حميد شباط: فوز الفاسي سيكون كارثة على البلاد وليس فقط على حزب الاستقلال

قال: لا بد من إنجاح تجربة الحكومة الحالية.. وسأطالب بإقالة الوزير نزار بركة

TT

* ماذا عن حظوظكم في الفوز بمنصب الأمانة العامة؟

- أنا عازم على الفوز، والجولات التي قمت بها خلال هذه الفترة منذ أول اجتماع جماهيري عقدته في الدار البيضاء ثم باقي جهات المغرب كانت ناجحة، كما شعرت بالارتياح الذي عبر عنه الاستقلاليون الذين يدعمونني والذين انخرطوا في برنامج «التغيير» الذي أقوده خلال هذه المرحلة. إذ سيقرر الاستقلاليون، ولأول مرة، مصيرهم ومصير حزبهم بأنفسهم، ولن يقبلوا منذ الآن فصاعدا بأي وصاية، خصوصا في ما يخص اختيار الأمين العام، خاصة في هذه الظروف التي يعيشها المغرب وكذا المحيط المجاور، والتي تتطلب العقل لاختيار رجال المرحلة.

* هل حميد شباط هو أحد رجالات المرحلة؟

- بالتأكيد، وهذا راجع لعدة عوامل، الأساسي منها هو تجربتي، التي حصلت عليها من خلال تدرجي في المواقع داخل حزب الاستقلال، من رئيس دائرة إلى رئيس فرع إلى مسؤول إقليمي، ثم عضو في المجلس الوطني وبعد ذلك في اللجنة التنفيذية. هذا التدرج استمر لمدة 30 سنة، بالإضافة إلى عمل مهم جدا وهو التجربة الكبيرة التي اكتسبتها من خلال العمل النقابي الذي بدأته منذ 35 سنة، ثم إدارة بلدية فاس وهي أول عاصمة سياسية للمغرب، وهي مدينة سياسة بامتياز. كل هذه التجارب إضافة إلى أربع ولايات في البرلمان تؤهل حميد شباط لقيادة حزب الاستقلال في هذه المرحلة الانتقالية.

* حظوظ منافسكم عبد الواحد الفاسي قوية خاصة أنه الأقرب إلى روح الحزب بالنظر إلى انتمائه لعائلة علال الفاسي، الأب الروحي لجميع الاستقلاليين..

- الجميع أصبح اليوم يرفض رفضا قاطعا ما يعرف بـ«التوريث»، وما حصل في تونس وليبيا ومصر خير دليل على هذا، فالأحزاب في هاته الدول ضاعت وضيعت معها شعوبا ودولا، لهذا نقف نحن الآن في المغرب في وجه التوريث. عندما يتم اختيار عبد الواحد الفاسي، الذي هو من العائلة نفسها التي قادت حزب الاستقلال منذ تأسيسه إلى الآن، فإن ذلك يعني احتقار باقي مكونات الحزب الذي تشكل في بدايته من مجموعة عائلات مثل «المختار السوسي وعبد الخالق الطريس والفقيه الغازي وعبد العزيز بن دريس».. فهذه العائلة لا علاقة لها بالقواعد، فهي تستفيد من عمل ونضال الاستقلاليين على المستوى الوطني، واستحواذها على المناصب العليا للحزب عن طريق التعيين أمر لم يعد مقبولا.

* لكن استقلاليين كثر، خارج آل الفاسي، يساندون عبد الواحد الفاسي؟

- من يساند عبد الواحد الفاسي هم أولئك المستفيدون من طريقة إدارة أسرة آل الفاسي لحزب الاستقلال وممتلكاته، التي لا نعرف عنها شيئا، حيث تدار عن طريق مجلس إدارة العائلة الفاسية. هؤلاء هم مجموعة متشابكة المصالح، لأنهم اعتبروا دوما حزب الاستقلال بقرة حلوبا.

* تتحدث كثيرا عن برنامج «التغيير».. ما مضمونه؟

- برنامج «التغيير» قدمناه في كتيب، وهو مكون من 19 نقطة، بعضها سيطبق على المدى القريب، وبعضها الآخر على المدى المتوسط ثم البعيد، وكلها ترتكز على تكافؤ الفرص، بحيث سيكون حزب الاستقلال في المستقبل حزبا لجميع المغاربة وليس حزب العائلة الواحدة.

* يقولون إنك نقابي ناجح لكن ستكون أمينا عاما فاشلا؟

- قوة حميد شباط تأتي من كونه «نقابيا»، أما عبد الواحد الفاسي فلا هو نقابي ولا سياسي، فقط تم إقحامه في اللجنة التنفيذية لأنه ابن علال الفاسي.. أنا أيضا ابن علال الفاسي لكن عن طريق الفكر والمبادئ وليس عن طريق العامل الجيني، ولا علاقة لعبد الواحد الفاسي بعلال الفاسي، فهو بعيد عنه سواء من الناحية الفكرية أو الأدبية أو حتى العلمية، فالفرق بين الرجلين مثل الفرق بين السماء والأرض.

* كلامكم عن منافسكم بهذه الطريقة يرجح ما يقال عن أسلوبكم العدواني والهجومي..

- كلامي تقييم حقيقي لمنافسي، فالرجل لم تكن له أي تجربة سياسية باستثناء تحمله لحقيبة وزارة الصحة، والتي كانت تجربة فاشلة، أيضا النتائج التي كان يحصل عليها في الانتخابات نتائج هزيلة، أما تجربته كمنسق على مستوى الدار البيضاء فقد أضعفت حزب الاستقلال وقضت على شعبيته في هذه المدينة.

* عبد الواحد الفاسي يقول إن حظوظه كبيرة في الفوز..

- يقول هذا لأنه يعتمد أساسا على دعم نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، الذي يستغل موارد الوزارة في دعم عبد الواحد الفاسي. لقد وعد بركة الاستقلاليين ومن لهم مشاكل مع الضرائب منهم بأنه سيحل مشاكلهم إذا ساندوا عبد الواحد الفاسي.

* وماذا عن عباس الفاسي، هل هو الآخر يساند منافسكم بحكم الانتماء للعائلة نفسها؟

- عباس الفاسي الآن محايد، فهو يدعم الديمقراطية الداخلية للحزب، وإن كنت متأكدا من أنه غير مقتنع بعبد الواحد الفاسي كخلف له على رأس حزب الاستقلال.

* إذا فاز عبد الواحد الفاسي بالأمانة العامة للحزب، ماذا سيكون رد فعلكم؟

- فوز عبد الواحد الفاسي سيكون كارثة على البلاد، وليس على حزب الاستقلال وحده الذي سينهار تماما ويكون مصيره مقبرة الشهداء. عبد الواحد الفاسي لا يعرف أعضاء المجلس الوطني فكيف له أن يقود حزب الاستقلال؟ لو كان لدي اقتناع ولو بسيط بأنه سيقود الحزب إلى الأمام أو على الأقل سيحافظ على وحدة صفوفه كنا سندعمه. وهناك عدة دلائل على أن عبد الواحد الفاسي غير صالح، بالإضافة إلى انعدام تجربته السياسية، فهو طعن أخيرا في الدستور، حيث عبر عن رأيه الرافض لوجود لغتين رسميتين، وأبان بصراحة عن رفضه القاطع للأمازيغية، كما اعتبر أن هناك استقلاليين حقيقيين وآخرين ليسوا كذلك.

* هو يقول إن الخطر المحدق بالحزب يأتيه من الداخل وليس من الخارج..

- فوز عبد الواحد الفاسي هو الخطر بعينه، لأنه عدو للديمقراطية، حيث يقول إن من يأتي ببرنامج جديد عليه مغادرة الحزب وتأسيس آخر.

* هل صحيح أنه إذا فزتم بالأمانة العامة سينقسم حزب الاستقلال وكثير من أعضائه سيغادرونه أو يجمدون نشاطهم؟

- من يساندون الآن برنامج «التغيير» سيعززون الحزب من جديد ويعملون على إعادة إشعاعه كما كان في السابق. نحن قوتنا تكمن في قوة الحزب، أما الآخرون فقوتهم في ضعفه. أتباع الفاسي معظمهم يعملون موظفين في مؤسسات الدولة ودواوين الوزراء، أما من يساندون شباط فهم رؤساء البلديات والأطر (الكوادر) العليا والنقابة والشبيبة ومنظمة المرأة.

* إذا فزتم بالأمانة العامة ما هو أول عمل ستقومون به؟

- أول أمر سأقوم به هو لم شمل الاستقلاليين، وتوحيد الحزب وإرجاع الأشخاص الغاضبين وهم كثر، وطمأنة الآخرين اليائسين. فأنا على علم بوضعية الحزب وبخطورة المرحلة على المستوى الوطني. كما سنعمل على وضع قوانين تنظيمية كان يفتقر لها الحزب.

* هل ستسحبون وزراء حزبكم من الحكومة في حالة فوزكم؟

- لا بد من إنجاح التجربة الحالية للحكومة التي يرأسها عبد الإله ابن كيران، وهذا أمر ضروري، ففي الوقت الذي اختارت فيه دول مجاورة العنف والدماء للتغيير، اختار المغرب طريق الإصلاح السياسي، ولا بد أن ننجح هذا الخيار والنموذج الأمثل للتغيير والتقدم.

* هل أنتم راضون عن الأداء الحكومي وأداء الوزراء الاستقلاليين على وجه الخصوص؟

- مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة هي مشاركة ضعيفة جدا.. فالوزراء اليوم تائهون.. الكفاءة موجودة لكن ما ينقص هو التنسيق في ما بينهم. نلاحظ نقصا كبيرا في الأداء، وتصريحات متضاربة، ليس من طرف وزراء «العدالة والتنمية»، ولكن أيضا من طرف وزرائنا، فمثلا هناك تصريحات وزير الاقتصاد والمالية حول الميزانية وقوله إن الأرقام كانت مغلوطة، وهو أمر كاد يفقدنا مصداقيتنا لدى المنظمات الدولية التي نتعامل معها. ولو كنت أنا على رأس حزب الاستقلال لطلبت من العاهل المغربي إقالة نزار بركة. لهذا سأعمل مستقبلا، وأنا على رأس الحزب، على ممارسة رقابة صارمة على وزراء الحزب، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو أمر لم يكن يحدث في عهد الأمين العام السابق.

* كيف ستكون علاقتكم بباقي الأحزاب الأخرى؟

- ستكون علاقة مبنية على الاحترام المتبادل بين كل الأحزاب السياسية، كما أن الموقع الجديد يستلزم طريقة وأسلوب تعامل جديدين، لأن شباط عمدة فاس أو القائد النقابي ليس هو شباط أمين عام حزب من أعرق الأحزاب المغربية، والمسؤولية الجديدة تحتم علينا طرق معاملة أخرى تتماشى والموقع الجديد. وأول شيء سنقوم به في هذا الباب هو فتح نقاش جدي مع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من أجل إحياء «الكتلة الديمقراطية» (تحالف حزبي كان يضم ثلاثة أحزاب) لكن بطريقة أخرى، لأننا نؤمن بأن إضافة كل من العدالة والتنمية والحركة الشعبية ستكون قوة إضافية داخل الحكومة، والمغرب اليوم بحاجة إلى حكومة ائتلاف وطني.

* قلتم إن أداء الحكومة ضعيف، كيف تجدون أداء المعارضة؟

- إذا كانت لدينا حكومة ضعيفة تلقائيا ستكون المعارضة هي الأخرى ضعيفة، وقوة الاثنتين رهينة أساسا بتقوية الأحزاب السياسية. كما أن المعارضة في هذه الحكومة تتحدث أكثر مما تعمل وتقول «لا» من أجل «لا» فقط لا غير.