تركيا: أحكام بسجن 322 ضابطا بتهم التخطيط لإطاحة الحكومة

السجن 20 عاما لـ3 جنرالات بينهم العقل المدبر المفترض لعملية «مطرقة الحداد»

الضباط المتهمون أثناء وصولهم على متن حافلة إلى المحكمة في سيليفري بضواحي إسطنبول أمس (ا.ب.ا)
TT

أصدرت محكمة تركية أمس أحكاما بالسجن بحق 322 ضابطا، بينهم 3 جنرالات متقاعدين، بعد إدانتهم بالتآمر لإطاحة الحكومة الإسلامية المحافظة في 2003، بينما برأت 34 آخرين في القضية نفسها. وقضت المحكمة بالسجن لمدة 20 عاما على 3 جنرالات أدينوا بالتآمر لإطاحة حكومة حزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي. وأعلن القضاة في البداية أنهم حكموا على الجنرالات الثلاثة المتقاعدين بالسجن مدى الحياة، ثم قالوا إن عقوبتهم ستخفض إلى السجن 20 عاما، لأن جرائمهم لم تقع. وخلال المحاكمة، طلب الادعاء إنزال عقوبات بهؤلاء المتهمين تصل إلى السجن 20 عاما.

وكانت محاكمة هؤلاء العسكريين، وعددهم إجمالا 365، قد استؤنفت أمس في أجواء متوترة بمحكمة سيليفري في إحدى ضواحي إسطنبول، بينما ظل المتهمون والجمهور ينتظرون إعلان الحكم منذ الخميس. وقبل وصول القضاة أمس، استقبل المئات من أقارب المتهمين الذين تجمعوا في قاعة المحكمة، كل متهم بالتصفيق الحار لدى دخوله. وهتف البعض «تركيا فخورة بكم» عدة مرات وسط الحشد الذي تفاقم توتره نتيجة الانتظار المطول لنهاية هذه المحاكمة التي انطلقت في أواخر عام 2010، وانتظر نحو 7 ساعات مساء أول من أمس صدور الحكم في قضية «مطرقة الحداد».

وتعد الأحكام الصادرة أول من أمس في إطار مجموعة من المحاكمات المثيرة للجدل في تركيا لمسؤولين سابقين في الجيش، الذي كان واسع النفوذ حتى وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في 2002 بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. ومن بين الضباط الثلاثة الكبار الذين أدينوا، الجنرال السابق تشيتين دوغان الذي اعتبر العقل المدبر للعملية.

ويلاحق العسكريون المتهمون لمشاركتهم في هذه المؤامرة التي كانت تستهدف التحريض على سلسلة من الاعتداءات لبث الفوضى في تركيا وتبرير تدخل الجيش للإطاحة بحزب العدالة والتنمية. ونفى المتهمون جميعا هذه التهمة وصحة الأدلة التي جمعت ضدهم، قائلين إن العملية لم تكن في الواقع سوى سيناريو لمناورة نظرية. واتهموا في المقابل السلطة والقضاة بأنهم يريدون تطهير الجيش، حارس العلمانية المعلنة من جانب واحد في تركيا، لتسريع فرض أحكام الشريعة في البلاد.

و«مطرقة الحداد» هو اسم المؤامرة التي يفترض أن الجنرال السابق تشيتين دوغان وغيره من العسكريين خططوا لها عام 2003 للإطاحة بحزب العدالة والتنمية. وأشار القرار الاتهامي إلى أن العملية نصت على سلسلة هجمات هدفها زرع البلبلة في تركيا لتبرير تدخل الجيش لإعادة الأمن. ومن بين المتهمين الـ365، يمثل 250 وهم قيد التوقيف الاحتياطي.

وهذه المحاكمة التي انطلقت في ديسمبر (كانون الأول) 2010 هي الأكثر إثارة للضجة من بين قضايا عدة بتهمة التآمر برزت منذ 2007 في تركيا، لأنها تهاجم مباشرة الجيش الذي تعذر التعرض له من قبل نظرا إلى تعيين نفسه حاميا للعلمانية في بلاد ذات أغلبية مسلمة.. فوراء اتهامات النيابة التي قابلتها اتهامات دوغان تتواجه نظرتان للمجتمع التركي.. فبالنسبة إلى الأوساط الموالية للحكومة التي غالبا ما تكون محافظة ومتدينة، فإن محاكمات السنوات الأخيرة تشكل تقدما ملحوظا في إحلال الديمقراطية بتركيا، وفي إلزام جيش نفذ أربعة انقلابات خلال نصف قرن باحترام دولة القانون.