوم الجمعة، وأعلنت باريس أنها ستغلق سفاراتها وقنصلياتها ومراكزها الثقافية ومدارسها في نحو 20 بلدا إسلاميا على الرغم من عدم وجود «تهديد فعلي لأي مؤسسة». واتخذت إجراءات أمنية محليا في البلدان المعنية لحماية المباني. ففي باريس تعززت الإجراءات الأمنية حول المبنى الذي يوجد فيه مقر مجلة «شارلي إيبدو»، بينما منعت مظاهرة لمسلمي فرنسا السبت أمام السفارة الأميركية.

كما أعلنت السلطات عن منع تجمع كان مقررا أمام مسجد باريس الكبير. وتضم فرنسا أكبر جالية مسلمة في أوروبا تشمل ما بين 4 و6 ملايين نسمة، أغلبهم يتحدرون من دول المغرب العربي وأفريقيا. كما أعلنت السفارة الأميركية في إندونيسيا أنها ستغلق أبوابها أمس، وكذلك البعثات الأميركية في سورابايا (شرق) ومدان وبالي (وسط)، في البلاد التي بها أكبر عدد من المسلمين في العالم. لكن أحد منسقي المظاهرات في إندونيسيا برناد عبد الجبار أكد عدم التخطيط لأي تجمع في جاكرتا اليوم الجمعة.

وعاد موقع «شارلي إيبدو» على الإنترنت للعمل بعد أن تعطل بعيد نشر الرسوم بسبب «ضغط آلاف المتصفحين من أجل وقفه»، بحسب صحافية في الأسبوعية. وحجبت مجموعة «غوغل» التي تملك موقع «يوتيوب» مقتطفات الفيلم المسيء للإسلام عن سنغافورة بطلب من السلطات بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. كما تقدم محامون أتراك بدعوى ضد مخرج ومنتج الفيلم لدى النيابة العامة في أنقرة، مطالبين بمحاسبتهما بحسب القوانين التركية بتهمة «النيل من القيم الأخلاقية» و«الكراهية الدينية».

إلى ذلك، دافع محامي المجلة عن رئيس التحرير قائلا إنه يصر على إثارة الضحك على الرموز السياسية والدينية تأكيدا لحرية التعبير. وقال المحامي ريشار مالكا لمحطة إذاعة «فرانس انتير»: «الرسومات المعنية ليست على غلاف المجلة. ما يفزعني في هذا الأمر أنها ليست على الصفحة الأولى لمجلة (شارلي إيبدو). كانوا يقولون إنها على الغلاف والجميع سيراها، وهذا لا يمكن تحمله. الآن لم يعد من حقنا وضعها بداخل الصحيفة لقرائنا... ورغم ذلك تثار فضيحة. هذا جنون، وهذا ما يتعين علينا التفكير فيه».

ومن جهة أخرى، أشارت مؤسسة إسلامية رائدة إلى أنها ستقوم بإحياء محاولات تهدف منذ أمد بعيد إلى جعل ازدراء الأديان جريمة جنائية دولية. لكن من غير المحتمل في ما يبدو أن تلقى المحاولة قبولا لدى الدول الغربية التي تصر على مقاومة فرض قيود على حرية التعبير والقلقة بالفعل من الأثر القمعي لقوانين ازدراء الأديان في الدول الإسلامية مثل باكستان.

وقال أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إنه يجب على المجتمع الدولي «الخروج من مخبئه خلف ذريعة حرية التعبير»، في إشارة إلى الحجج الغربية الرافضة لقانون عالمي لتجريم ازدراء الأديان تسعى إليه منظمة التعاون الإسلامي منذ أكثر من عشر سنوات.

وعلى صعيد منفصل قالت لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 عضوا ومقرها المملكة العربية السعودية إنه يجب وضع حد «للتعصب المتنامي ضد المسلمين»، ودعت إلى «وضع مدونة قواعد سلوك دولية لوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لعدم إجازة نشر المواد التحريضية».