حرب أكتوبر: مصر حصلت على وثيقة تستخف بقدراتها فاستغلتها لتضليل إسرائيل

في دفعة أخرى من الوثائق تكشف مزيدا من أسرارها

TT

قررت الرقابة العسكرية الإسرائيلية الكشف عن مزيد من الوثائق السرية لحرب أكتوبر 1973، ومن إحداها يتضح أن المخابرات المصرية كانت قد وصلت إلى مصادر مهمة في إسرائيل وأنها حصلت على وثيقة سرية بالعبرية، ساعدتها على تضليل إسرائيل وإبقائها في سكرة الاطمئنان بأن مصر لا تفكر في محاربتها.

وتتعلق الوثيقة الإسرائيلية العسكرية السرية بتقديرات للمخابرات العسكرية الإسرائيلية حول استعدادات مصر للحرب، حيث إن إسرائيل كانت قد تلقت معلومات استخبارية من مصر ودول عربية أخرى تفيد بأن مصر وسوريا تنويان شن الحرب على إسرائيل في القريب. فراحت المخابرات الإسرائيلية تفحص هذه المعلومات فوجدت أن المصريين يجلبون نساء وأطفالا للعمل في مناطق قرب مواقع الجيش ويجرون تحركات علنية. فخرجوا بالاستنتاج، حسب تلك الوثيقة، بأن الجيش المصري لا يبدي مظاهر جيش يريد القتال.

وقد وقعت هذه الوثيقة بأيدي مصر، فراحت تعزز هذه القناعة لدى الإسرائيليين. فجلبت المزيد من الأولاد والنساء. ونصبت خياما على طول قناة السويس. وكانت هذه الخيام غطاء للاستعدادات المصرية لكسر خط بارليف الحصين والتقدم لتحرير سيناء.

يذكر أن أسرارا كثيرة من حرب أكتوبر ما زالت سرية. ومع أن القانون الإسرائيلي يجيز فتح الملفات السرية بعد مرور 30 سنة على إعدادها، فإن اللجنة الوزارية لشؤون الرقابة، وكذلك الرقابة العسكرية، تمنعان نشر كثير من الوثائق بدعوى الحفاظ على الأمن. وقد تم، أول من أمس، تحرير مئات الوثائق السرية، أهمها إفادات عدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين أمام لجنة كاهن، التي أقيمت في حينه للتحقيق في إخفاقات الجيش الإسرائيلي في الأيام التي سبقت الحرب وكذلك في الأيام الأولى من تلك الحرب. ومع أن العديد من المعلومات أصبحت مكشوفة، فإنها تصبح أكثر أهمية بعد أن قيلت رسميا باسم وزير الخارجية، أبا ايبن، أو قائد اللواء الجنوبي في الجيش، شموئيل غونين (الملقب بـ«غوردوش») وغيرهما.

ويتضح أن مسؤولي «الموساد»، يصرون على رفض ما يقال في الجيش الإسرائيلي من أن أشرف مروان كان عميلا مزدوجا. ويؤكدون أنه كان عميلا مخلصا لإسرائيل. وأنه كان صادقا عندما اتصل مع مشغليه قبل يومين من الحرب وطلب لقاء عاجلا مع رئيس الموساد (جهاز الاستخبارات الخارجي في إسرائيل). وقد سافر إليه هذا ليلتقيه في لندن. واجتمع به في الليلة الأخيرة قبل الحرب. فأخبره بأن الحرب ستقع في الساعة السادسة من مساء السادس من أكتوبر. وبفضل هذه الإخبارية بدأت إسرائيل الاستعداد للحرب ابتداء من الساعة السادسة والنصف من صباح ذلك اليوم. ولكن الحرب نشبت قبل هذا الموعد بأربع ساعات (الثانية ظهرا).

إلا أن رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية كان قد رفض هذه التقديرات. وقال إن أشرف مروان كان عميلا مزدوجا استخدمه الرئيس المصري، أنور السادات، في أضخم عملية تضليل استخباري في تاريخ الحروب. فهذا الرجل كان زوج ابنة الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر وقربه السادات إليه وعينه مديرا لديوان رئاسة الجمهورية وبعد الحرب حصل على تقدير كبير وشوهد عدة مرات برفقة الرئيس السادات ومن بعده الرئيس حسني مبارك. وقد كان دوره أن يقنع إسرائيل بأن مصر لن تحارب. وحتى عندما أبلغها بموعد الحرب خدعها بقوله إن الحرب ستنشب في السادسة، بينما هي نشبت في الثانية. وخلال أربع ساعات تمكن الجيشان المصري والسوري من التقدم لمسافات طويلة في الأراضي التي تحتلها إسرائيل.

الجدير ذكره أن مروان كان قد توفي في ظروف غامضة في لندن في يونيو (حزيران) سنة 2007. وهناك رواية تقول إنه انتحر أو سقط من نافذة شقته بالخطأ. وهناك من يقول إنه قتل وسقوطه من نافذة شقته تم بعد أن دفعه شخص ما إلى الشارع. وأصحاب نظرية القتل يقولون إن مروان كان يعد كتابا عن حقيقة دوره وإن جهات عديدة لها مصلحة في أن لا يرى هذا الكتاب النور فقتلته واحدة أو أكثر من هذه الجهات.