عبد الكريم العقدة: مصور «الثورة الحموية».. حتى الشهادة

عدد الفيديوهات المحملة على قناته في «يوتيوب» أكثر من 1250 مقطعا

عبد الكريم العقدة
TT

أبى عبد الكريم العقدة المعروف بـ«أبو حسن»، وهو مصور الثورة السورية والحموية بالتحديد، إلا أن ينتقم لأفراد عائلته الذين قتلوا أو اعتقلوا على أيدي قوات النظام، فقرر أن يكون ناقلا للواقع وعين الحقيقة «التي لا يمكن لأحد أن يخفيها، فهي لا بد أن تنتفض من تحت الرماد»، بحسب ما كتبه أبو حسن في صفحته على موقع «فيس بوك» قبل أيام قليلة من مقتله.

من عامل بناء وسائق جرافة إلى ثائر حتى الشهادة، انتقل أبو حسن (26 عاما) ليحمل على كتفه الكاميرا متنقلا بين أحياء حماه المنتفضة راصدا تحركات قوات النظام والعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الحر مرددا «يا رب الشهادة»، غير آبه بملاحقته ومحاولات قتله مرات عدة. هو من بين عشرات الشباب الذين قرروا الخروج للمرة الأولى للتظاهر من جامع «عمر بن الخطاب» في حي الأربعين في 25 مارس (آذار) 2011، ليصبح من أبرز هؤلاء وأكثرهم جرأة، بعدما رفع كاميراته بوجه النظام وقواته التي اعتقلت زوجته وأخاه منذ رمضان عام 2011، وأحرقت منزله ومنزل أخيه، وقتلت ابنة خالته وأطفالها الثلاثة في مجزرة في حماه ذبحا بالسكاكين.

ولد «أبو حسن» وترعرع في حي مشاع الأربعين، أحد أكثر الأحياء فقرا في حماه، وناضل في سبيلها ليقتل تحت سقف أحد منازلها حرقا، ويقول معارضون إن قوات النظام لم تكتف بذلك، بل عمدت أيضا إلى اعتقال جثته.. مع العلم، رغم حاجته للمال، أن أبو حسن لم يكن يوما يبخل على «ثورته»، فهو كان إن حصل على مبلغ مهما كان قليلا، يستفيد منه لدعم نشاطه الثوري بشراء ما يحتاج إليه في التصوير. وكان قد عمد مع بعض الناشطين، قبل أيام قليلة من مقتله، إلى طلب المساعدة المادية له عبر صفحات التواصل الاجتماعي، ولكنه فارق الحياة قبل أن تصل إليه، فمات مدينا.

وفي حين يلفت أبو غازي الحموي، عضو مجلس ثوار حماه، إلى أن أبو حسن تلقى «ألف باء» التصوير على أيدي أحد مصوري «شبكة شام»، لكنه يشير إلى أنه لم يكن مراسلا مرتبطا بجهة أو وسيلة إعلامية محددة، بل كان متطوعا لخدمة الثورة على كل الجبهات، كان يعمد إلى إرسال مقاطع الفيديو إلى معظم المواقع، لأن هدفه الأول والأخير كان تصوير ما يحصل على أرض الواقع ونقله إلى العالم.

من جهتها، نعت شبكة «شام» من قالت إنه مراسلها ومصورها في مدينة حماه السورية عبد الكريم العقدة في اقتحام حي الأربعين في المدينة.

وقالت «شام» على موقعها الإلكتروني إن مراسلها كان من أهم الذين رصدوا أحداث الثورة، وقد بلغ عدد الفيديوهات المحملة على قناته في «يوتيوب» أكثر من 1250 مقطعا من داخل مناطق القتال.

ووصفت الشبكة العقدة بـ«المصور البطل» و«رجل المخاطر في حماه»، مضيفة أنه «لم يطلب منه يوما تصوير أي فيديو مهما كان خطرا ويهدد حياته ورفض، بالعكس كان هو من يبحث عن مكان الخطر قريبا من القصف والاقتحامات والشبيحة ليصور فيه وينقل الحقيقة».

وعن كيفية مقتله، قالت الشبكة «كان أبو حسن ورفاقه نضال بكور وحمزة بكور وباسل كنان، مستعدين لبدء يوم جديد من الثورة، وإذ بقوات من عصابة الغدر تطوق المنزل حيث كانوا موجودين ليتم قتلهم ويحرق المنزل». وقالت الشبكة إن العقدة نال ما أراد.. فقد كان «يمسك الكاميرا وهو يهمس: (يا رب الشهادة)».