عبد الواحد الفاسي: حزب الاستقلال سيندثر إذا فاز شباط بالأمانة العامة

قال: استمرارنا في الحكومة في صالح المغرب.. وأسلوب ابن كيران فيه بعض «الطرافة والشعبوية»

TT

* هل ستتجاوب مع دعوة الانسحاب من سباق الأمانة العامة؟

- يستحيل أن أنسحب من السباق، الفكرة كانت ممكنة في الفترة السابقة، أما الآن فلا يمكن، إذ لا يمكنني خذلان الذين دفعوني إلى الترشح ويثقون في الدور الذي سألعبه في المرحلة المقبلة كأمين عام لحزب الاستقلال، لهذا لن أنسحب قط. هناك خطر يحيق بالحزب، وانسحابي في الوقت الراهن يعد خيانة له، وفي حق من وضعوا ثقتهم في.

* كيف ترون حظوظكم في الفوز؟

- كبيرة جدا.

* من أين تستمدون هذه الثقة بالنفس؟

- من رصيد الثقة الكبير الذي أحظى به من طرف مناضلي الحزب، وكذلك علاقتي معهم، والتي استثمرتها على مدى زمن طويل، وخير دليل على ذلك أنني خلال انتخابات اللجنة التنفيذية كنت أحصل على أكبر عدد من الأصوات. ثم هناك طبيعة الخصم المنافس، فكونه شخصا نقابيا فهذا أمر يصب في صالحي.

* كيف؟

- النقابي له أسلوب عمل مختلف تماما عن السياسي، أسلوب يتسم بالهجومية، وهو أمر طبيعي في العمل النقابي، لكنه لا ينسجم مع العمل السياسي.

* ما رأيكم في تصريحات القيادي محمد الخليفة؟

- أعتقد أن الوقت كان غير مناسب، كما أنه أثار بعض الأمور التي لم يكن من اللازم إثارتها في هذه الظرفية العصيبة بالنسبة للحزب، لكني أقدر الرجل وتربطنا علاقات وطيدة، ولعله كان الأفضل ألا يقوم بتلك الخطوة، كما أن النداء الذي وجهه ليس في صالح الحزب بتاتا. وليس بهذه الطريقة نحل مشاكلنا، كما أن الخليفة أخطأ حين طلب تأجيل انعقاد المجلس الوطني حتى يناير (كانون الثاني) المقبل، فأنا أعتقد أن أي تأخير سيكون في غاية الخطورة على الحزب. رأينا أمورا فظيعة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة لم تكن في صالح الحزب، بل زادت الوضع تأزما، فماذا سيحصل لو انتظرنا شهورا أخرى؟ كما أن الحزب في وضعية «جمود» علينا وضع حد لها في أسرع وقت، وإعادة الأمور إلى نصابها، وإلا سيضيع منا حزب الاستقلال. من الأمور التي لم تعجبني في كلام الخليفة طلبه انسحاب المرشحين، ولا يحق له أن يتقدم بمثل هذا الطلب، وليس لأي شخص آخر الحق في أن يطلب من أي مرشح الانسحاب، وكنت سأكون سعيدا لو تقدم الخليفة بترشحه لهذا المنصب، لأن التنافس سيكون آنذاك شريفا، وكنت سأتقبل النتيجة لو كانت في صالحه.

* أنت طبيب وأود منك أن تقول لي بصراحة ما هي الوضعية الصحية للحزب حاليا؟

- الحزب يبدو في الظاهر مريضا، وإن كانت الأسس ما زالت صلبة وقوية، لكن علينا التدخل لإنقاذه، وإعادة الأمور إلى نصابها. لا بد من تغيير أسلوب العمل الذي انتهجه الحزب منذ عقود، ولا بد من تغيير الحزب من الداخل، وهذه الأمور من الأشياء الأساسية التي على الأمين العام الجديد أن يبدأ بها في بداية مهمته. حان الوقت للقيام «بنقد ذاتي» من أجل إنقاذ الحزب، وأعتقد شخصيا أن جميع الاستقلاليين متفقون على أن يبقى حزبهم قويا، إذ النجاح في الانتخابات والحصول على مقاعد ليس كافيا، الأساس أن يبقى حزبا متماسكا من الداخل، وأن يبقى، كما كان، حزبا مؤثرا في الساحة السياسية.

* يعتقد البعض أن حزب الاستقلال «انتهت صلاحيته» وأصبح حزبا هرما؟

- هذا كلام يقوله أعداء الحزب الموجودون داخله وليس خارجه.

* هل هناك «استقلاليون» أعداء لحزبهم؟

- طبعا، وهنا تكمن الخطورة، أعداء الحزب يوجدون بداخله، وليس جهات خارجية كما يظن البعض. هناك نقائص لكن ليس لدرجة القول بأنه حزب انتهى، كما أن من يدعي أن الحزب هو حزب عائلة الفاسي خاطئ، إذ هو حزب لكل المغاربة، وليس لأهل فاس فقط.

* لكن بفوزكم ستكرسون فكرة هيمنة آل الفاسي على الحزب؟

- هذا أمر لا يخيف، وليس فيه أي عيب، إذ لعبت العائلة دورا كبيرا منذ نشأة الحزب إلى الآن، وإن تصفحنا وثيقة المطالبة باستقلال المغرب سنجد أن ستة من ضمن 60 من الموقعين على الوثيقة هم من آل الفاسي، والمرأة الوحيدة الموقعة عليها هي أيضا من فاس. وأعتقد أن الشخص الذي سيتحمل المسؤولية ومدى الثقة التي يحظى بها هما الأهم وليس مدينته.

* ما هي أول خطوة ستقدمون عليها في حالة فوزكم؟

- أول شيء سأضع كل واحد في مكانه الحقيقي وحجمه الأصلي، الأمور لن تكون سهلة في البداية، ولن تأتي دفعة واحدة وإنما دفعة دفعة. من أهم الأشياء الملحة والتي علي البدء بها وضع النقاط على الحروف في ما يتعلق بالمنظمات التابعة للحزب وأهمها الشبيبة (منظمة الشباب)، فلا بد من برنامج لتوضيح ما لها وما عليها، ووضع الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها، إذ هناك مجموعة من الانحرافات لا بد من وضع حد لها، ولا يمكن أن نسمح بوجود حزب داخل حزب. من الأمور الأخرى التي علي الاهتمام بها إعادة هيكلة الحزب خاصة على الصعيد الجهوي.

* وماذا عن النقابة؟

- لن أتدخل مطلقا في النقابة، حميد شباط زعيم نقابي، ويستحق أن يقود الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، لكن عليه معرفة حدوده مستقبلا، وألا يتدخل في أمور الحزب ويبقى في إطار نشاطه النقابي.

* أين هو عباس الفاسي، لم نسمع له صوتا في هذه المعركة الانتخابية؟

- هو الآن يمسك العصا من الوسط، إذ عليه أن يبقى على الحياد، وإن كنت أظن أن له وجهة نظر خاصة وله جهة يدعمها، لكن ليست الجهة المنافسة لي.

* بعض الاستقلاليين يحملون عباس الفاسي مسؤولية ما وصل إليه الحزب..

- كانت الأمور تسير بشكل إيجابي، لكن المشاكل بدأت بعدما أصبح عباس الفاسي رئيسا للحكومة، وكانت هناك استحالة للقيام بمهمتين صعبتين في الوقت نفسه، وما حصل هو أنه انشغل بالوزارة على حساب الحزب، وحدث فراغ فتح الباب أمام مشاكل تأثر بها الحزب سلبا، وهنا ظهرت مجموعة من الأشخاص دفعهم عباس الفاسي إلى الأمام، وهم من خلقوا المشاكل، وهذه مسؤولية يتحملها هو.

* في حالة فوز شباط ماذا تتوقع؟

- سينسحب عدد من «الإخوان» وعدد آخر سيجمدون نشاطهم، لتبقى مجموعة أخرى بعيوبها وشوائبها. إذن لن يبقى حزب الاستقلال الذي نعرفه، وإذا أريد لحزب الاستقلال الاندثار فستستعمل كل الوسائل لنجاح شباط.

* ما رأيكم في مشاركة الحزب في حكومة يقودها إسلاميون؟

- بعد فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة، كنت من الداعين إلى ضرورة مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة الجديدة، من دون قيد أو شرط، لأن مصلحة الوطن تستدعي ذلك، إذ إن القضية لا تتعلق بحزب الاستقلال أو العدالة والتنمية وإنما بالمغرب. وبشأن شخصية عبد الإله ابن كيران، فإن جميع المغاربة يعرفونه ويعرفون طبيعة شخصيته، وأنا الآن أستغرب لأن بعض الناس يتعجبون من أسلوبه.. فابن كيران لم يتغير وهو هكذا منذ أن خلقه الله.

* كيف؟

- شخصيته وأسلوبه فيهما بعض الطرافة و«الشعبوية»، ولا أظن أن أحدا يخلو من «شعبوية».

* وما تقييمكم للأداء الحكومي؟

- ما يلاحظ على الحكومة هو أن وزراء «العدالة والتنمية» بحكم أنهم لم تكن لديهم تجربة سابقة، يسقطون من حين لآخر في بعض الأخطاء، وهو أمر طبيعي، أما في ما يخص الحقائب التي يتحملها وزراء استقلاليون فإن الأمور تسير بإيجابية معقولة. هناك اضطرابات وسط وزراء «العدالة والتنمية» الذين يخرجون عن الخط.

* نسمع كثيرا عن وجود حكومة ظل هي التي تقرر؟

- حكومة «ظل» بمعناها الكامل لا أعتقد، لكن يمكن الحديث عن تأثير لبعض الأشخاص الذين لهم علاقة مباشرة بأصحاب القرار يتدخلون في عمل الحكومة.

* متى ستنتهي في رأيك صلاحية حكومة ابن كيران؟

- في صالح البلاد أن تستمر هذه الحكومة، ليس هناك حل آخر ولا بديل. لكن في رأيي أنه كان على الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المشاركة في الحكومة للأسباب نفسها التي شارك بسببها حزب الاستقلال، لكن الاتحاديين كانت لديهم مشاكلهم الداخلية التي حالت دون ذلك، وإن كنت مقتنعا بأن قيادتهم تميل إلى المشاركة.

* علاقتكم مع حزب الأصالة والمعاصرة كيف ترونها مستقبلا؟

- حزب الاستقلال صديق لجميع الأحزاب، نحن لسنا أعداء لأحد، ومصلحة الوطن تستدعي أن نتعاون وألا ننهج أسلوب العداء بل أسلوب المنافسة. ما كنا نعيبه على «الأصالة والمعاصرة» هو استعماله خلال الانتخابات البلدية لأساليب بائدة، لكن في الانتخابات الأخيرة اتضحت الأمور.

* هل سيكون مصير «العدالة والتنمية» نفس مصير الاتحاد الاشتراكي بعد تشكيله حكومة عبد الرحمن اليوسفي؟

- كل حزب يبقى طويلا في الحكم تتأثر شعبيته سلبا، لكن مع ذلك هناك فرق كبير بين الحزبين، وبالتالي تصعب المقارنة.

* هل يمكن أن ينتقل حزب الاستقلال إلى المعارضة؟

- هذا أمر غير مستبعد، فعندما نصل إلى الباب المسدود ونتيقن أنه لم يعد بإمكاننا التعايش مع باقي مكونات الحكومة، سنفضل الخروج إلى المعارضة، أما الآن فالأمور عادية.