البطالة تدفع الخريجين في غزة للأعمال اليدوية والسعي للهجرة

زيادة عدد التلاميذ في الصفوف قلل الحاجة إلى أعداد كبيرة من حملة الشهادات الجامعية

TT

كانت صدمة إسلام عودة، 22 عاما، كبيرة عندما فوجئت بعدم تضمين اسمها في قائمة المقبولين في سلك التدريس في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) للعام الدراسي 2012 -2013.. فإسلام تخرجت في كلية التربية تخصص لغة عربية بتقدير «ممتاز». والمعروف أن الطلاب الذين يحصلون على مثل هذا التقدير يتم استيعابهم في سلك التعليم بشكل مؤكد. لكن في هذا العام لم يتم قبول أحد إلا عددا قليلا جدا من الحاصلين على هذا التقدير وذلك بسبب الأزمة المالية التي تواجهها «الأونروا». وهكذا، فإن جميع الخريجين الجامعيين الذين حصلوا على تقدير «جيد جدا» و«جيد» لم يتم قبولهم في سلك التدريس في «الأونروا».

وبعد أن كانت الوكالة المستوعب الرئيسي للخريجين في سلك التعليم، فإنها في هذا العام أقدت على زيادة عدد الطلاب في الصفوف في بعض المدارس من 30 طالبا إلى أكثر من 50 طالبا، وذلك لتقليص الحاجة إلى مزيد من المدرسين.

في المقابل تستوعب وزارة التربية والتعليم عددا أكبر من الخريجين للعمل كمدرسين من «الأونروا»، إلا أن العدد الذي يتم استيعابه في المدارس التابعة للوزارة يظل أقل بكثير من عدد الخريجين، الذي يقدر بنحو خمسة آلاف خريج سنويا. وحسب معطيات مركز الإحصاء الفلسطيني، فقد بلغت نسبة البطالة في صفوف الخريجين الجامعيين في النصف الأول من عام 2011 نحو 46 في المائة. وأدى هذا الواقع إلى لجوء الكثير من الخريجين للعمل في الأعمال اليدوية، مثل أعمال البناء.

وأحد هؤلاء الخريجين الذين لجأوا للأعمال اليدوية هو خليل، خريج قسم الرياضيات بتقدير «جيد جدا» قبل ثلاث سنوات.. فبعد أن يئس هذا الخريج من إمكانية العثور على عمل في مجال التعليم، لم يجد بدا من العمل كعامل مع شقيقه مقاول بناء في المنطقة الوسطى من قطاع غزة. ويقول خليل إنه لولا هذا العمل لما تمكن هذا الصيف من عقد قرانه.

ليس هذا فحسب بل إن الأوضاع البائسة التي يعاني منها الخريجون دفعت بعضهم للعمل في مهن خطيرة، مثل أنفاق التهريب بين مصر وقطاع غزة، حيث تزداد نسبة المخاطرة بشكل كبير.

لكن أكثر ما بات يستهوي الخريجين العاطلين هو السعي لمغادرة القطاع والبحث عن فرص عمل في الخارج. وتتصدر ليبيا قائمة الدول الأكثر إغراء بالنسبة لهؤلاء. ومثال على هؤلاء، إبراهيم، الذي يقطن مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع، والذي تخرج قبل أربعة أعوام، وبعد مكابدة مع البطالة، لم يجد بدا من التوجه لمصر عبر معبر رفح، ومن هناك إلى ليبيا وهو يعمل في مجال تربية الدواجن هناك.

من ناحيته، يرى الدكتور ماهر الطباع، خبير ومحلل اقتصادي، أن معالجة مشكلة الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل تتطلب أولا معالجة ضعف الارتباط بين التعليم ومتطلبات سوق العمل، حيث يؤكد أن النظام التعليمي الفلسطيني لا يستطيع أن يخرج العمالة المناسبة لاحتياجات سوق العمل وفق دراسات وخطط معدة. ويرى الطباع أنه يتوجب تطوير برامج تدريبية لتحقيق مرونة للعمالة لتكون قادرة على التجاوب مع التغيرات التكنولوجية التي قد تتطلب الانتقال بين القطاعات الإنتاجية المختلفة. وأضاف أنه «يتوجب توفير المعلومات والبيانات عن طبيعة الأنشطة الاقتصادية وتطورها وأساليب الإنتاج المستخدمة، ومعرفة حجم وطبيعة المعروض من قوة العمل وتقدير الطلب عليها مما يمكن من تقدير احتياجات الأنشطة الاقتصادية المختلفة من مختلف فئات المهن والمهارات».