نائب الرئيس السوداني: شباب الثورة في السودان ومصر يتطلعون لعلاقات متطورة بين البلدين

متمردو حركة تحرير السودان فصيل مني أركو تعلن مقتل 200 جندي من القوات الحكومية

TT

أكد علي عثمان محمد طه، النائب الأول للرئيس السوداني، بعد جلسة المباحثات المشتركة مع الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء المصري، أثناء زيارته الحالية للبلاد، أن العلاقة بين البلدين تمر بمرحلة «تجديد الإرادة»، وتعزيز التعاون المشترك.

وقال طه، إن رئيسي البلدين عمر البشير ومحمد مرسي، وجها بتطوير العلاقات في المجالات الزراعية والصناعية والثروة الحيوانية والنقل والاستثمار وإكمال اتفاق «الحريات الأربع». وكان ضمن ما أورده طه الاهتمام بالاستثمارات المصرية في السودان، معتبرا افتتاح فرع البنك الأهلي المصري بالخرطوم، أداة لتسهيل حركة الاستثمارات ومدخلا لتصحيح العلاقات بين البلدين، بيد أنه انتقد «ضمنا» العلاقة بقوله: «شعبا البلدين أضاعا وقتا طويلا في العبارات المنمقة والاتفاقات التي لا تنفذ».

وجدد طه ما قاله الرئيس البشير ذات مرة ردا على المظاهرات والاحتجاجات التي كانت تطالب بثورة «ربيع عربي سودانية»، حين قال: «السودان شهد الربيع العربي قبل 23 عاما»، فأعاد طه الفكرة ذاتها بقوله: «إن شباب الثورة في البلدين والأجيال الجديدة يتطلعون لعلاقات متطورة».

وردد هشام قنديل، رئيس الوزراء المصري هو الآخر بعض ما قاله طه، ولكن بلغة تقول ما تريد، وتتجاهل ما لا تريد، فمصر حسب المحللين تريد التركيز على المجالات الاقتصادية، وموضوع مياه النيل، لكنه لم يخف وجود «نقاط خلاف» دعا لتجاوزها، وهذا ما حاول الجانب السوداني القفز فوقه وتجاهله.

وافتتح قنديل فرع البنك الأهلي المصري بالخرطوم، ورأسماله 50 مليون دولار، مفصحا عما تريده بلاده، وهو «شراكة مع السودان في المجالات الزراعية والصناعية والأمن الغذائي والنقل والطرق». وتجاهل ماذا يريده السودان من مصر، والذي لخصته ندوة أقيمت بذات الاسم في الخرطوم في الآونة الأخيرة.

وتجاهل الطرفان النزاع على «مثلث حلايب»، الذي ظل «يهمز خاصرة» العلاقات السودانية - المصرية فيوجعها منذ الاستقلال، ولم تجئ سيرته بخير أو شر! تجاهلته الزيارة الحالية لرئيس الوزراء المصري للسودان، وربما زيارة الرئيس البشير لمصر.

وقال محلل سياسي طلب عدم الكشف عن اسمه: «يبدو أن الرئاسة المصرية أرادت بافتتاح فرع البنك في هذا التوقيت بالذات ترضية السوداني الطيب!».

وكان الرئيس البشير استقبل في مصر ببرود لم تشهده ساحات الدبلوماسية وتقاليدها، حيث لم يستقبله الرئيس محمد مرسي في مطار القاهرة، بل كاد الوفد الرئاسي يعود أدراجه لأنه تعرض لتفتيش شخصي لم يوقفه إلا تهديد وزير الخارجية، بل إن الرئيس مرسي لم يشارك في العشاء الذي نظمته السفارة السودانية للرئيس ووفده، ولم يشأ الرئيس المصري الإدلاء بتصريحات مشتركة مع ضيفه وترك الأمر للمتحدث باسم الرئاسة.

ولم تخرج زيارة الرئيس البشير لمصر بـ«بيان مشترك»، انتظره الصحافيون طويلا، في حين خرجت معلومات الزيارة ونتائجها من أفواه مسؤولين سودانيين، ومتحدث الرئاسة المصرية دون أن تحمل «اتفاقات محددة».

يذكر أن العلاقات السودانية - المصرية مرت بمنعطفات كثيرة، بدأت من المقاطعة الكاملة، عقب اتهام السودان بتخطيط محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ثم انفراجة نسبية، وصولا إلى مرحلة اللامبالاة والابتعاد عن كل ما هو سوداني حتى قيام الثورة المصرية.

وبعد الثورة وانتخاب الرئيس المصري محمد مرسي ووصول جماعة الإخوان المسلمين للسلطة في مصر، قدرت حكومة الخرطوم أن العلاقات بين البلدين ستكون في أوج متانتها باعتبار الحاكمين في البلدين «إسلاميين» رغم اختلاف طرق وصولهما للسلطة.

بيد أن التطورات اللاحقة أثبتت أن «إخوان مصر» لا يبدون حماسا «شديدا» لتمتين علاقاتهم مع الحاكمين في السودان، وأصيبت الخرطوم بخيبة أمل كبيرة من عدم وضع الرئيس مرسي الخرطوم في «أجندة» زياراته الخارجية.

وظلت الملفات «الخلافية» معلقة مثل مثلث حلايب، وتوقيع اتفاقية الحريات الأربع من قبل مصر، وتأجيل افتتاح الطريق البري قسطل - وادي حلفا من طرف واحد.

فهل أغضبت تصريحات الوزير مصطفى عثمان إسماعيل بهيئة الاستثمار في ندوة «ماذا يريد السودان من مصر؟» التي عقدت الشهر الحالي بالخرطوم، وقوله إن الطريق الساحلي الرابط بين البلدين لن يتم افتتاحه إلا بعد بحث قضية «مثلث حلايب»، مصر فأرادت إيصال رسالة إلى الخرطوم، أم أن الرئاسة المصرية و«إخوان مصر» أقرب منهم إلى الشق الآخر من الإسلاميين السودانيين «حزب المؤتمر الشعبي» المعارض بقيادة الدكتور حسن الترابي، أم أن مرسي لا يستطيع الدفاع عن علاقته بنظام السودان الذي جاء بانقلاب عسكري، في الوقت الذي يصرح فيه بدعم الثوار في سوريا؟! من جهة أخرى، أعلنت الجبهة الثورية ممثلة في حركة تحرير السودان فصيل مني أركو مناوي عن تصديها لهجوم شنته القوات الحكومية في طريقها إلى جبل مرة، وقالت إنها قتلت قائد القوة الحكومية برتبة عقيد مع 200 من جنوده، ولم يتسن التأكد من الجيش السوداني أو من مصدر مستقل، في وقت أعلن فيه متحدث باسم القوات المسلحة السودانية، أن قواته تمكنت من طرد متمردي الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية قطاع الشمال في منطقة «سردكم» في ولاية النيل الأزرق الحدودية مع جنوب السودان وإثيوبيا، ويشهد السودان هذا الشهر تصعيد في العمليات الحربية بين قواته المسلحة مع المتمردين في الجبهة الثورية وهي تحالف يضم الحركة الشعبية ومتمردي دارفور.

وقال آدم صالح أبكر، المتحدث العسكري باسم قوات مناوي لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الجبهة الثورية السودانية ممثلة في جيش تحرير السودان قامت بتدمير القوات الحكومية التي وصفها بقوات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. وأضاف أن قوات الحكومة كانت في طريقها إلى جبل مرة، وأن قواته استطاعت تدميرها والقضاء عليها، وأن من بقي منها لاذ بالفرار. وقال: «نطارد قوات الحكومة التي أصبحت على مشارف منطقة تابت التي بها أكبر معسكر لقوات الإبادة الجماعية شرق جبل مرة»، مشيرا إلى أن قواته استولت على معدات عسكرية ضخمة منها مدافع «هاوزر» وسيارات رباعية الدفع. وقال: «لقد قتل قائد قوات الحكومة وهو برتبة عقيد مع 200 جندي».

إلى ذلك، قال الصوارمي خالد سعد، المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني للمركز السوداني للخدمات الصحية الحكومي، إن القوات المسلحة السودانية اشتبكت مع متمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال في منطقة «سركم» في جنوب غربي ولاية النيل الأزرق الحدودية مع دولة جنوب السودان وإثيوبيا، مما أسفر عن مقتل وإصابة الكثيرين. وأضاف أن القوات المسلحة تواصل في تأمين المنطقة وتقوم بعمليات تمشيط واسعة.