مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: وفد أميركي قدم لطرابلس تطمينات بأنه لا عمل عسكريا منفردا ضد المتشددين الإسلاميين

بيرنز يؤكد التزام بلاده بدعم الحكومة الجديدة

TT

هيمن الوضع الأمني، أمس، على المشهد السياسي في ليبيا، فيما قدم وفد أميركي رفيع المستوى زار طرابلس أمس على نحو مفاجئ تطمينات لمسؤولين في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة الانتقالية، بأن الهجوم الذي استهدف مؤخرا القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي لن يكون له تأثير على العلاقات الأميركية - الليبية، بل سيكون دافعا قويا لمزيد من التعاون لمساعدة ليبيا في عملية التحول نحو بناء المجتمع المدني الديمقراطي.

وقال ويليام بيرنز، نائب وزيرة الخارجية الأميركية، الذي زار طرابلس أمس برفقة الجنرال كارتر هام، قائد القوات الأميركية في أفريقيا، إن أميركا على استعداد للتعاون مع ليبيا ومساعدتها في بناء مؤسساتها الاقتصادية والدفاعية والأمنية لتحقيق الاستقرار الذي ينشده الشعب الليبي. وجدد بيرنز، لدى اجتماعه مع عاشور بن خيال وزير الخارجية الليبي، إشادته بنجاح انتخابات المؤتمر الوطني العام، وانتخاب رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة، مؤكدا التزام بلاده بالوقوف إلى جانب ليبيا حتى تجتاز هذه المرحلة في مسيرتها نحو الديمقراطية.

وبحسب وكالة الأنباء الليبية، فقد قدم بيرنز خلال الاجتماع شكر أميركا وتقديرها للتعاطف الرسمي والشعبي وتقديم التعازي في وفاة السفير، كما لفت إلى أن هذا التعاطف وجد صداه لدى الإدارة الأميركية والشعب الأميركي.

من جهته، أعلن عاشور بن خيال، زير الخارجية الليبي، أن السلطات الليبية مصممة على استكمال التحقيقات لمعرفة خلفيات الاعتداء على القنصلية الأميركية في بنغازي، مؤكدا أن ليبيا تمد يدها لكل الدول التي ترغب في مساعدتها في مرحلة الانتقال نحو بناء مؤسسات الدولة خاصة في المجالات الأمنية والاقتصادية والتعليمية والصحية. كما جدد بن خيال اعتذار بلاده عن الهجوم على مقر القنصلية الأميركية، مشيدا بالسفير الأميركي الراحل كريس ستيفنز الذي وصفه بأنه صديق لليبيا.

وحل الوفد الأميركي في الزيارة التي لم يسبق الإعلان عنها ضيفا على السلطات الليبية كأول وفد أميركي رفيع المستوى يزور طرابلس منذ الهجوم الذي استهدف مقر القنصلية الأميركية الأسبوع الماضي مما أدى إلى مصرع أربعة أشخاص أحدهم السفير الأميركي لدى ليبيا. وشارك الوفد الأميركي في حفل تأبين القتلى الأميركيين، كما التقى رئيس الوزراء الجديد مصطفى أبو شاقور، ورئيس المؤتمر الوطني محمد المقريف.

وجاءت الزيارة بينما يستعد أبو شاقور لتشكيل الحكومة الانتقالية الثانية منذ سقوط ومقتل العقيد الراحل معمر القذافي في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، علما بأن أبو شاقور أعلن أمس في رسالة جديدة عبر صفحته الرسمية على موقع «تويتر» أنه سيقدم حكومته للبرلمان في الثلاثين من الشهر الحالي تمهيدا لاعتمادها.

وطبقا لما أبلغته مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» فإن الوفد الأميركي أبلغ السلطات الليبية بأن واشنطن ستعين قريبا سفيرا جديدا لها في طرابلس خلفا للسفير المقتول، على أن تشارك عناصر من مشاة البحرية الأميركية (المارينز) في تأمين مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية سواء في طرابلس أو بنغازي.

وكشفت المصادر النقاب عن أن الوفد الأميركي أكد أيضا أن الإدارة الأميركية لن تقوم بعمل عسكري منفرد في ليبيا من دون التشاور والتنسيق مع السلطات الانتقالية، مشيرة إلى أن الوفد اعتبر أن بإمكان الجيش الليبي وقوات الأمن المحلية كسر شوكة الجماعات الإسلامية المتشددة إذا ما حصل على الدعم اللوجيستي اللازم.

وكان عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم البرلمان الليبي، قد استبق وصول الوفد الأميركي بالتأكيد على أن التعاون الثنائي الليبي - الأميركي والتنسيق في بعض المجالات يسودهما الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية. واعتبر حميدان، في مؤتمر صحافي عقده في طرابلس، أن تحركات السفن الأميركية قبالة السواحل الليبية لن يكون لها أي تأثير على السيادة الوطنية كونها تجري في المياه الدولية خارج المياه الإقليمية لليبيا.

كما أعلن أن المؤتمر الوطني العام قرر تكليف النائب العام لانتداب قاض للتحقيق في حادثة القنصلية الأميركية، موضحا أن مهمة القاضي ستكون قانونية محضة من خلال جمع الأدلة والملابسات والتحقيق مع المتهمين حول هذه الحادثة حسب قانون الإجراءات الجنائية الليبي.