اشتباكات ومظاهرات تعم أنحاء سوريا في جمعة «أحباب رسول الله في سوريا يذبحون»

النظام يجرف مناطق أحزمة الفقر.. وناشطون يحذرون من مخطط لاستيلاء النظام على الأحياء الجنوبية بالعاصمة

عنصر من الجيش الحر يبكي رفيقه الذي قتل بعد قصف القوات النظامية لموقعهم وصديقه يحتضنه مواساة له أمام مستشفى بحلب أمس (أ.ف.ب)
TT

لم تمنع ضراوة المعارك الحاصلة في مختلف أنحاء سوريا آلاف السوريين من الخروج في مظاهرات في المحافظات كافة في جمعة «أحباب رسول الله في سوريا يذبحون»، تزامنا مع المسيرات العالمية المستنكرة للفيلم المسيء للإسلام. وقال ناشطون إن الآلاف خرجوا في تجمعات هتفت لنصرة الرسول وللمدن المنكوبة، فيما تحدثت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن مقتل ما يزيد عن 75 شخصا يوم أمس في سوريا.

وشملت المظاهرات مدنا وبلدات في محافظات درعا، وحماه وحلب ودمشق وريفها والحسكة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وبثت صفحة «الثورة السورية» مقاطع فيديو لأكثر من مظاهرة خرجت في سوريا أبرزها في: طفس، حلفايا، كفر تخريم، عربين، الأبزمو، قامشلو، حرستا، اللطامنة، خربة غزالة، الرقة وحاس في إدلب. أما اللافتات التي حملها المتظاهرون فكتب عليها: كل أمر صعب على المجتمع الدولي إلا دعم نظام الأسد، ساقط ساقط يا بشار، ما منحبك، حر حر حرية ما عاد بدنا سلمية.

وتعرضت مظاهرات في حيي القصور والأربعين في مدينة حماه «لإطلاق نار رافقه عمليات اعتقال طالت عددا من المشاركين في المظاهرة»، بحسب المرصد. بينما تعرضت مظاهرة في بلدة الأتارب في ريف حلب إلى قصف تسبب بسقوط عدد من الجرحى.

وهتف متظاهرون في كفرنبل في محافظة إدلب، بحسب ما ظهر في شريط فيديو على موقع «يوتيوب» الإلكتروني: «إيه ويلا إيه ويلا، ما منركع إلا لله»، و«إيه ويلا إيه ويلا، منصورين بعون الله».

وشهدت مدينة حلب وريفها في شمال سوريا اشتباكات عتيفة بين القوات النظامية وعناصر الجيش الحر في محيط ثكنة هنانو العسكرية بحي العرقوب استخدمت خلالها الطائرات الحوامة رشاشاتها بالاشتباكات. كما وقعت اشتباكات في حي باب النصر وسمعت أصوات إطلاق رصاص كثيفة في حي حلب الجديدة، بينما تعرضت أحياء الصاخور وبستان الباشا للقصف. وتعرضت الأحياء الجنوبية للمدينة كبستان القصر والكلاسة للقصف من قبل القوات النظامية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال محمد الحلبي، الناطف باسم اتحاد تنسيقيات الثورة في حلب إن 9 مظاهرات خرجت داخل المدينة وبالتحديد في أحياء الشعار، مساكن هنانو، الخالدية والفرقان بالتزامن مع قصف شديد طال هذه الأحياء بالبراميل المتفجرة بعدما أصبح النظام يستخدمها بكثرة مع ضرب الجيش الحر لدفعية الزهراء. وأوضح الحلبي أن قوات الأمن حاولت اقتحام أحياء صلاح الدين والزبدية والصاخور والعرقوب لكنها فشلت وبعد اشتباكات ضارية مع الجيش الحر بتحقيق أي تقدم يذكر. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الجيش الحر لا يزال يسيطر على كل هذه الأحياء كما يحقق مكاسب أساسية من خلال استخدامه قذائف الهاون وبكثرة مؤخرا وهو استطاع من دك أكثر من حاجز بدقة متناهية، كان آخرها حاجز في الأعظمية». وكشف الحلبي عن ارتفاع صرف الدولار في حلب لحدود 77 ليرة سورية رغم أن قيمته تبلغ في دمشق 75 ليرة سورية، لافتا إلى أن النظام بات غير قادر على إدخال العملات الأجنبية إلى حلب لأن طريق المطار يسيطر عليها الجيش الحر.

وفي ريف حلب، أفاد المرصد عن وقوع اشتباكات في محيط مطار منغ العسكري، بينما أشارت «الهيئة العامة للثورة السورية» إلى أن قصفا مدفعيا مصدره المطار طال مدينة أعزاز في ريف حلب وقرى مجاورة لها.

وقال ناشطون إن القصف تجدد على بلدتي بشقاتين وخان العسل من قبل جيش النظام.

وقالت شبكة «شام» الإخبارية إن قوات الأمن والجيش السوري قامت بإغلاق مداخل مدينة حماه ومنعت الدخول والخروج منها وإليها وسط استنفار أمني على معظم الحواجز المنتشرة حول المدينة، وذلك بالتوازي مع حملة دهم واعتقالات في حيي كازو والمزارع.

أما في ريف دمشق فقد تجدد القصف المدفعي على مدينة الزبداني، كما تعرضت مدن المنطقة الغربية من ريف دمشق لقصف من مقر الفرقة الرابعة في جبال المعضمية. وقالت لجان التنسيق المحلية إن منطقة المليحة، شهدت على قصف عنيف بقذائف الهاون من إدارة الدفاع الجوي بعد خروج مظاهرة في البلدة تهتف لإسقاط النظام.

وفي درعا اقتحمت قوات النظام بلدة ناحتة بالدبابات والمدرعات وسط إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات تهز المنطقة، في حين تعرضت مدينة الكرك الشرقي في درعا لقصف مدفعي من مطار الثعلة العسكري بالمدينة.

وفي ريف دمشق تتعرض دوما لقصف مستمر يرافقه إطلاق نار، وذلك بعد يوم من تحطم مروحية تابعة للقوات النظامية في منطقة تل الكردي في ريف المدينة، تضاربت الروايات حول أسباب سقوطها.

وفي محافظة الرقة حيث سقط الخميس 30 شخصا على الأقل في انفجار في محطة للوقود في قرية عين عيسى، تحدث المرصد عن إطلاق نار كثيف في مدينة الرقة ترافق مع انتشار كثيف للقوات النظامية.

أما في محافظة الحسكة ذات الغالبية الكردية، فأقدم مسلح على اغتيال محمد والي، عضو الأمانة العامة للمجلس الكردي وأحد قياديي «حركة شباب الثورة» بإطلاق النار عليه أمام مبنى المجلس المحلي التابع للمجلس الوطني الكردي، بحسب المرصد.

وفي محافظة طرطوس، نفذت القوات النظامية حملة مداهمات في قرية البيضا التابعة لمدينة بانياس التي شهدت أحياؤها الجنوبية انتشارا أمنيا بعد أنباء عن خطف ضابط في المخابرات ومقتله فجر الجمعة في جنوب المدينة، بحسب المرصد. وفي حمص، أفادت الهيئة أن مدينة الرستن في ريف المدينة تتعرض منذ فجر الجمعة لقصف متواصل بالمدفية وراجمات الصواريخ.

ووجه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة نداء لتسهيل وصوله في شكل أكبر إلى مناطق النزاع في سوريا، موضحا أنه غير قادر على تقييم الحاجات في المناطق التي تشهد معارك عنيفة. وقالت عبير عطيفة، وهي متحدثة باسم البرنامج في دمشق، إن «المساعدة الغذائية تصل إلى كل المناطق سواء تلك التي تحت سيطرة الحكومة أو المعارضة، باستثناء المناطق التي توجد في قلب المعارك». وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن طائرة مساعدات روسية على متنها 38 طنا من المواد الغذائية وصلت صباح يوم أمس إلى مطار دمشق الدولي، بعد طائرة مساعدات روسية أخرى وصلت أمس محملة بالكمية نفسها.

وأظهر فيديو مسرب، قيام عنصر من جيش النظام السوري بتعذيب الناس على أحد الحواجز العسكرية، حيث ظهر عدد من المدنيين مكبلي الأيدي ملقون على الأرض ورافعين أرجلهم، في حين يقوم العسكري بضربهم بقضيب بكل قوة.

وأفادت وكالة «الأناضول» التركية عن نقل سبعة مصابين سوريين إلى المستشفى الحكومي في ولاية «كيليس» الحدودية مع سوريا، إثر إصابتهم خلال عبورهم إلى الأراضي التركية.

وفي غضون ذلك أعلنت قوات الجيش النظامي انتهاءها من عملية «تطهير منطقة الحجر الأسود بالكامل من الإرهابيين». وفي جنوب العاصمة حذر ناشطون من قيام النظام بعملية تهجير ممنهجة لأهالي الأحياء الجنوبية التي تتعرض لقصف عنيف منذ نحو أسبوعين، وبحسب مصادر متطابقة من الناشطين المعارضين والسكان تجري عمليات هدم وتجريف لعشرات المنازل في تلك الأحياء، وجاء ذلك بالتزامن مع إصدار الرئيس بشار الأسد مرسوما بإحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق ضمن المصور العام لمدينة دمشق لتطوير مناطق المخالفات والسكن العشوائي وفق الدراسات التنظيمية التفصيلية المعدة لهما من محافظة دمشق. وتشمل المنطقتان: مزة بساتين ومناطق اللوان والدحاديل ونهر عيشة والقدم والعسالي جنوب العاصمة، أي المناطق التي تشهد اشتباكات عنيفة وقصفا متواصلا، تليه عمليات تجريف واسعة، وتهجير للسكان إلى مناطق أخرى، مع الإشارة إلى أن هذه المناطق تعد جزءا كبيرا من حزام الفقر الذي يلف محيط العاصمة، وهي المناطق ذات الكثافة السكانية الأعلى والتي مثلت خزانا بشريا كبيرا للثورة، فكانت في مقدمة المناطق الثائرة على النظام.

ويطلق الخبراء الدوليون في مجال التنمية وصف «أحزمة الفقر» على المناطق التي لا تتوفر فيها أي من شروط الأمان ما يجعلها عرضة للانهيار، ولعدم توفر بنية تحتية. وكانت منطقة بساتين المزة التي تشتهر ببساتين الصبارة المعمرة قد تعرضت للتجريف والحرق منذ نحو شهرين بعد تنفيذ عملية عسكرية موسعة هناك، أسفرت عن نزوح عدد كبير من السكان وإحراق الكثير من المنشآت الصناعية الصغيرة، وإعدام عشرات من الأهالي ميدانيا.