مرسي يعيد «تيار استقلال القضاء» إلى واجهة المشهد السياسي بمصر

حصلوا على أرفع المناصب في عهده بعد سنوات من الصدام مع مبارك

TT

حدد الرئيس المصري محمد مرسي أول من أمس اختصاصات وصلاحيات نائبه المستشار محمود مكي، ومن أبرز هذه الصلاحيات إصدار القرارات واتخاذ الإجراءات التي تقتضيها الضرورة حال قيام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته، ولا يشمل ذلك طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو إقالة الحكومة، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات التي يفوضه فيها الرئيس في حالة وجوده خارج البلاد، والاطلاع على مشروعات القوانين والقرارات التي تقترحها الجهات المختصة ودراستها وإبداء الرأي بشأنها للرئيس.

وأسند الرئيس مرسي إلى نائبه قيادة مشروع الإصلاح التشريعي بما يكفل استقلال القضاء، وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات بما يحقق أهداف ثورة 25 يناير، ويؤسس لبناء الدولة الحديثة.

ويرى مراقبون أن قرار الرئيس مرسي بتحديد صلاحيات واختصاصات نائبه بهذه الصورة تعيد إلى واجهة المشهد السياسي صورة تيار استقلال القضاء والذي يعد المستشار محمود مكي أحد أبرز أعضائه، خاصة أن هذا التيار خاض مواجهات عنيفة مع نظام مبارك الذي ظل على مدار 30 عاما رافضا اختيار نائب له.

وخاض تيار استقلال القضاء وتحديدا ما بين عامي 2005 و2006 مواجهة عنيفة مع نظام مبارك عقب إحالة المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي إلى المحاكمة التأديبية على خلفية وصفهما أمام وسائل الإعلام للانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2005 بأنها «مزورة».

وعقب تولي مرسي رئاسة البلاد فاز قيادات التيار الذي واجه اتهامات بانتماء بعض أعضائه لجماعة الإخوان المسلمين بنصيب الأسد وبأرفع المناصب في السلطة، حيث تم اختيار المستشار محمود مكي نائبا للرئيس وكذلك المستشار أحمد مكي وزيرا للعدل، ثم اختيار المستشار حسام الغرياني رئيسا للجمعية التأسيسية للدستور وتعيينه عقب ذلك رئيسا للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان، ثم اختيار المستشار هشام جنينة، رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات.

ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة علق على هذا المشهد قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «اختيار الرئيس مرسي لقيادات تيار استقلال القضاء في مناصب عديدة رفيعة بالدولة يرجع إلى عدد من الأسباب أبرزها، أنه أراد أن يقلل من حجم الانتقادات الموجهة ضده ويستفيد من الإجماع الشعبي والوطني الذي يحظى به هؤلاء القضاة»، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه «يمكن أن يؤخذ الأمر في إطار محاولة تجميل المشهد العام لحكم مرسي».

ويوضح أمين أنه من بين أسباب الاختيار أنهم جميعا قضاة لهم مواقف محترمة وقد انتفضوا ضد نظام مبارك في سابقة هي الأولى من نوعها أن تقوم واحدة من سلطات الدولة (السلطة القضائية) بالانتفاض ضد السلطة التنفيذية التي يمثلها الرئيس، كما أنهم يمكن أن يؤدوا عملهم بكفاءة عالية وليست لديهم مطامع سياسية.

وحول الاتهامات التي توجه لقيادات تيار الاستقلال بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، قال: «لا ينتمون بأي حال لجماعة الإخوان المسلمين في أي درجة من تصنيفات الانتماء للجماعة سواء كمتعاطفين أو موالين، لكن الاتهام جاء من وجود هوى إسلامي لدى جموع القضاة بحكم مرجعية الشريعة الإسلامية في القضاء وهو ما خلق هوى عاما أعطى انطباعا بالانتماء للإخوان».

وأضاف: «ربما يكون اختيار الرئيس مرسي لبعض قيادات القضاة دون آخرين جاء لاعتبارات أخرى، فمثلا تبني المستشاران حسام الغرياني وأحمد مكي نفس موقف مؤسسة الرئاسة ضد المحكمة الدستورية العليا في أزمة حكم حل مجلس الشعب، ساهم في حسم الموقف لصالح اختيارهما في منصبيهما، لكن في العموم القضاة هم أفضل اختيار لأنه يمكن الاطمئنان إليهم من الجميع».

وكان من بين المفارقات المصاحبة لمواجهة القضاة مع النظام السابق اعتقال الرئيس محمد مرسي من أمام دار القضاء العالي في 18 مايو (أيار) 2006 خلال مظاهرة نظمها المهندسون ضمن مظاهرات أخرى نظمتها قوى سياسية عديدة خلال المحاكمة التأديبية للمستشارين هشام البسطويسي الذي خاض عقب ذلك الانتخابات الرئاسية عن حزب التجمع اليساري عام 2011، ومحمود مكي الذي تم اختياره نائبا للرئيس.

ومن جانبه، قال الرئيس السابق لنادي قضاة مصر أحد قيادات تيار استقلال القضاء المستشار زكريا عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» إنه من الطبيعي أن يقوم النظام الجديد باختيار من تصدوا للنظام القديم في مواقع سياسية هامة. وأضاف: «لكن ليس كل من تولى منصبا في الوقت الحالي كان له دور في التصدي للنظام السابق»، موضحا أن المعروفين من قيادات تيار استقلال القضاء كانوا يتصدرون المشهد الإعلامي، حيث يوجد كثير من القضاة غير المعروفين تصدوا للنظام السابق ودافعوا عن استقلال القضاء. وأضاف: «استقلال القضاء ليس تنظيما ولا حركة لكنه فكرة آمن بها كثير من القضاة، ومصطلح تيار استقلال القضاء أطلقته علينا وسائل الإعلام منذ بداية معركة المطالبة باستقلال القضاء».

وحول واقعة اعتقال الرئيس مرسي في المظاهرات المتضامنة مع القضاة، قال عبد العزيز: «لم أكن أعرف مرسي وقتها، لكن في هذا اليوم تم اعتقال العديد من النشطاء كان من بينهم عدد من المهندسين».